عبد الرحمن الكواكبي وبعض مواقفه

عبد الرحمن الكواكبي
 
عبد الرحمن الكواكبي : ذلك العالم الفذ الذي خرج من حلب ، وكان فكره الإسلامي الحر يأبى الظلم والاستبداد .. ألف كتاباً كان مؤثراً جداً ، أعبجتني مقطوعة له ،
يتكلم فيها مع الشباب والناشئة يقول :
 
أناشدكم يا ناشئة الأوطان، أن تعذروا هؤلاء الواهنة الخائرة قواهم إلا في ألسنتهم، المعطَّل عملهم إلا في التثبيط، الذين اجتمع فيهم داء الاستبداد والتواكل فجعلاهما آلة تُدار ولا تدير. وأسألكم عفوهم من العتاب والملام، لأنَّهم مرضى مبتلون، مثقلون بالقيود، ملجمون بالحديد، يقضون حياة خير ما فيها أنَّهم آباؤكم!
 
"قد علمتم يا نُجَباء من طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد جُمَلاً كافية للتدبُّر،
فاعتبروا بنا واسألوا الله العافية:
نحن ألِفنا الأدب مع الكبير ولو داس رقابنا.
ألِفنا الثبات ثبات الأوتاد تحت المطارق،
ألِفنا الانقياد ولو إلى المهالك.
ألِفنا أن نعتبر التَّصاغر أدباً والتذلُّل لطفاً، والتملُّق فصاحةً، واللكنة رزانة،
وترك الحقوق سماحةً، وقبول الإهانة تواضعاً، والرِّضا بالظُّلم طاعة،
ودعوى الاستحقاق غروراً، والبحث عن العموميات فضولاً، ومدَّ النَّظر إلى الغد أملاً طويلاً،
 
والإقدام تهوُّراً، والحمية حماقة، والشّهامة شراسة، وحريَّة القول وقاحة،
وحريّة الفكر كُفراً، وحبَّ الوطن جنوناً.
 
أما أنتم، حماكم الله من السوء، فنرجو لكم أن تنشؤوا على غير ذلك،
أن تنشؤوا على التمسُّك بأصول الدين، دون أوهام المتفننين،
فتعرفوا قدر نفوسكم في هذه الحياة فتكرموها، وتعرفوا قدر أرواحكم وأنَّها خالدة تُثاب وتُجزى، وتتَّبعوا سُنن النبيين فلا تخافون غير الصانع الوازع العظيم.
 
ونرجو لكم أن تبنوا قصور فخاركم على معالي الهمم ومكارم الشيَّم،
ولا على عظام نخرة.
 
وأن تعلموا أنَّكم خُلِقتم أحراراً لتموتوا كراماً، فاجهدوا على أن تحيوا ذلكما اليومين حياةً رضيّة، يتسنّى فيها لكلٍّ منكم أن يكون سلطاناً مستقلاً في شؤونه لا يحكمه غير الحقّ،
 
ومديناً وفيّاً لقومه لا يضنُّ عليهم بعينٍ أو عون، وولداً بارّاً لوطنه،
لا يبخل عليه بجزءٍ من فكره ووقته وماله، ومحبَّاً للإنسانية ويعمل على أنَّ خير الناس أنفعهم للناس، يعلم أنَّ الحياة هي العمل ووباء العمل القنوط، والسعادة هي الأمل،
 
ووباء الأمل التردد، ويفقه أنَّ القضاء والقدر هما عند الله ما يعلمه ويمضيه،
وهما عند الناس السعي والعمل، ويوقن أنَّ كلَّ أثرٍ على ظهر الأرض هو من عمل إخوانه
 
البشر، وكلَّ عملٍ عظيم قد ابتدأ به فردٌ، ثمَّ تعاوَرَهُ غيره إلى أنْ كمل، فلا يتخيل الإنسان
 
في نفسه عجزاً، ولا يتوقَّع إلا خيراً، وخير الخير للإنسان أن يعيش حُرّاً مقداماً، أو يموت "

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين