ضرورة القصص للأطفال

أقول كما أن جسم الإنسان عموما وجسم الطفل خاصة يحتاج للطعام والشراب والهواء فإن تصحيح تصوراته وبناء أخلاقه وتكوين شخصيته تحتاج إلى القدوة الطيبة عبر عدة وسائل وأولها: القصص الحق والهادف

وإن القصص تفعل في شخصية الأطفال أضعاف أضعاف ما تفعله في شخصية غيرهم من المراهقين والكبار بل لا نسبة البتة في ذلك

لهذا فإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة غطت الجانب القصصي تغطية كاملة وإن التالي للقرآن الكريم يمر خلال قراءته للقرآن كله على مئات من القصص المتنوعة والضرورية جدا لكل مسلم وخصوصا للاطفال، بل إن القرآن الكريم يذكر القصة الواحدة أحيانا عدة مرات وكل مرة بأسلوب وكل مرة بلون خاص من الوان التفنن في التعبير.

وقد سمَّى القرآن الكريم قصصه بأنها (أحسن القصص)

قال تعال في صدر سورة يوسف والتي أسهبت في قصة يوسف أيما إسهاب فأخذت وحدها حوالي خمس عشرة صفحة من كتاب الله تعالى يعني ثلاثة أرباع الجزء تقريبا قال تعالى: { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)٠٠٠٠٠٠ } الخ السورة.

كما ان القرآن الكريم وصف قصصه مرة اخرى بأنه ( القصص الحق)

قال تعالى في سورة آل عمران بعد ان سرد قصة مريم وولادتها لعيسى عليه السلام من غير أب ( إنَّ هذا لهو القصص الحق ٠٠٠) [سورة آل عمران الآية 62].

وإذا كانت قصص القرآن الكريم وحيا متلوا فإن قصص الحديث الشريف وحيا كذلك وكلاهما يحق له أن يوصف بأنه أحسن القصص وبأنه القصص الحق

ونحن الآباء والأمهات الأجداد والجدات عندما نحرم أجيالنا وأطفالنا على وجه الخصوص من سرد القصص الحق عليهم نكون قد حرمناهم ضرورة من ضرورات سعادتهم وتكوين شخصياتهم الطيبة

وإذا لم نقص عليهم (احسن القصص) فإن هناك جيشا عرمرما سيقص بل وقص عليهم أسوء القصص وإذا لم نغذ قلوبهم بـ ( القصص الحق) فإن المتربصين بهم سيقصون بل وقصوا عليهم القصص الهدام القصص الباطل وإن سيل العرم من القصص التي تصل إلى اجيالنا عبر الوسائل الحديثة والخبيثة تفعل في شخصياتهم ونفسياتهم بل اعتقاداتهم ما لا تفعله الجيوش الجرارة والمخدرات، بل الجراثيم الفتاكة.

لذلك كله فإن الخطب جسيم والخسارة فادحة عندما تترك أجيالنا وتقصى عن توجيهات قصصنا الديني.

ولا تظنوا أن القصص الوافد السيء والكاذب يفتك بنا وحدنا، بل إنه فتك بأهله قبل أن يفتك بنا ولا أدل على ذلك من الأعداد الهائلة من عمليات الانتحار عندهم وعمليات الهجوم بأسلحتهم المرخصة على مدارسهم ومعابدهم وأسواقهم هذا فضلا عن الأعداد الهائلة والمروعة في أممهم التي لا تستغني عن مراجعة الأطباء النفسيين كل أسبوع تقريبا وكل ذلك سببه تلك المسرحيات والألعاب الإلكترونية والقصص السيء والكاذب وكما قيل في المثل (على نفسها جنت براقش ) وليت براقش جنت على نفسها فقط ولكنها قبل ذلك جنت على عقيدة وعقول ونفسيات أجيالنا

وإن قرونا من تاريخنا الذي وجهه القرآن بـ ( أحسن القصص ) ورباه الوحي بـ ( القصص الحق ) لم تفرز واحدا من مليون مما أفرزته الثقافة الغربية في مجتمعاهم أنفسهم بل إن قرونا متعددة من ثقافتنا الإسلامية كانت نظيفة من تلك السلبيات والآثار المدمرة.

فاللهم احفظنا واجيالنا وأمتنا وعقيدتنا بحفظك يا خير الحافظين.

وختاما يقول تعالى:( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين