عداوة المجرمين للأنبياء والمرسلين: كيف نواجهها اليوم؟

قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين. وكفى بربك هاديا ونصيرا). من سورة الفرقان.

وقال سبحانه: (وكذلك جلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. ولو شاء ربك ما فعلوه. فذرهم وما يفترون). من سورة الأنعام.

هاتان الآيتان مكيتان، وآية الفرقان قبل آية الأنعام في النزول، لذلك فإن آية الأنعام تشرح للمؤمنين سبيل مواجهة عداوة المجرمين للأنبياء والرسل، وأنها تكون بالإعراض عن أقوالهم البذيئة وعدم مقابلتها بالمثل، بل وعدم الالتفات لما يفترونه (فذرهم وما يفترون). وبذلك تموت كلماتهم مكانها ولا تنتشر. وإذا المطلوب عدم الرد عليهم كلاما، فمن باب أولى عدم التعرض لهم باليد.

القضاء صاحب القرار

وقد يقول قائل : إن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقتل أشخاص معينين تطاولوا عليه وعلى الإسلام والمسلمين بأساليب خسيسة. 

وهذا صحيح، لكن لا بد من بيان وجه الصحة فيه: 

أولا - أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان في المدينة المنورة بعد إقامة الدولة، وامتلاك القوة القانونية التي تخوله ذلك، بينما في الفترة المكية، حيث نزلت هذه الآيات، وكانت حال المسلمين حال استضعاف لم يسجل ابدا أن النبي صلى عليه وسلم قد أمر بمثل ذلك. 

ثانيا - إنما أصدر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأحكام لأنه المرجع القضائي المخول الحكم بمثل هذه الأمور، ولم يأذن في المدينة لأحد أن يباشر الاقتصاص من المنافقين والمستهزئين من تلقاء نفسه. 

وكم من مرة استأذنه عمر وخالد رضي الله عنهما في الاقتصاص من بعض من اقترف ما يستوجب القصاص ، فلم يأذن لهم ، وهذا يؤكد أن المخول باستصدار الحكم وتنفيذه هو القضاء وليس أفراد الناس. 

وعليه فمن بادر الى الاقتصاص من المستهزئين أعداء الأنبياء والمرسلين ، دون إذن قضائي من المرجع المختص ، فقد اعتدى على سلطة القضاء واستحق بذلك العقوبة.

ما المطلوب؟

ومعركة القضاء اليوم ، حتى في ظل دول لا يحكمها الإسلام ، أنجح بكثير من المبادرات الفردية العنفية التي تؤدي تماما عكس المطلوب.

ولنا تجربة منذ عامين مع محكمة حقوق الإنسان الأوروبية التي أصدرت حكما بتجريم امرأة أوروبية أساءت إلى نبينا صلى الله عليه وسلم معتبرة ، هذه المحكمة ، ان الإساءة إلى مقدسات المسلمين لا تصنف ضمن حرية الرأي.

الخوف أن يكون الشباب الذين قاموا بما قاموا به في فرنسا والنمسا مستغَلين من قبل جهاة استخباراتية تريد عزل المسلمين عن سائر المكونات الدينية التي تشكل المجتمع الأوروبي. 

ذلك أن اليهود والمسيحيين ، في أوروبا ، لا يسلمون من حملات الاستهزاء والتطاول على معتقداتهم من جانب الصحافة التي تعتبر أنها تملك الحق في قول ما تشاء. 

وبالتالي هم والمسلمون في معركة واحدة ضد هذه الحملة المسعورة على المقدسات الدينية.

وفجأة يتم الإعتداء في فرنسا على كنيسة وعلى راهب، وفي النمسا على معابد ومراكز لليهود، علما أنهم لا علاقة لهم بتاتا في حملة الإساءة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم التي تقودها العلمانية المحاربة لكل العقائد. 

إن هذه الأفعال تفقد المسلمين نصيرين مهمين في معركة الدفاع عن المقدسات، وتتركهم وحيدين في ساحة المعركة القضائية التي يطالبون فيها باستصدار قانون دولي يجرم التعرض للمقدسات. 

فهذه الأفعال غير المسؤولة تعزل الإسلام، بحيث إن صدر مثل هذا القانون فإنه سيثتثني الإسلام، لأن أتباعه دمويون ومجرمون.. 

لذلك يحق لكل مسلم بالغ عاقل يغار على دينه أن يتساءل: من يقف وراء الهجمات في أوروبا على الكنائس ومعابد اليهود

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين