عبادات القلوب -2-

                       

ثانياً الاخلاص

الاخلاص هو إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد , وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله عز وجل دون شيء آخر , وقيل: الاخلاص : ان تريد بقلبك وبعملك وعلمك وفعلك رضا الله تعالى  خوفا من سخط الله , كأنك تراه بحقيقة علمك بانه يراك حتى يذهب الرياء عن قلبك  ثم تذكر منّة الله عليك اذ وفقك لهذا العمل حتى يذهب العجب من قلبك  .

 

الاخلاص في القران 

قال تعالى : (وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (البينه5).

(انا انزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * الا لله الدين الخالص ) (الزمر 2-3(

(قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين*لا شريك له وبذلك امرت ((الانعام 162(

(قل يا ايها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين ) (سورة الكافرون) 

الاخلاص في السنة

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (انما الاعمال بالنيات , وانما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله  ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه) (البخاري ومسلم) 

وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم : اخلاص العمل لله , ومناصحة امور الولاة الامر , ولزوم جماعة المسلمين (

قال ابن القيم رحمه الله اي لا يبقى في قلبه غل مع هذه الثلاثة بل تنفي عنه غله , وتنقيه منه , وتخرجه عنه . 

وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال :سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة , ويقاتل حمية , ويقاتل رياء اي ذلك في سبيل الله ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله

جاهد نفسك  : يظن الكثير من الناس ان الاخلاص من الامور السهلة التي يستطيع كل احد .

تحقيقها دون ادنى مجاهدة , والواقع خلاف ذلك والاخلاص يحتاج الى مجاهدة قبل العمل وأثناء العمل وبعد العمل .                                              قبل العمل : بان يقصد بعمله وجه الله تعالى ويصفيه عن ملاحظة المخلوقين .

أثناء العمل : تكون المجاهدة في الحفاظ على هذه النية الصادقة فان الانسان قد يكون مخلصا في ابتداء العمل فاذا دخل في العمل واستقر فيه جاءه الشيطان فوسوس له وزين له اطلاع الخلق على عمله وهنا تكون مجاهدة النفس على الاستمرار في العمل بنفس النية الاولى .

بعد العمل : تكون المجاهدة برؤية التقصير في العمل , وعدم استحسانه والعجب به واستحقاقه الثواب عليه .

قيل لسهل بن عبد الله : اي شيء اشد على النفس ؟ قال : الاخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب .

وقال ذو النون المصري : ثلاث من علامات الاخلاص : استواء المدح والذم من العامة , ونسيان رؤية الاعمال , ونسيان اقتضاء ثواب العمل في الاخرة . 

وقال ابو يعقوب السوسي : متى شهدوا الاخلاص في اخلاصهم احتاج اخلاصهم الى اخلاص .

علاقة الاخلاص بالصدق 

هناك تلازم بين الاخلاص والصدق  قال ابن القيم رحمه الله " وقد تنوعت عباراتهم في الاخلاص والصدق , والقصد واحد " 

فقيل الاخلاص : استواء اعمال العبد في الظاهر والباطن والرياء : ان يكون ظاهره خيراً من باطنه , والصدق في الاخلاص : ان يكون باطنه أعمر من ظاهره "

ثمرات الاخلاص : 

الاخلاص سبب في جعل العمل مقبولا  -  يرفع الدرجات     -نجاة من الشدائد والمحن   -   استجابة للدعاء  -  رضا الله عز وجل عن العبد .

الحصول على التقوى  -   الزهد في الدنيا والقناعة   -   دحر الشيطان والتغلب على وساوسه   -  التخلص من الرياء والشرك   –   انتصار المسلمين على اعدائهم لقوله صلى الله عليه وسلم (إنما ينصر الله هذه الامة بضعيفها , بدعوتهم وصلاتهم واخلاصهم )   -   النجاة من عذاب الاخرة وعذاب القبر  -   الهدى والتخلص من الضلال   -    محبة الله عز وجل ومحبة الخلق .-  طمأنينة القلب والشعور بالسعادة والسكينة .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين