صفقة حب

لطالما أتقنت سمع فواصل العتاب من أني كنت في بعض المواقف كثيرة الجد و بالأخص في قراراتي..بغير قصد مني هو طبعي و هي دفعات الخطى من قدمي نحو الأمام عبر مسيرة عدم الاكتراث للنبال و المشاكل و المساومات..كنت باختصار أحمي نفسي مرة بالإبداع لكل من أحبني و اخلص في تعاطيه مع لوازم الأخوة في الله معي و مرة بالكف عن كل نشاط حتى يسود الركود في مشاعر  من كان يبغي لي مآلا آخر هو في غير طريقي نحو البناء..فيتيه حتما في المفقود و يشتاق لرنة ابداع ..هذا الصنف الأخير هو حر  في أن يتفاعل مع فرص الحياة كما يوحي له عقله..لأني لست مجبرة على تغيير مسار الحياة لديه ، فكل منا مسؤول عما يفضله من درب و على النحو الذي يرضيه ..

بالنسبة لي لكل مقام مقال و لكل مقال مقام و إني أمتع نفسي بكل مشهد على حدى ، فلو رأيت لقطة تثير غضبي يقينا أتجاوب معها بلمسات العناد مني في أن لا صمت على التعدي على الحقوق أو المستحقات مما منحه الله حرمة و قيمة ، و البشر ارفع مراتب السمو في الإتقان لحكمة تأدية واجب الرسالة الآدمية بتخطيط العقل و تنفيذ الإرادة و إسهاب الميولات الفطرية في أن يقبل الانسان على الخير  و ترك الشر وفق منطلق التمييز بين الأنفع و الأدوم و بين المخسر و المتأني من الفوائد....و لك في ذلك يا بن آدم  خبرة و معلومات مسبقة..إنما هو تذكير مني فقط...

و على النحو الآخر ، لو كان فيه حضور مني لمشهد اللعب بأنامل البراءة لن أتوانى دقيقة في استغلال موقف المباراة السلمية و استحضار ذكريات الماضي من طفولتي..لست أبخل ابتسامة طفل صغير في أن يحبو إلى مكامن الدفء بين يدي  فليس للقلم احتكار دائم في صدق مشاعري...بيني و بينه .. إنها متعة أن انفلت من جديتي بعض الوقت لأكون في حضور مع التسلية و لي فيها إبداع باسم الطفولة في  أن أكون طرفا في رسم رسومات أصغر مني بكثير حتى تستوعبها عقول صغيرة ليست تفهم جيدا أن رسم لوحاتي يعطي معنى آخر حصرا للكبار فقط..إذن تأمل و استغل و عش لحظة بلحظة ضروب التمازج بين أن تكون كبيرا يسكن الفن بين أناملك و أن تكون إنسانا عاديا يرقد اللحن الطفولي في داخلك .. ،فالجد منك في انفصال إلى حين العودة إلى نسق التفكير السارح عبر موجات أني في استغراق للتركيز ..

غير أني في علاقتي مع ربي..عقدت صفقة حب نادرة فيها الكثير من المتعة و الحلاوة  بل لا تماثلها أي علاقة و لست أمنح تفاصيل هذه المحبة لأن يسكن في قلبي حب آخر غير حب الله...هي غرفة واحدة مضيئة في قلبي اتسعت و تجملت بحبي لله و طوعت مني هذا الإقبال بكثرة الاستغفار و ما دفعني لعقد هذه الصفقة الأبدية لآخر يوم في حياتي هو حماية الله لي و صونه و حفظه و منحي مفاتيح الخير ، لست على الإطلاق أنتظر فرصة من فرصها و لو مجرد التفكير و التخطيط لها ، انه فضل الله ورزقه ، و في نجاتي من الكثير من الأزمات طوقت نفسي و قلبي و روحي بحب الله لدرجة أن أصبحت أفضل أن يقع بصري على اسم الجلالة و اسم الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم...

لذلك فمجال القوة عندي هو ذاك الحب المتميز..وان فضاء التألق عندي هي مرتبة انتعاشي و إحساسي المرهف بمعية الله لي..و أن تمام السعادة  لدي هي أن أسمو فوق مراتب من خذلني ، و لكن لي ربا يحميني و يفهمني و يسمع مناجاتي..و قمة العفو مني هي أني أستحضر غضب الله يوم الحساب فأسترسل في محاسبة ذاتي  ..و روعة الفكر لدي حين أهيم حبا بنطق كلمة الله عاليا في سماء الدنيا من أني لك يا رب عابدة ، خاضعة و خائفة و كل شكواي إليك يا الله و أنت الركن القوي و كل الأركان لي هدامة لما ابنيه من تمام الصلاح  مما انويه في خاطري .. 

يا الله..تشرح صدري حين يضيق الأمل مع البشر...يا الله ينهمر دمعي حبا و طمعا في عفوك..يا الله احضن بها ضعفي في انك مانحي للقوة و الاستمرار في حياة كتبت لي فيها رزقي و مآلي و خاتمتي..فلك الحمد و الشكر...

 

و إني في ابتعاد عن حب الدنيا بعبرة أخذتها من أي العتاهية في قوله:

 

يا عاشق الدنيا يغرك وجهها        و لتندمن إذا رأيت قفاها

 

و إن كان أبو الفرج الببغا قال:

 

زمن الورد أطيب الأزمان          و أوان الربيع خير أوان

 

فاني على وزن  القول أقول:

 حب الله أعظم  حب              و حب الرسول أطيب حب

 

فهل من منافس لي في هذه الصفقة؟...حتى و إن كان فاني أبدا لست امنح  تفاصيل الحب في قلبي  سوى لله الواحد الأحد و لرسوله الكريم...يا رب تقبل مني و اعف عني و تجاوز عن زلاتي ..و صل اللهم و سلم و بارك على حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين