ظننت في الزيزفون جمالا و عطاء

دع لكلامي صدى في مسامع الصبى...ثم دع لنظرتي بعدا بهيا لمنهجية التغيير..ثم أترك لفكري مجالا للحرية دونما قيد..ثم دونما فواصل..و لما لا دونما نقاط للختام ،لأني الآن فقط بدأت لأتكلم بل لأكتب و إن كانت كتابتي ستصبح كلاما متداولا في أجندات التغيير.

إن كان لكم سؤال فبادروا بالسؤال و لو عن مقدمتي و إن شئتم عن عنواني ،نعم ظننت في الزيزفون جمالا و عطاء ،لكني أخطأت في تخميني،لأن في قرارة وجداني اليقظ يقظة الحذر كحذر بومة في عز ليلها من نوم أعز و أقدر..أردت لكياني أن يكون مثلما قال حسن البنا رحمه الله: "كونوا للناس كالشجر يرميه الناس بالحجر فيرميهم بالثمر" ، صدقا أخطئت لما أردت إهداء من تنكر لي يوما ثمارا من صفاء لأني قصدت من شجرة الزيزفون طلبا ،لكن شجرة الزيزفون لم تلبي طلبي لأنها تزهر و لا تثمر،قد يكون هذا الخطأ فيه حكمة ربانية في أن يظل الإنسان الرباني المولع بحب إنسانية الإنسان كرداء للرداءة ،شبهها في ذلك مثل شجرة الزيزفون في وقت زاد الطلب على الأخذ و من ثم يكون لجزاء سنمارخاتمة للأبطال الانتهازيين من لا يعرفون للطيب من الكلام شكرا على لسان الذكر و الحمد و الشكر على نعم لا تحصيها أنامل و تحدها عيون.

و برؤية دقيقة لتفاصيل العطاء في كل زمان و مكان ،قد يكون خطئي في شجرة الزيزفون خطئا محمودا في وقت قل ما أقول عنه "يصبح المؤمن مؤمنا و يمسي كافرا" ،حتى في شريعة العقل و الإيمان لأن إيمان الصباح هو نفسه إيمان المساء مع اضطراب في وتيرة التقوى ..شيء طبيعي راجع لضعف الإنسان..و لكن نظرا لتضارب عقيدة الأصل مع أصل العقيدة يصبح الأمر صعبا للغاية ، لا لشيء لأننا نميز بين معادن الناس كتمييزنا للذهب و النحاس بعين مجردة فقط.

فكرت مليا إن كان لشجرة الزيزفون بندا في العطاء لأقرأه في تمهل لأفهم سوسيولوجية العطاء ، ثم فكرت إن كان لأزهارها حلية  في ارتداء الجمال و فقط ، شعرا متناثرا كتناثر الأوراق في خريف صامت ، لكني شعرت أنها الشجرة المثلى و الوسطى في أن تحمل بين أغصانها فروع الجمال دون أن تثقلها بالثمار فتنحني و يصبح من هب و دب في قطف مستمر دونما أدنى حمد و لا شكر.

....إذا جمال المؤمن المستقيم هي في تلك الاستقامة و بشروحات قواميس ذكية في إعطائها حقها من التعريف و بحسابات دقيقة و مستقيمة كذلك..ثم شتان بين الاستقامة و التماطل على خطى الشغب..و إلا أين هو ميزان الاعتدال في وصف صحيح لا يدع شكا للنقد الهدام..فالمستقيم في انتقاد مستمر و كل مبادرة منه في إعراب العجم و العرب هي  في انتقاد كذلك...

سأنتقل من  ظني مع شجرة الزيزفون إلى طبائع أناس تمردوا على الحمد و الشكرلرب النعمة لكل ملذاتها ، أين أنتم بها؟ هل لقطف ثمار الغير و إعطائها كنية غير صحيحة ، أم أن مساركم طويل إلى أبعد من ذلك؟

من يدري ربما إلى امتداد الى غاية أفول فجر آت بمقاييس الأمل اللامعة...لكنها ليست لكم لأنكم لم تتعبواو لم تكدوا و لم تعرقوا ثم لم تتألموا...

...مرة أخرى ظني كان مخطئا ،لكني على أهبة الاستعداد لتصحيح هذا الظن في أن شجرة الزيزفون فيها من الاعتدال الوسطي ما يمكن أن يكون كذلك نموذجا بل قدوة للمؤمن الرسالي في أن يكون مثل الشجرة المزهرة دونما ثمارحتى لا يتعب و لا يمل، لأن من العطاء المتواصل استنزاف لروحانية الجمال..صحيح جميل أن يزهر و يثمر في آن واحد و لكن نحن في زمن الاستنزاف و الاستغلال .

عذرا إن أخطأت في التخمين، لكن من العذر ما فيه استدراك لهفوات كثيرة و لزلات ليست بالقاضية لكنها مع الوقت تصبح كذلك.

فخير الأمور أوسطها و ظني لن يكون في شجرة الزيزفون ،إنما في ميزان الاعتدال في الجمال و من ثم في العطاء، من غير إسراف و لا بخل ،مصداقا لقوله تعالى : "و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا، إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر انه كان بعباده خبيرا بصيرا" الآيتين 29 و 30 من سورة الإسراء..و ظني في ذلك شيء آخر مع أبو العتاهية:

 

يقاس المرء بالمرء              إذا ما هو ماشاه

و للقلب على القلب              دليل حين يلقاه

و للشكل على الشكل            مقاييس و أشباه

و في العين غنى العين         إن تنطق أفواه

 

 و مني أنا و من صميم فؤادي  انشدها لشجرة الزيزفون و لكل مؤمن تقي تحية لتقواه و دفاعا عنه بحبر المداد و صدق الإحساس و دوي الكلمة بارودا يصدح عاليا على وقع الالتزام المعتدل

 

لا تركن لهدوئي و طيبتي            لأنك لم تعرف بعد منوال عزيمتي

و لا تفكر يوما في احتقاري          لأني في منع عطائي كبريائي

لبسته ثوبا بطراز الأنفة               فإياك ثم إياك في اهانتي

فشتان عندي بين خسارة و ربح      هما  في حد السيف قراري.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين