طنطاويات فلسطينية

 

-1-

 

إن أهل فلسطين إخواننا وأشقاؤنا، لهم علينا، على العرب كلهم وعلى المسلمين جميعاً، حق الشقيق على الشقيق. وإن هذه الأرض الحبيبة، أرض فلسطين، وطننا، وطن العرب كلهم، وطن المسلمين جميعاً، ولها علينا حق الأوطان على أهلها، وإن فيها من ذكريات البطولة والمجد ما يهز القلوب ويثير العزائم.

 

ولكن القضية أكبر من النّسَب والأخوّة، وأكبر من الوطن والوطنية، وأكبر من النخوة والحماسة. إنها قضية دين وعقيدة؛ إن كل مسلم يدخل المسجد الأقصى ويقوم حيال الصخرة ينسى كل شيء إلا أنّ ههنا موطناً من مواطن الروح، منزلاً من منازل القُدُس تُسترخَص في سبيله الأرواح ويُبذَل في سبيله كل شيء. إنها قضية جهاد في سبيل الله، والله هو الباقي إذا ذهبت البطولات والأمجاد، وصحفُ الحسنات هي الخالدة إذا فنيت صحف التاريخ، وما كان لله فهو المتّصل.

 

ثم إنها قضية حق لا يستطيع منصفٌ في الدنيا إلا أن يكون معها. وهل في الدنيا منصف واحد، هل فيها رجل يحترم رجولته وإنسان يقدّر إنسانيته، يُقِرّ منطق الصهيونية وأنصارها: يا صاحب الدار، إني أريد أن أسكن في دارك، فاخرج منها وتنازل لي عنها وإلا ذبحتك وذبحت أولادك؟!

 

الحق معنا، ولكن سنّة الله في هذه الدنيا أن الحق إن لم تكن معه القوة سطا عليه الباطل حيناً. وللباطل جولة ثم يضمحل، ونحن لمّا ترَكْنا سنة الله ولم نَحْمِ حقّنا بقوّتنا كان ما كان في فلسطين.

 

مقطع من خطبة ألقاها الشيخ رحمه الله في القدس سنة 1957

وهي منشورة في كتاب "هُتاف المجد" بعنوان "يا أهل فلسطين"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين