عاشوراء بين موقفين

                         

في مطلع كل عام هجري وفي العاشر من محرم تحديدا ذكريتان لا واحدة فحسب أولاهما نجاة نبي الله موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام من عدو الله فرعون

وثانيتهما: استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه 

وقد ثبت في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام صام عاشوراء وأمر بصيامه (وهناك رواية تفيد أن ذلك كان قبل أن يفرض الله على المسلمين صيام شهر رمضان فلما فرض الله صيامه لم يأمر صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء ولم ينه عنه )

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال :"قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه ,فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال ما هذا ؟ قالوا هذا يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل من عدوهم ,فصامه . فقال أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه."

وفي رواية :فقال لهم ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله موسى وقومه وغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه .أخرجه البخاري ومسلم وأخرج أبو داوود الرواية الاخرة .

إذن صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء شكرا لله على نعمة عظيمة وفضل من الله جليل هو نجاة نبي من أنبياء الله تعالى وقد قال تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )

ومن المسلمات عند المسلمين أن علم الله تعالى شامل محيط يعلم ما كان وما سيكون وينبني على هذا أن الله يعلم قطعا أن الحسين رضي الله عنه سينال الشهادة في عاشوراء ولعل الحكمة من اجتماع نجاة موسى عليه السلام ومقتل الحسين رضي الله عنه الا يكون عاشوراء يوم حزن أسود إذ أن في عاشوراء ذكريات مرة وحلوة 

إن موقف المسلمين في هذا اليوم موقف العقل الخاضع للشرع فلا مبالغة بالحزن ولا احتفالات بنجاة موسى عليه السلام ,بل يؤدي فيه من شاء من المسلمين عبادة من أعظم العبادات هي الصوم ويعرف للحسين عظيم قدره وسامي مقامه .

هذا هو الموقف الأول في عاشوراء.

الموقف الاخر هو موقف الروافض وهو موقف الحماقة والفتنة والتحريض على قتل الأبرياء وإثارة النعرات الطائفية التي لا يربطها بالاسلام ادنى رابط 

يقيمون المآتم وكأن الحسين رضي الله عنه قتل بالأمس ويكثرون اللطم والشق والنواح والعويل والسب بدعوى الحزن على الحسين رضي الله عنه بل ويفعلون أكثر من هذا حيث يضربون أجسامهم العارية في نصفها الأعلى بالسيوف والسلاسل ومن تحريضهم على الفتنة تلك اللافتات التي تملأ شوارعهم وقد كتب عليها يا لثارات الحسين .

ولا يقصدون بذلك الا قتل المسلمين وإبادتهم .

بعد هذا فإن من حق المسلمين أن يوجهوا للروافض  أصحاب السب والسفه الذين يستغلون ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه الأسئلة التالية :

1- هل تؤمنون بأن الله عليم وعادل وأنه سيجازي كل إنسان بعمله وقد انتقل طرفا الصراع الى الله الحكم العدل وعنده سبحانه الحساب والجزاء وليس عندنا ولا بأيدينا أفلا ترضون بعلم الله وعدالته .

2- أليس الحسين شهيدا والشهيد في الجنة فلماذا المبالغة بالحزن. 

3- هل الحسين رضي الله عنه هو الشهيد الوحيد في مسيرة الدعوة والدعاء أم أن قوافل الشهداء إبتداء من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ثم من أتباعهم لم تنقطع على مر العصور وكر الدهور بل إن عليا رضي الله عنه قضى شهيدا وما نراكم تحزنون عليه حزنكم على الحسين .

      وليس من العدل ولا المنطق الحزن على شهيد واحد بهذه الطريقة الهمجية دون غيره من الشهداء .

4 –هل في الإسلام حزن وحداد على إنسان مدى الدهر أم أن سنة الإسلام أن للعزاء أياما معدودة ثم ينطلق المسلم في الحياة يبني ويكافح .فلماذا تبقى مجالس عزائكم مئات السنين وبهذه الطريقة الإستفزازية 

5 –ما الذي يستفيده الحسين رضي الله عنه من هذه الاعمال الصبيانية الشيطانية فلا هو سيعود الى الدنيا وكذلك لن يعود قاتله فنجازيه.فليتكم تنبذون هذا اللعب والعبث.

6 –من الذي كان السبب في قتل الحسين رضي الله عنه إنهم الذين زعموا أنهم شيعته وشجعوه على الخروج الى الكوفة بمئات الرسائل التي تؤكد الولاء والنصرة ثم لما حل بساحتهم خذلوه وتخلوا عنه ( سمعت عبدالله بن عمر وسأله عن المحرم –قال شعبة أحسبه يقتل الذباب – فقال أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله وقال النبي هما ريحانتاي من الدنيا )

7 – ما الذي يربط الروافض الصفويين بالحسين رضي الله عنه . إن الحسين عربي من الدوحة النبوية الطاهرة وليس مجوسيا ولا فارسيا . وخير لكم أن تجتنبوا هذا الدجل والخداع فلم تعد ألاعيبكم تنطلي على عاقل .

8 –هل تعلمون أن ما تبثه فضائياتكم التي تنفقون عليها المليارات قد فتحت عيون المسلمين على باطلكم وبشاعة أفعالكم ومجافاتها لللإسلام .

وأخيرا فإن الحسين منا ونحن منه ونحن الذين نحبه الحب الصادق الصحيح ونحزن لاستشهاده الحزن المشروع البعيد عن التمثيل والتهويل .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين