الدنيا
التي نعيشها مليئة بالغرائب والعجائب وقد حصلت في هذا الدنيا منذ بدايات طوفان
النصر -إن شاء الله- أحداث غريبة وعجيبة، فمن أعجب الأشياء ما نراه في كثير من
الدول عربيها وإسلاميها وغير ذلك، فمن المعلوم أن كل دولة لها شعبها، ولها قوتها،
ولها مكانتها بين الأمم، على أنها دولة، لكن بعد طوفان النصر نجد أن كثيرا من
الدول تحولت بسرعة إلى أن تكون عبارة عن جمعية اجتماعية للمساعدة!! وليت الأمر تم
عند هذا، بل إن هذه الدول باتت تعجز أن تقوم بما تقوم به الجمعية الاجتماعية،
وأصبحت هذه الدول برضاها أو بهلعها خاوية الوفاض ذليلة منكسرة، وإن كان لها علم
يرفرف فوق البنايات.
هذا
وقد حصل في التاريخ نكبات كثيرة قرأنا عنها ووعينا أخبارها، ورأينا أن الناس بعد
حلول هذه النكبات وأثناءها بدأوا بإصلاح أنفسهم والعودة إلى دينهم وكتاب ربهم،
لكننا اليوم نشهد شيئا في غاية العجب: أن معظم الناس يتفرجون على الدمار الهائل
والقتل الوحشي لإخواننا المسلمين في غزة، ونعجز عن أن نقدم لهم شربة ماء، في ظل
الحصار المجرم الذي لم يشهد التاريخ له مثيلا، ومع هذا لم يفكر أكثر الناس
باستدراك أحوالهم والعودة إلى ربهم، بل صار حال الكثير منهم ينتظر متى تنتهي هذه
الأزمة ليعود إلى سابق عهده من التمتع والتلذذ بأغيار الحياة.
نفهم
أن في الأمة منافقون اشتروا رضا عدوهم بدينهم، لكنهم لم يحدثوا ضجيجا بهذا البيع
الخاسر والشراء، ولكننا اليوم نشهد على ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي فجورا في
هذا النفاق، فأن يخرج رجال ونساء في بعض الدول العربية!! ليرسلوا التهاني
والتبريكات لليهود باستقلال كيانهم المغتصب أرضنا، ويتمنون لهؤلاء الأعداء أن
يعيشوا بسلام وأمن ورخاء على حساب جثث أبنائنا، ويكون ذلك علانية وبفرح يملأ
الأشداق، هذا لم يحصل في التاريخ ولم أقرأ في حياتي عن نذالة تشبه هذه النذالة،
فأي شيء أبقى هؤلاء من عروبتهم وإسلامهم إن كانوا عربا أو مسلمين؟!! وأين دولهم
التي جعلت العروبة بساطا تدوسه لتشوه به سمعة العرب والمسلمين؟
الدول
العربية والإسلامية مليئة اليوم بالعلماء وطلاب العلم، الذين يتفاخر أكثرهم
بالشهادات العلمية التي حصل عليها، فأين هم اليوم في دولهم ومجتمعاتهم لماذا لا
يملؤون الدنيا ضجيجا بدعوتهم ونشاطهم وكتاباتهم وتأليبهم الشعوب على أن تقوم
بالواجب الذي ينبغي أن تقوم به، ولماذا ترك هؤلاء العلماء مواقعهم للجهلة، ولمن لا
يحسن بناء حجر على حجر، وقعدوا والله تعالى يقول لهم:" وإذ أخذ الله ميثاق
الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" فمتى سيكون بيان هؤلاء
العلماء إذا لم يكن اليوم، فعلام الخوف والرعب الذي دب في نفوس كثيرين من هؤلاء
فحبسوا أنفاسهم، وأغلقوا أفواههم، وصمتوا صمت من في القبور؟ والله الذي لا إله إلا
هو ليسألهم ربهم عن هذا التقصير الذي أوقعوا أنفسهم فيه، وليسألنهم أيضا عن الركون
إلى الظالمين، بحجج لا تقنع إبليس والله يقول لهم:" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
فتمسكم النار".
كل
الدول العربية والإسلامية وبعض دول الكفر تقول صراحة بأن الكيان العبري كيان غاصب،
وأن اليهود هم أعداء هذه الأمة الذين اغتصبوا أرضها، ويروجون في الإعلام لهذا
بقولهم: "الكيان الصهيوني الغاصب" والدول العربية بمجموعها تملك ما
تستطيع به الضغط على العالم من أجل إخراج اليهود من فلسطين، ومع ذلك لم تفكر
الزعامات العربية والقيادات السياسية مجرد تفكير في استخدام ما لديها من قوة من
أجل ردع العدوان عن أهلنا في كل فلسطين، ولم تحفزهم مشاهد الإجرام الصهيوني في غزة
وسائر فلسطين على أن يتململوا زيادة عن المطالبات الخجولة التي تزيد العدو شراسة
بأهلنا، فهل قرأتم في التاريخ شيئا من الهوان أكثر من هذا الهوان، ولكن ماذا يمكن
أن نصنع لمن قال فيهم الشاعر:
من
يهن يسهل الهوان عليه......ما لجرح بميت إيلام
في
التاريخ قرانا شيئا كثيرا من بطولات الابطال وتضحياتهم، ولكن ان تكون فئة مؤمنة في
بقعة صغيرة من الأرض تجتمع عليها الدنيا كلها بكل وسائل بشاعتها، ويتخلى عن هذه
الفئة المؤمنة القريب والغريب، ومع هذا يثبتون بتثبيت الله تعالى لهم، فهل قرأتم
في الدنيا بطولة كهذه البطولة؟ وهل سمعتم عن عزة كهذه العزة؟ في الوقت الذي يتساءل
فيه كل صاحب نفس زكية هل رأيتم في الدنيا خذلانا مثل هذا الخذلان؟
اللهم
إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك، اللهم فانصر دينك وأولياءك واخذل
أعداءك كل الخذلان يا رب، اللهم إن المجاهدين في غزة في حفظك وأمانتك فاحفظهم
بحفظك، وكن لهم ناصرا ومعينا، وقوّ شوكتهم وبثّ الرعب في نفوس أعدائهم والمنافقين
معهم يا الله.
اللهم
هل بلغت؟ اللهم فاشهد
تلك نفثة مصدور على صفحة تملؤها السطور
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول