صفحات مضيئة من سِيَر المحدِّثات من النساء (أخيرة)

 


محسن هريدي
 
نعيش هنا مع امرأة وصفت بـ«محدِّثة دمشق»، وهي أم محمد عائشة بنت محمد بن عبدالهادي المقدسي.. ولدت عائشة بدمشق عام 723هـ، وهي تنتمي إلى أسرة علمية تنتهي أصولها إلى «بني قدامة» الذين هاجروا من نابلس إلى دمشق، وكان لهم الفضل في نشر المذهب الحنبلي. استقرت هذه الأسرة في مدينة دمشق واشتهرت بالحديث. بداية مسيرتها العلمية: اهتم الإمام محمد بن عبدالهادي بتعليم ابنته عائشة، حيث كان له الفضل في إسماعها وإسماع أختها فاطمة على شيوخ العصر، كما كان لعمِّها محمد بن أحمد بن عبدالهادي (ت 744هـ) الفضل في إحضارها مجالس العلماء. مروياتها: حفظت عائشة «صحيح» البخاري الذي أصبح أعلى سند متصل بالإمام البخاري بالسماع، وانفردت بهذا السماع، وكانت آخر من حدَّث به في مدينة دمشق رواية ودراية. ويذكر ابن حجر في «المعجم المفهرس» قائمة بالكتب التي رواها عن عائشة، منها ما يلي: - كتاب «سجدات القرآن» لإبراهيم الحربي. - «أخبار الثقلاء» للخلال. - كتاب «الأربعين الطائية». - جزء فيه مجلسان من حديث أبي الحسين ابن بشران. - «مجالس الحرفي العشرة». - جزء «الحلواني». - جزء من حديث ابن السماك ودعلج وفاروق. - جزء فيه انتخاب الصوري على العلوي. - جزء ابن عمشليق. - جزء من فوائد أبي عمر غلام ثعلب. - جزء الكندلاني. - جزء فيه مجلسان من أمالي أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني. - الجزء الأول من حديث الهاشمي. - جزء فيه مجلس أبي الفضل الهروي. شيوخها: من أبرز شيوخها الحجار وهو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن نعم ابن حسن بن علي بن بيان (ت 730هـ)، وقد ذاع صيته حتى حدث بالصحيح أكثر من ستين مرة في دمشق والصالحية والقاهرة وحماة وكفر بطنا وبعلبك. وقد سمعت عليه عائشة في أوائل الرابعة من عمرها «صحيح البخاري»، كما سمعت عليه كتاب «ذم الكلام» للهروي نسخة إسماعيل بن جعفر، و«جزء أبي الجهم»، والمجلس الرابع والعشرين من «أمالي ابن البسري»، و«مسند عمر» للنجاد، و«الأربعين الآجرية»، و«منتقى الذهبي» من مسند عبد بن حميد. وسمعت «صحيح» مسلم على القاضي شرف الدين عبدالله بن الحسن بن عبدالله ابن الحافظ عبدالغني. وسمعت على عبد القادر بن عبدالعزيز ابن المعظم عيسى الأيوبي جميع «السيرة» لابن إسحاق تهذيب ابن هشام خلا المجلس الثاني وجزء البطاقة. وأجاز لها ابن الزراد، وإسماعيل بن عمر ابن الحموي، ويحيى بن فضل الله، وبرهان الدين بن الفركاح، وشهاب الدين الجعفري، وعلي بن محمد البندنيجي، وعبدالله بن محمد ابن يوسف وآخرون.. وهي آخر من حدث عن هؤلاء بالسماع والإجــــازة. (تقي الدين محمـــد بن أحمد بن علي الفاسي، ذيل التقييد في رواة السنن والأسانيد، بيروت: دار الكتب العلمية، 1990م، 2/381). وأجازتها المسندة ست الفقهاء الواسطية (ابن العماد، شذرات الذهب، 8/483). وأسمعت «صحيح» مسلم على جماعة من أصحاب ابن عبدالدائم. ومن شيوخها إبراهيم بن عبدالرحمن ابن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري شيخ الشافعية بدمشق، وهي خاتمة أصحابه في الدنيا. (الفاسي، ذيل التقييد، 1/429). وأجاز لها ابن الزراد وإسماعيل بن عمر ابن الحموي، ويحيى بن فضل الله، والبرهان الجعبري، والبرهان بن الفركاح، وأبو الحسن البدنيجي، وعبدالله بن محمد بن يوسف، والشرف ابن البارزي، وإبراهيم ابن صالح بن العجمي، وآخرون. (السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، 12/81). كما شاركت أختها فاطمة في كثير من المسموعات. مؤلفاتها: يذكر الأستاذ عمر رضا كحالة أن لها مشيخة، كما ذكر الكتاني أنه روى ما لها من المرويات العالية بأسانيده إلى زكرياء، والأسيوطي، والكمال بن حمزة، كلهم عن التقي ابن فهد، والكمال محمد بن محمد بن الزين عنها. وذكرها محمد خير رمضان يوسف من بين المؤلفات من النساء، ولكن لم أقف على مكان هذه المشيخة؛ مما يدل على أنها مازالت مخطوطة حبيسة المكتبات. تلاميذها: ذاع صيت عائشة وأقبل عليها الطلبة؛ وذلك لسهولة إسماعها ولين جانبها، ومن أشهر تلاميذها الحافظ ابن حجر العسقلاني، وذكرها في معجمه، كما أجازت لأولاده زين خاتون، ورابعة، ومحمد. وممن أجازت لهم:
 
1- إبراهيم بن أحمد بن حسن بن الغرس خليل بن محمد.
2- إبراهيم بن خليل بن إبراهيم بن محمد ابن إسماعيل.
3- إبراهيم بن محمد بن محمود بن بدر برهان الدين الحلبي الأصل الدمشقي.
4- أحمد بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح.
5- أحمد بن حسن بن خليل بن محمد بن خليل بن رمضان.
6- أحمد بن عثمان بن محمد بن إسحاق ابن إبراهيم، أحضره أبوه في الثانية مع الكمال بن البارزي على عائشة ليسمع منها «الصحيح»، و«ثلاثيات» الدارمي، وسمع عليها وعلى الجمال بن الشرايحي مجلساً من أمالي أبي موسى المديني.
 
7- أحمد بن عمر بن عثمان بن علي الشهاب الخوارزمي.
8- أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر ابن زيد.
9- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدالعزيز.
 
10- أحمد بن محمد بن عبدالرحمن بن عمر بن رسلان.
11- أحمد بن محمود بن عبدالسلام بن محمود الشهاب العدوي.
12- إسماعيل بن العز محمد بن أحمد ابن القاضي أبي الفضل محمد بن أحمد بن عبدالعزيز.
13- أنس بن إبراهيم بن محمد بن خليل.
14- جار الله بن عبدالعزيز بن عمر بن محمد بن محمد الهاشمي.
15- حسن بن علي بن محمد بن أبي بكر ابن عبدالرزاق.
16- حسن بن محمد بن عمر بن الحسن ابن هبة الله.
17- حسين بن محمد بن الشيخ لاجين البدر بن الشمس العقبي الصحراوي.
18- خليل بن أحمد بن حسن المطري.
19- عبدالحي القيوم بن أبي بكر بن عبدالله بن ظهير بن أحمد بن عطية.
20- عبدالرحمن بن أحمد بن عمر بن عرفات وممن سمع منها من النساء وأجازت لهن:
1- أم الوفا بنت الرضا محمد بن المحب محمد بن الشهاب أحمد.
2- أم الهدى بنت أبي السعود محمد بن حسين بن علي بن أحمد.
3- أم هانئ بنت العز محمد بن أحمد بن أبي الفضل محمد بن أحمد.
4- أم الحسين الصغرى بنت عبدالله بن أحمد بن حسن.
5- أم الحسن بنت أبي الخير محمد بن أبي السعود محمد بن حسين.
6- هاجر بنت العلاء علي بن محمد بن سعد بن محمد الحلبية.
7- كمالية بنت النجم محمد بن أبي الخير محمد بن محمد بن فهد. من ثناء العلماء عليها: يقول عنها ابن العماد: وكانت في آخر عمرها أسند أهل زمانها مكثرة سماعاً. (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، 7/ 121). يقول عنها المكيّ المالكي: ملحقه الأحفاد بالأجداد. (محمد بن محمد بن سليمان المكيّ المالكي، صلة الخلف بموصول السلف، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1988م، 1/28). يقول ابن حجر: تفردت (عائشة) بالسماع من الحجار، ومن جماعة، وسمع منها الرحالة، فأكثروا، وكانت سهلة في الإسماع سهلة الجانب، ومن العجائب أن ست الوزراء كانت آخر من حدثت عن ابن الزبيدي بالسماع، ثم كانت عائشة آخر من حدثت عن صاحبه الحجار بالسماع وبين وفاتيهما مائة سنة. (ابن حجر العسقلاني، إنباء الغمر بأبناء العمر في التاريخ، 7/ 133). قال الصفدي: كانت أسند أهل الأرض في عصرها. (الزركلي، الأعلام، 3/241). وفاتها: توفيت عائشة سنة (816 هـ)، ودفنت بالصالحية بدمشق.
المصدر : مجلة المجتمع الكويتية


 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين