عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم في التعليم ورفقه في الدعوة (2)

من أروع الأمثلة والنماذج الدالّة على رفقه صلى الله عليه وسلم في التعليم، والدعوة إلى الله تعالى ما جاء في الحديث عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ.؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي [أي: ما نهرني]، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي، قَالَ: ( إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ )، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإِسْلامِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: فَلا تَأْتِهِمْ، قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ، قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَماً لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أُعْتِقُهَا.؟ قَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللهُ ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ) [رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة برقم /836/].

وعلّق الإمام النوويّ رحمه الله على هذا الحديث بقوله: " وفيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق، الذي شهد الله تعالى له به، ومن رفقه بالجاهل، ورأفته بأمّته، وشفقته عليهم، وفيه التخلّق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل، وحسن تعليمه، واللطف به، وتقريب الصواب إليه ".

ويشبه هذا الحديث ما جاء من رفقه صلى الله عليه وسلم ولطفه في تعليم الجاهل، وتحمّل أذاه: ما رواه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: ( إِنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلاً مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ ) [رواه مسلم في كتاب الطهارة برقم/429/].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ المَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّداً، وَلا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَداً، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعاً، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ دَلْواً مِنْ مَاءٍ، أَوْ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ ) [رواه أحمد في المسند برقم /6957/].

والتعليم الحقّ هو الذي يكون مبعثه ودافعه: الرحمة والرفق بعباد الله، والاجتهاد في نصحهم، ونشر دين الله وتبليغ رسالته: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين}[الشعراء:214]، دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيْشاً، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللهِ شَيْئاً، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِماً، سَأَبُلُّهَا بِبَلالِهَا ) [رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم /303/].

زاد في رواية الترمذيّ في كلّ مرّة: (.. فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللهِ ضَرّاً وَلا نَفْعاً ) [في كتاب تفسير القرآن عن رسول الله برقم/3109/].

وعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، قَالَ: نَعَمْ، لَمَّا بَلَغَنِي خُرُوجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهْتُ خُرُوجَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، خَرَجْتُ حَتَّى وَقَعْتُ نَاحِيَةَ الرُّومِ، وَقَالَ يَعْنِي يَزِيدَ: بِبَغْدَادَ، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى قَيْصَرَ، قَالَ: فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ أَشَدَّ مِنْ كَرَاهِيَتِي لِخُرُوجِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لَوْلا أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِباً لَمْ يَضُرَّنِي، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَلِمْتُ، قَالَ: فَقَدِمْتُ فَأَتَيْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ قَالَ النَّاسُ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، ثَلاثًا، قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي عَلَى دِينٍ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ، فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِدِينِي مِنِّي ؟! قَالَ: نَعَمْ، أَلَسْتَ مِنْ الرَّكُوسِيَّةِ، وَأَنْتَ تَأْكُلُ مِرْبَاعَ قَوْمِكَ، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ قَالَهَا، فَتَوَاضَعْتُ لَهَا، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ مَا الَّذِي يَمْنَعُكَ مِنْ الإِسْلامِ، تَقُولُ: إِنَّمَا اتَّبَعَهُ ضَعَفَةُ النَّاسِ، وَمَنْ لا قُوَّةَ لَهُ، وَقَدْ رَمَتْهُمْ الْعَرَبُ، أَتَعْرِفُ الحِيرَةَ ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَا، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنْ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارِ أَحَدٍ، وَلَيَفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ، وَلَيُبْذَلَنَّ المَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: فَهَذِهِ الظَّعِينَةُ تَخْرُجُ مِنْ الحِيرَةِ فَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِوَارٍ، وَلَقَدْ كُنْتُ فِيمَنْ فَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةُ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَهَا " [رواه أحمد في أوّل مسند الكوفيّين برقم /17548/].

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَباً مَرْحَباً بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاقْنُوهُمْ ) قُلْتُ لِلْحَكَمِ: مَا اقْنُوهُمْ ؟ قَالَ: عَلِّمُوهُمْ " [رواه ابن ماجة في كتاب المقدّمة برقم/243/].

ومن المواقف الدالّة على عظمة أخلاقه صلى الله عليه وسلم في التعليم، ورفقه في الدعوة إلى الله: حسن استقباله لوفد عبد القيس، وتعليمهم وحسن ضيافتهم: عَن شِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ: أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُوَ يَقُولُ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ، أَوْسَعُوا لَنَا فَقَعَدْنَا، فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ ؟ فَأَشَرْنَا جَمِيعاً إِلَى المُنْذِرِ بْنِ عَائِذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَهَذَا الأَشَجُّ ؟ فَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ عَلَيْهِ هَذَا الاسْمُ، لِضَرْبَةٍ بِوَجْهِهِ بِحَافِرِ حِمَارٍ، فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَتَخَلَّفَ بَعْدَ الْقَوْمِ، فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ، وَضَمَّ مَتَاعَهُمْ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَتَهُ، فَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ بَسَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَهُ وَاتَّكَأَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الأَشَجُّ أَوْسَعَ الْقَوْمُ لَهُ، وَقَالُوا: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَوَى قَاعِداً، وَقَبَضَ رِجْلَهُ: هَاهُنَا يَا أَشَجُّ، فَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَوَى قَاعِداً، فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَلْطَفَهُ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ بِلادِهِ، وَسَمَّى لَهُ قَرْيَةَ الصَّفَا، وَالمُشَقَّرِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ قُرَى هَجَرَ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ لأَنْتَ أَعْلَمُ بِأَسْمَاءِ قُرَانَا مِنَّا، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَطِئْتُ بِلادَكُمْ، وَفُسِحَ لِي فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَكْرِمُوا إِخْوَانَكُمْ، فَإِنَّهُمْ أَشْبَاهُكُمْ فِي الإِسْلامِ، وَأَشْبَهُ شَيْءٍ بِكُمْ شِعَاراً وَأَبْشَارًا، أَسْلَمُوا طَائِعِينَ، غَيْرَ مُكْرَهِينَ، وَلا مَوْتُورِينَ، إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا، حَتَّى قُتِلُوا، فَلَمَّا أَنْ قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتُمْ كَرَامَةَ إِخْوَانِكُمْ لَكُمْ، وَضِيَافَتَهُمْ إِيَّاكُمْ ؟ قَالُوا: خَيْرَ إِخْوَانٍ، أَلانُوا فَرْشَنَا، وَأَطَابُوا مَطْعَمَنَا، وَبَاتُوا، وَأَصْبَحُوا يُعَلِّمُونَنَا كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، فَأُعْجِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَفَرِحَ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَجُلاً رَجُلاً، يَعْرِضُنَا عَلَى مَا تَعَلَّمْنَا وَعَلِمْنَا، فَمِنَّا مَنْ تَعَلَّمَ التَّحِيَّاتِ وَأُمَّ الْكِتَابِ، وَالسُّورَةَ، وَالسُّورَتَيْنِ، وَالسُّنَّةَ، وَالسُّنَّتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ أَزْوَادِكُمْ شَيْءٌ ؟ فَفَرِحَ الْقَوْمُ بِذَلِكَ، وَابْتَدَرُوا رِحَالَهُمْ، فَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مَعَهُ صُبْرَةٌ مِنْ تَمْرٍ، فَوَضَعَهَا عَلَى نِطْعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَوْمَأَ بِجَرِيدَةٍ فِي يَدِهِ كَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا، فَوْقَ الذِّرَاعِ وَدُونَ الذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا التَّعْضُوضَ ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُبْرَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى صُبْرَةٍ فَقَالَ: أَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِيَّ ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ تَمْرِكُمْ، وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ، قَالَ: فَرَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ فَأَكْثَرْنَا الْغَرْزَ مِنْهُ، وَعَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهِ، حَتَّى صَارَ عُظْمَ نَخْلِنَا وَتَمْرِنَا الْبَرْنِيُّ قَالَ: فَقَالَ الأَشَجُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ ثَقِيلَةٌ وَخِمَةٌ، وَإِنَّا إِذَا لَمْ نَشْرَبْ هَذِهِ الأَشْرِبَةَ، هِيجَتْ أَلْوَانُنَا، وَعَظُمَتْ بُطُونُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ، وَلْيَشْرَبْ أَحَدُكُمْ فِي سِقَائِهِ، يُلاثُ عَلَى فِيهِ، فَقَالَ لَهُ الأَشَجُّ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، رَخِّصْ لَنَا فِي هَذِهِ، فَأَوْمَأَ بِكَفَّيْهِ، وَقَالَ: يَا أَشَجُّ إِنْ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ، وَقَالَ بِكَفَّيْهِ هَكَذَا، شَرِبْتَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ، وَفَرَّجَ يَدَيْهِ وَبَسَطَهَا، يَعْنِي أَعْظَمَ مِنْهَا، حَتَّى إِذَا ثَمِلَ أَحَدُكُمْ مِنْ شَرَابِهِ، قَامَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ فَهَزَرَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ فِي الْوَفْدِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَصَرٍ، يُقَالُ لَهُ: الحَارِثُ، قَدْ هُزِرَتْ سَاقُهُ فِي شُرْبٍ لَهُمْ، فِي بَيْتٍ تَمَثَّلَهُ مِنْ الشِّعْرِ، فِي امْرَأَةٍ مِنْهُمْ، فَقَامَ بَعْضُ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ فَهَزَرَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَقَالَ الحَارِثُ: لَمَّا سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلْتُ أُسْدِلُ ثَوْبِي، لأُغَطِّيَ الضَّرْبَةَ بِسَاقِي، وَقَدْ أَبْدَاهَا اللهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ) [رواه أحمد في المسند برقم /17162/ وقال المنذريّ: إسناده صحيح، وقال الهيثميّ (8/178): ورجاله ثقات].

وأخرجه عبد الرزّاق عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، قال: كنّا جلوساً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ( جاءكم وفد عبد القيس، ولا نرى شيئاً، فمكثنا ساعةً، فإذا قد جاءوا، فسلّموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم.. ثمّ أمر بكلّ رجل منهم رجلاً من المسلمين، ينزله عنده، ويقرئه، ويعلّمه الصلاة، فمكثوا جمعةً، ثمّ دعاهُم فوجدهم قد كادوا أن يتعلّموا، وأن يفهموا، فحوّلَهم إلى غيرهم، ثمّ تركهم جمعةً أخرى، ثمّ دعاهم فوجدهم قد قرأوا وتفهّموا، فقالوا: يا رسول الله قد اشتقنا إلى بلادنا، وقد علّم الله خيراً وفقهنا، فقال: ارجعوا إلى بلادكم.. ) [انظر حياة الصحابة 3/184/].

وفي الصحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: ( إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ ) [رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم /24/، والترمذيّ في كتاب البرّ والصلة عن رسول الله برقم /1934/ وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ].

وروى أبو داود بسنده، قال: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ عَنْ جِدِّهَا زَارِعٍ، وَكَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَهُ قَالَ: وَانْتَظَرَ المُنْذِرُ الأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: ( إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ )، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمْ اللهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا ؟ قَالَ: ( بَلْ اللهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا ) قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ ) [ رواه أبو داود، في كتاب الأدب برقم/4548/.].

ولقد أجمع المربّون على أنّ أهدى سبل التربية والتعليم، وأقوم مناهج الحكمة ألاّ يقنع المربّي باقتلاع رذيلة، حتّى يغرس مكانها فضيلة، وألاّ يرضى بهدم منكر حتّى يبني على أنقاضه معروفاً، وأن يكون تعليمه بسيرته وسلوكه، قبل أن يكون تعليمه بكلامه، وأن يتدرّج في تعليم المتعلّم، فلا يلقي عليه بالمسائل الكثيرة في المجلس الواحد، كما لا يحمّله من مسائل العلم ما لا يناسب سنّه أو قدرة عقله.. وكلّ ذلك كان من أسلوب سيّد المرسلين والمربّين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وكان شأنه في تربيته وتعليمه، ودعوته إلى الحقّ، وهدايته إلى الرشد، وما جاء به من منهج ربّانيّ شامل، منذ بعثه الله ليتمّم مكارم الأخلاق.

وتمتزج التربية بالتعليم في رسالة الإسلام، وفي سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وهديه حتّى لا يكاد المرء يميّز بينهما، كما تمتزج الدعوة إلى الله تعالى بالتربية التعليم، حتّى يصحّ أن يقال عنهما: إنّهما وجهان لعملة واحدة.

فمن أساليبه صلى الله عليه وسلم الرفيقة في التعليم: التعليم بالقدوة والسلوك العملي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ( مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ.؟! أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ ؟! فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا: وَوَصَفَ الْقَاسِمُ: فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ).

وَزَادَ فِي رواية: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ) [رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم /855/].

وَزَادَ فِي رواية: ( فَقَالَ: أَرُونِي عَبِيراً، فَقَامَ فَتًى مِنْ الحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمْ الخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.. )

وكان من رحمته صلى الله عليه وسلم بأصحابه وأمّته: التدرّج في التعليم، فكان يقدّم الأهمّ فالأهمّ، ويعلّم شيئاً بعد شيء، ليكون العلم أقرب تناولاً، وأثبت على الفؤاد علماً وفهماً، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: ( إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْماً أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ ) [رواه البخاري في كتاب الزكاة برقم /1401/، ومسلم في كتاب الإيمان برقم /27/].

وقد كان التدرّج منهج الصحابة في التلقّي، حتّى في تلقّي القرآن الكريم، مع ما عرف عنهم من شدّة حرصهم، وعظيم رغبتهم في تلقّي القرآن، فعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلميّ المقرئ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آيَاتٍ، فَلا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الأُخْرَى، حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ ) [رواه أحمد في المسند برقم /22384/].

ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمتعلّمين: تعهدهم بين الحين والآخر، كيلا يملّوا أو يسأموا، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ بَابِ عَبْدِ اللهِ نَنْتَظِرُهُ، فَمَرَّ بِنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ، فَقُلْنَا: أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: إِنِّي أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلاّ كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا ) [رواه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنّة والنار برقم /5047/].

ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمتعلّمين: التلطّف بهم في القول، والتشويق قبل إلقاء العلم أو الموعظة؛ والتشويق يكون بأساليب كثيرة، لعلّ أهمّها الجذب العاطفيّ نحو المعلّم، ليكون تلقّي المتعلّم منه أوثق وأتمّ: عَنْ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيُّ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: ( يَا مُعَاذُ وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ )، وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ، وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ [رواه أبو داود في كتاب الصلاة برقم /1301/، والترمذيّ برقم /2393/ وابن حبّان برقم /2514/ وأحمد].

وزاد أحمد في روايته: قَالَ: ( يَا مُعَاذُ إِنِّي لأُحِبُّكَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ.. وفي آخره: وَأَوْصَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ [رواه أحمد في المسند برقم /21103/].

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد معلم الناس الخير، وعلى آله وصحبه.

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين