عبد الرحمن زين العابدين

 

1325 ـ 1410هـ

1907 ـ 1990م

الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد زين العابدين بن السيد أحمد بن السيد عيسى البالساني الأنطاكي الحلبي، وينتهي نسبه إلى سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

عالم عامل، وفقيه شافعي متبحر، شديد التمسك بمذهبه والانتصار له

ونحوي لغوي متمكن، وصناع دقيق عجيب، ورام هدّاف ماهر حذق الرماية، قل أن يجاريه أحد في فنونه.

ولد في مدينة أنطاكية التابعة للواء اسكندرون، سنة: خمس وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة، في أسرة علم وصلاح وفضل، فوالده الشيخ محمد زين العابدين (1) عالم مجاهد تولى إفتاء مدينة أنطاكية، وشارك في الجهاد ضد المستعمر الفرنسي وحملات التتريك التي تعرض لها اللواء.

في هذه البيئة الصالحة نشأ الشيخ وتلقى مبادئ علومه في المدرسة الابتدائية في مدينة أنطاكية، ثم لازم والده وأخذ عنه جلَّ علومه في الفقه والتفسير والعربية، ثم هاجر من موطنه مع عائلته فراراً بدينهم بعد سلخ لواء اسكندرون، عام: 1934م، حيث حكم على والده بالإعدام لمقاومته سياسة مصطفى كمال أتاتورك العلمانية القائمة على قطع كل الصلات التي تربط تركيا بالإسلام والعرب، فحمل سلاحه وراح يمشي وراء عائلته ووجهه للخلف ليراقب الطريق خشية أن يلحق بهم أحد من أنصار (أتاتورك)، بينما كان والده يمشي أمام الأسرة ويراقب الطريق خشية الكمائن، وقد عانى مع أهله في هذه الهجرة الكثير من التعب والجوع والمرض، إلى أن يسر الله لهم الوصول إلى حلب والإقامة فيها(2).

وفي مدينة حلب عاد إلى دأبه في طلب العلم، فجاور في المدرسة (الأحمدية)، والتقى جل علماء عصره في حلب، وأخذ عنهم العلوم الشرعية والعربية أمثال الشيخ محمد راغب الطباخ الذي أخذ عنه علوم الحديث والمصطلح والسيرة النبوية، وقرأ عليه عدداً من كتب الحديث والسيرة والتاريخ، كما قرأ في (الأحمديه) علم المنطق والتوحيد والفلسفة على شيخه الشيخ عبد السميع الكردي، وقرأ علوم اللغة العربية والفقه على شيخه الشيخ سعيد العرفي مفتي مدينة دير الزور، كما أخذ عن الشيخ علاء الدين النقشبندي، وغيرهم من الشيوخ، ثم انصرف إلى كتب العلم والتراث ينهل منها بنهم المحب العاشق، حتى برع في مختلف العلوم والفنون وخاصة في الفقه الشافعي، الذي أحب إمامه وأعجب به، فأتقن فروعه وأصوله ومسائله فلا يسأل عن مسألة فيه حتى ينطلق مفصلاً القول فيها، مبيناً أقوال المتقدمين والمتأخرين، ثم يأتي برأي الإمام في مذهبه القديم والجديد، ثم يبيّن مكان المسألة في كتب الشافعية، ثم في كتاب (الأم) للإمام محمد بن إدريس الشافعي، الذي يرى فيه القدوة ومثال العالم الحق والباحث الموضوعي المتميز في مختلف العلوم(3).

ولعل حبه للإمام الشافعي وإعجابه بدقة منهجه في التحري، واعتماده على النصوص المأثورة، جعله يرفض التقليد الأعمى، والشعوذة والخرافات في العلم فهو يقول: " التقليد هو إتباع الغير بلا إطلاع على الدليل... والبحث عن العلل هو العلم، وإلا كان عبثاً لا علماً كالدليل بالنسبة إلى الشرع... أما قولهم حدثني قلبي عن ربي فهذه لا أحد يقبل بها..."(4).

وقرأ مرة في كتاب (الفتوحات المكية) لابن عربي فقال: " لو سمع هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لقال منكراً: (ما شاء الله...هذا علم جديد استفدناه...! مَن علمنا إياه؟ النبي صلى الله عليه وسلم...؟"(5).

ولهذا فهو يكره أشد الكره الشيوخ المدعين، الذين يجمعون حولهم العوام، وكانت له أراء شديدة في بعض الشيوخ الذين ينقلون لأتباعهم القصص المختلقة عن الأولياء، أو يدّعون هم الولاية لأنفسهم ويرى

(أن الولي الحقيقي من تولى الشريعة بحذافيرها)(6) وكان ـ رحمه الله ـ ينكر على هؤلاء الشيوخ تصرفاتهم في جعل المريدين يعظمونهم وينحنون أمامهم ويقبلون أيديهم، وكان يمنع طلابه من تقبيل يده، متمثلاً بقول ابن الوردي:

أنا لا أختار تقبيل يد=ويد شحت وما سحت نداً

ما نضت سيفاً ولا هزت أسل=قطعها أولى بهاتيك القبل(7)

في يوم من الأيام دخل علينا الشيخ عبد الرحمن الصف، وهو يضحك مسروراً، فقلنا له خير إن شاء الله يا أستاذ؛ ما الذي يضحكك؟ فقال لنا: البارحة صرت شيخاً، فقلنا له: وكيف ذلك يا أستاذ؟ فقال: بعد انصرافي من المدرسة، لقيني رجل ريفي فأسرع نحوي، وحاول تقبيل يدي، وهو يبكي فقلت له: ماذا تريد؟ ولماذا تبكي؟ فقال لي: أريد ان تذهب معي إلى القرية وتتناول طعام الغداء عندي، فقلت له طيب أذهب معك؛ ولكن لماذا تبكي؟ فقال لي: يا شيخي دعوت شيخي (فلان) لتناول الغداء عندي، فوعدني بالإجابة، ففرحت بذلك، وأخبرت إخواني في القرية بأن الشيخ سيأتي لزيارتي ويتناول طعام الغداء عندي، فابتهج أهل القرية بهذا الخبر، والآن ذهبت إلى شيخي لأرافقه إلى القرية، فسألني: وماذا أعددت لنا من الطعام؟ فقلت له: عندي ديك سمين ذبحته من أجلك، فغضب الشيخ، وقال: كيف تدعوني وأصحابي إلى ديك؟. ديك؟. يا قليل النظر؛ ثم أعتذر عن الذهاب معي. وأنا الآن في حيرة من أمري، كيف أعود إلى القرية بدون الشيخ؟ فأرجوك يا شيخي أن تذهب معي، وتنقذني من هذه الورطة، أقبل يديك فقلت له، تدعوني إلى ديك، وتقبل يدي؛ أنا أقبل يدك، وذهبت معه إلى القرية، وأخذت دور الشيخ، وبدأ أهل القرية يقبلون يدي، ويقدمون لي أفضل ما في المائدة، وهو يقول لهم: شيخي هذا رجل عظيم مبارك، وعند عودتي، حاول الرجل تقبيل يدي وشكري على إنقاذه، فقلت له يا بني تخير شيخك من العلماء وليس المدعين (8).

وهذه المواقف من الشيوخ المدَّعين، جعلته محباً للرجال العظماء وللسلف الصالح، الذين خدموا هذا الدين بعلمهم، أو بجهادهم. كحبه لجميع الصحابة رضوان الله عنهم أجمعين، وللإمام أبي حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد بن حنبل، والإمام البخاري والإمام مسلم، وكان يعجب بغزارة علم الشيخ بد الدين الحسني، ويحب الشيخ محمد أمين الشنقيطي، ويطنب في مدحه لغزارة علمه، ويرى في كلام ابن جني في اللغة والنحو ذهاباً لغمه وحزنه، وكان شديد الحب لأولئك الأبطال المجاهدين، سريع البكاء لدى سماع أخبارهم، أو استذكار سيرهم وأعمالهم (9).

أما حبه للغة العربية وإتقانه لها، وتبحره في علومها، فقد أجمع إخوانه العلماء وتلامذته من طلبة العلم على ندرة أمثاله فيها، وقد أخبرنا أكثر من مرة أنه يحب هذه اللغة ويعظمها لأنها لغة القرآن الكريم، وهي التي حملت هذه الشريعة إلينا، وكان يفصل مسائل النحو ويورد آراء النحاة ويقارن بينها، ثم يرجح الرأي الذي يراه صواباً، مورداً الحجج والأدلة والشواهد التي استند إليها في ترجيحه، وقد بلغ في إجادة الإعراب والتفوق فيه مبلغاً منقطع النظير، وكان من عادته إذا أعرب أغمض عينيه وراح يتكلم وكأنه يناجي من يحب (10).

ومثل هذا الحب والإتقان نراه عند الشيخ لعلوم المنطق والفلسفة (11) وعلوم الأحياء والتشريح والطب (12) والفلك (13)، وغيرها من العلوم النقلية والعقلية.

وقد امتاز الشيخ بمهارته النادرة في صنع الآلات الدقيقة، وحسن استخدامه لها، وله في ذلك مواقف عجيبة تثير الدهشة منها:

1- ما حدثني به صديقي الشيخ مجاهد شعبان - رحمه الله- أن الشيخ كان في زيارة لصديقه طبيب العيون مصطفى الجلبي فدخل عليه رجل يستغيث من ألم عينه، وعندما فحصه الطبيب، وجد قطعة صغيرة من برادة الحديد قد استقرت في حدقة العين، فلم يجرؤ الطبيب على إخراجها مخافة أن يؤذي عين مريضه، فأخذ الشيخ المجهر ونظر، ثم طلب من الطبيب أن يعطيه أحد المشارط التي صنعها هو بنفسه، فأعطاه واحداً منها، فوضع الشيخ صفحة المشرط على عين المريض، وحَدّه باتجاه البرادة، وأخذ يقرب المبضع بدقة وحذر حتى علقت البرادة بالحد وسحبها بكل سهولة ويسر، وكم كانت فرحة المريض والطبيب عظيمة بهذا العمل. ومنها.

2- خبرته وبراعته في تصليح الساعات، وصناعة قطع الغيار الدقيقة لها وخاصة الساعات النسائية الصغيرة، فكان ينظر في الساعة، فإذا رأى محور الرقاص مثلاً قد كسر، قص المكسور وثقب محله بمثقب دقيق من صنعه، ثم أنزل المحور الذي صنعه بيده في الثقب، وأعاد باقي الآلات إلى موضعها بكل مهارة وإتقان، فتعود الساعة إلى العمل (14).

3- ومنها معرفته الواسعة بأنواع الحديد والفولاذ، وسقاية الحديد وموضع استخدام كل نوع منها، فما يصلح لعمل قطعة غيار للسلاح لا يصلح للساعات مثلاً، وما يصلح لعمل المثاقب لا يصلح لعمل الرقاص، وقد حدثني الشيخ عن كل هذا بالتفصيل، ورأيته يقوم ببعض الأعمال العجيبة في زياراتي المتعددة له في منزله في محلة (البياضه)، إذ كان يصطحبني إلى غرفته الخاصة، أو قل مصنعه المدهش بأدواته وآلاته، التي هي من صنع يده في معظمها، وكان يصنع بعض الأدوات وقطع الغيار للأسلحة وآلات القتال، فتنال إعجاب المتخصصين بهذا الفن، وتدهش صانعيها الأصليين.

وكان الشيخ شديد الحب للسلاح(15)، ماهراً في استخدامه، يستطيع إصابة أدق الأهداف إصابة محكمة، حدثنا مرة ـ وهو صادق ونحن طلاب في الثانوية الشرعية ـ أنه خرج مع بعض أصحابه إلى الصيد، وكان عظيم الحب لهذه الهواية، منذ كان صغيراً، يمارسها مشياً على الأقدام صيفاً وشتاءً، في الغابات القريبة من بلدة (جسر الشغور)، فعرض لهم خنزير بري، ذعر رفاقه من رؤيته، وخافوا أن يهاجمهم، فقال لهم الشيخ: لا تخافوا هل تريدون أن أرميه بين عينيه، ثم صوب بندقيته نحوه وأطلق فإذا بالحيوان يصرخ صوتا ترتج منه الغابة، ويرتفع عن الأرض أكثر من مترين ثم يسقط، وعندما اقتربوا منه، وجدوا الطلقة قد اخترقت رأسه بين عينيه(16).

وقد أورد الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غده ـ رحمه الله ـ في ترجمة للشيخ كتبها أستاذه العلامة الشيخ مصطفى الزرقا ـ رحمه الله ـ ذكر فيها من أعاجيب مواهب هذا الرجل ومهارته في الصناعة والرماية ما يدهش العقول، ويأخذ بالألباب، ثم قال الشيخ عبد الفتاح: وأضيف إلى ما ذكره شيخنا ـ حفظه الله وأمتع به ـ في براعة الشيخ عبد الرحمن في إصابة الهدف، وحذق الرماية ما كان يفعله رحمه الله تعالى مع أخيه الأستاذ الشيخ محمد أبو الخير، حين كان صغيراً يافعاً، فقد كان يوقفه بعيداً عنه نحو أربعة أمتار، ويضع قطعة النقد السوري المسماة (الفرنك) على رأسه وهو في غاية الطمأنينة، فيطلق الشيخ عبد الرحمن (الخردقه) من بندقيته، فيطير (الفرنك) من فوق رأس أخيه، ولا يمس شعره بأي أثر من آثار الخردقه.

ولعل أهم ما يميز حياة هذا الرجل، هو الحبُّ، حبٌّ يبدأ بحب الخالق العظيم، ولا ينتهي ألا عند أصغر نأمة خلقها الله سبحانه، لكن حبه للعلم والمعرفة، ملك عليه كيانه وجعله ينسى نفسه وأهله ووجوده في بعض الأحيان، يقول: " بقيت ثلاثة أيام مشغولاً في عالم آخر، وأنا أراجع في الكتب لحل مسألة واحدة فما حلّت "، بل إنه يجد راحته النفسية قي البحث والمطالعة، يقول: " إذا أصبت بكرب أو ضاق صدري أسرعت لقراءة كلام ابن جني فيذهب ما بي من ضيق "(17).

كريم النفس، سخي اليد، مرهف الحس، غزير الدمعة، دائم الذكر شديد الخوف من الله، جريء بقول الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، سديد الرأي، صاحب فراسة صادقة، فإذا سئل عن مدّع أو ظالم. ذكر قول الله تعالى: " يعرف المجرمون بسيماهم (18) "

جميل الوجه، كث اللحية، منور الشيبة، مهاب الطلعة، قليل الاعتناء بالمظاهر.

يتلقى قضاء الله بالرضا، أصيب في نهاية حياته بارتفاع ضغط الدم وكان الضغط عنده يرتفع كلما رأى محنة للأمة، أو سمع بمعاناتها فتنفجر شرايينه بالدم، ويأخذ النزف من أنفه، فينقل إلى المشفى، وما أن يعود إلى وعيه، حتى يعاود السؤال عن أحوال المسلمين وأخبارهم، رغم نصح الأطباء له بالابتعاد عن الانفعال.

وبقي على هذه الحال إلى أن وافته المنية، مساء يوم الثلاثاء، لخمس بقين من شهر رجب، سنة: عشر وأربعمئة وألف للهجرة، الموافق لليوم الثاني من شهر شباط، عام: تسعين وتسعمئة وألف للميلاد.

وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً، حضره جل علماء البلد، وجمهور غفير من طلاب العلم، والمثقفون والأطباء وعامة الناس، وصلي عليه في الجامع الأموي الكبير، وألقيت كلمات التأبين من كبار علماء المدينة ثم ووري جثمانه الطاهر في مقبرة (الصالحين)، وقد شهدت وفاته وحضرت جنازته ثم زرت قبره مراراً، وقد كُتبَ على أحد ألواح القبر هذين البيتين:

قد كان سيف جهاد دون أمته= ومشعلاً ثاقبا بالرشد قد طلعا

نزلت بساحة غفار عوائده=تمحي الذنوب وتنفي الخوف والفزعا

- رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته –

المراجع والمصادر

1- كتاب الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام، للإمام القرافي، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبوغدة، أثبت في نهايته ترجمة للشيخ كتبها شيخه الشيخ مصطفى الزرقا، رحمهم الله جميعاً.

2- لقاءات ومشافهات مع أخي وصديقي الأستاذ الشيخ محمد مجاهد شعبان، رحمه الله.

3- لقاءات ومشافهات مع ابن المترجم الأستاذ محمد سيف الدين.

4- لقاء مع شيخنا الشيخ أحمد سردار، رحمه الله.

5- لقاء مع صديق المترجم الحاج بسطامي التركماني، وكان صديقاً للشيخ المترجم وصديقاً لوالدي، رحمهم الله جميعاً.

6- لقاء مع شيخنا الأستاذ الشيخ محمد زين العابدين الجذبه، رحمه الله.

7- لقاءات مع عدد من طلاب الشيخ وإخوانه.

8- مذكرات المؤلف وذكرياته عن الشيخ.

9- مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان، رحمه الله.

(2) عن مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان.

(3) كان أستاذنا الشيخ عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ يكثر الحديث عن الإمام الشافعي في دروسه بكلّ إجلال واحترام، ومما سمعته منه قوله:(لما دخل الإمام الشافعي رضي الله عنه مصر، ظنه أهلها أول وهلة أنه عالم من علماء الطب لتكلمه فيه، ولأن أول كتاب قرأه لطلابه فيها كان كتاباً في الطب) أ.هـ مذكرات المؤلف.

(4) عن مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان ـ رحمه الله ـ وقد سمعتها منه مرارا.

(5) المصدر السابق.

(6) مذكرات المؤلف

(7) في إحدى زيارات الشيخ محمد مجاهد شعبان صافحه قائلاً: إنني لم أقبل يد شيخ قط، ثمّ تمثل بهذين البيتين أ.هـ مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان.

(8) من مذكرات المؤلف.

(9) في إحدى زياراته لصديقه الحاج بسطامي التركماني حدثه عن معركة (ملاذ كرد)، وقائدها (ألب أرسلان)، ومما قاله له:(هذا الرجل يشوش عقلي فقد كان عسكره ستين ألف، وعسكر الصليبيين مئتي ألف، ومعهم أقوى الأسلحة وأشدها فتكا... وقصدهم سحق الإسلام، وعندما بدأ الاستعداد للهجوم، أمر ألب أرسلان جنوده أن يصلوا ركعتين، ثم نزع ثيابه فرماها، ولبس الكفن، وأخذ سيفا ودبوسا، ثم وثب على فرسه وأمر بالهجوم، واندفع ستون ألف وأنا أراهم كأنهم ستون ألف شمس، وهنا حصل مع الشيخ عبد الرحمن ما لم يكن في الحسبان، فقد تشنجت عضلاته وأحس كأن عظامه تتكسر، وانفجر ببكاء شديد ودموع غزيرة ووضع ذراعه على وجهه ودموعه تتقاطر على صدره ولحيته، فقام الحاج بسطامي وجاء بمنشفة ووضعها على صدره. أ.هـ عن حديث شفوي مع الحاج بسطا مي. رحمهما الله

(10) كان الشيخ يعرب الشواهد وهو في هذه الحال ونحن نكتب ما يقول، فإذا انتهى فتح عينيه، وسألنا أن نعيد عليه ما كان يقول فلا يصحح منه شيئا، وكنا نكتب كل ما يقول تقريبا أ.هـ مذكرات المؤلف.

(11) كان الشيخ يقول:(كانت أمنيتي أن أتفوق على ابن سينا) المصدر السابق.

(12) ألف الشيخ كتابا في تشريح العين وأمراضها لكنه فقد بعد وفاته أ.هـ (مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان).

(13) كان الشيخ يؤقت لصلاة الفجر والمغرب في رمضان، ويقوم بإطلاق مدفع السحور بواسطة شمعة يربط فتيلها بفتيل المدفع فما أن تنتهي الشمعة حتى يحين الوقت وينطلق المدفع. (المصدر السابق).

(14) مثل هذه الأمور شاهدتها منه بنفسي أثناء وجودي معه في معمله الصغير في بيته. مذكرات المؤلف

(15) سأله صديقه الأستاذ الشاعر عمر بهاء الأميري: ما هي بغيتك وأمنيتك فقال: داراً. ولكن لا كالدور

وسوف أصفها لك: أن يكون في هذه الدار خمسين ألف مصنع دائرة للأسلحة، وخمسين ألف لأجل الذخائر وداراً خاصة للكتب... أ.هـ (مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان).

(16) مذكرات المؤلف.

(17) مذكرات الشيخ محمد مجاهد شعبان.

(18) سورة الرحمن آية 41.