صحابة و صحابيات عبد الله بن حذافة

نسبه :

هو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي .
أبو حذافة ، أو أبو حذيفة . وأمه تميمة بنت حرثان من بني الحارث بن عبد مناة من السابقين الأولين ، يقال : شهد بدرا ، ولم يذكره موسى بن عقبة، ولا ابن إسحاق و لا غيرهما من أصحاب المغازي .
وعبد الله بن حذافة هذا هو القائل لرسول الله حين قال : " سلوني عما شئتم " : من أبي ؟ فقال : " أبوك حذافة بن قيس " . فقالت له أمه : ما سمعت بابن أعق منك , آمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس , فقال : والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به , وكانت في عبد الله بن حذافة دعابة معروفة .
 
عن أبي هريرة أن عبد الله بن حذافة صلى فجهر بصلاته فقال له رسول الله : " ناج ربك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك " .
أهم ملامح شخصية عبد الله بن حذافة :
1- قوة عزيمة عبد الله بن حذافة وثباته على الدين الإسلامي أمام كل الفتن :
فعن أبي رافع قال: وجه عمر جيشًا إلى الروم وفيهم عبد الله بن حذافة فأسروه, فقال له ملك الروم : تنصر أشركك في ملكي فأبى فأمر به فصلب, وأمر برميه بالسهام فلم يجزع, فأنزل وأمر بقدر فصب فيها الماء وأغلى عليه وأمر بإلقاء أسير فيها , فإذا عظامه تلوح, فأمر بإلقائه إن لم يتنصر فلما ذهبوا به بكى ، قال : ردوه , فقال : لم بكيت؟ قال : تمنيت أن لي مائة نفس تلقى هكذا في الله فعجب , فقال : قبل رأسي وأنا أخلي عنك , فقال : وعن جميع أسارى المسلمين , قال : نعم , فقبل رأسه فخلى بينهم , فقدم بهم على عمر, فقام عمر فقبل رأسه .
2- كان مشهورًا عنه روح الدعابة العالية :
فيروي عبد الله بن وهب عن الليث عن سعد قال : بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله يقع , قال ابن وهب : فقلت لليث : ليضحكه , قال : نعم كانت فيه دعابة .
بعض مواقف عبد الله بن حذافة مع الرسول :
عن أنس بن مالك : أن رسول الله خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورًا عظامًا ثم قال : " من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا " . فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول : " سلوني " . فقام عبد الله بن حذافة السهمي فقال : من أبي ؟ قال : " أبوك حذافة " . ثم أكثر أن يقول : " سلوني " .
 
فبرك عمر على ركبتيه فقال : رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا فسكت . ثم قال : " عرضت عليَّ الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط فلم أر كالخير والشر " .
قصة عبد الله بن حذافة مع كسرى :
- أما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي أن يبعث طائفة من أصحابه بكتب إلى ملوك الأعاجم يدعهم فيها إلى الإسلام .
انتدب عليه الصلاة والسلام ستة من الصحابة ليحملوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم ، وكان أحد هؤلاء الستة عبد الله بن حذافة السهمي ، فقد اختير لحمل رسالة النبي صلوات الله عليه إلى كسرى ملك الفرس .
جهز عبد الله بن حذافة راحلته ، وودع صاحبته وولده ، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد و تحطه الوهاد ؛ وحيدًا فريدًا ليس معه إلا الله ، حتى بلغ ديار فارس ، فاستأذن بالدخول على ملكه ، وأخطر الحاشية بالرسالة التي يحملها له , عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين ، ودعا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا ، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه .
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس مرتديًا شملته الرقيقة ، مرتديًا عباءته الصفيقة ، عليه بساطة الأعراب ، لكنه كان عالي الهامة ، مشدود القامة تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام ، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان , فما إن رآه كسرى مقبلاً حتى أومأ إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال : إنما أمرني رسول الله أن أدفعه لك يدًا بيد وأنا لا أخالف أمرًا لرسول الله , فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو مني ، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده ، ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًّا من أهل الحيرة وأمره أن يفض الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى .."
فما أن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره ، فاحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه لأن الرسول الله بدأ بنفسه , فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح : أيكتب لي بهذا ، وهو عبدي ؟!! ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج .
خرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى وهو لا يدري ما يفعل الله له, أيقتل أم يترك حرًّا طليقًا؟ لكنه ما لبث أن قال : والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أن أديت كتاب رسول الله ، وركب راحلته وانطلق , ولما سكت عن كسرى الغضب ، أمر بأن يدخل عليه عبد الله فلم يوجد .
فلما قدم عبد الله على النبي الله أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب ، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال : " مزق الله ملكه " .
بعض مواقف عبد الله بن حذافة مع الصحابة :
يروي عمرو بن الحكم بن ثوبان ، عن أبي سعيد الخدري قال : بعث رسول الله علقمة بن مجزز قال أبو سعيد الخدري : و أنا فيهم , حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي ، وكان من أصحاب رسول الله وكانت فيه دعابة , فلما كان ببعض الطريق أوقد نارًا ، ثم قال للقوم : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا: بلى; قال : أفما أنا آمركم بشيء إلا فعلتموه ؟ قالوا : نعم ، قال : فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار , قال : فقام بعض القوم يحتجز حتى ظن أنهم واثبون فيه ، فقال لهم : اجلسوا ، فإنما كنت أضحك معكم , فذكر   ذلك لرسول الله بعد أن قدموا عليه , فقال رسول الله : " من أمركم بمعصية منهم فلا تطيعوه " .
ومما روى عبد الله بن حذافة عن النبي :
حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الله يعني ابن أبي بكر وسالم أبي النضر عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة : أن النبي أمره أن ينادي في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب .
وفاة عبد الله بن حذافة :
مات ابن حذافة في خلافة عثمان .
المراجع :
- الإصابة في تمييز الصحابة .
- الاستيعاب .
- صحيح البخاري .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين