شمائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم  - المربي المعلم

التربية والتعليم من شمائل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم   فهو المعلم الأكمل والمربي الأمثل، الذي بعثه الله سبحانه وتعالى ليكون رحمةً للعالمين، وليكون معلماً للبشر أجمعين، فجعل عزوجلَّ من صميم مهمته لهذه الأمة بل وللإنسانية كلها أنه يعلم الكتاب والحكمة، وأنه يزكي النفوس وأنه ينير بصائر العقول [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] {الجمعة:2}. 

فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم    معلماً فحسب، وإنما كان معلماً مزكياً، كانت التربية أساس في التعليم الذي جاء به، وكانت التربية صلباً رئيسياً في هذا العلم، الذي بثه بين الناس فأحيا به موات القلوب ونشط به كسل النفوس، و أنار به ظلام الجاهلية بشبهاتها وشهواتها، وما كان يكتنفها من عصبيات وجاهليات برئ الله سبحانه وتعالى منها من أتبع محمد صلى الله عليه وسلم    واستنار بنور هدايته، وأسترشد بطريق إرشاده عليه الصلاة والسلام.

وهو الذي يقول عن نفسه كما في حديث مسلمٍ في قصة تخيير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم  لمّا أرادت عائشة رضي الله عنها أن يكتم النبي صلى الله عليه وسلم ما أستقر عليه رأيها عن بقية أزواجه حتى لا يعرفوا ما أستقر عليه رأيها فتوجه لها النبي صلى الله عليه وسلم   قائلاً : «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِى مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِى مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ».

لقد كان تعليمه صلى الله عليه وسلم  عاماً كل فئات المجتمع، فكما كان يعلم الرجل، فقد حدد للنساء يوماً يأتين إليه فيعلمهن مما علمه الله عز وجل ويجيب على أسئلتهن ويرشدهن إلى ما ينفعهن.

ووسع صلى الله عليه وسلم  مجالات العلم لتشمل كل ما تحتاج إليه الأمة، فهاهو يوجه زيد بن ثابت لتعلم السريانية لغة اليهود، ويقول له: «يَا زَيْدُ، تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُودَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي قَالَ زَيْدٌ : فَتَعَلَّمْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ، مَا مَرَّتْ بِي خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى حَذَقْتُهُ وَكُنْتُ أَقْرَأُ لَهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَأُجِيبُ عَنْهُ إِذَا كَتَبَ».

ولم يقتصر على العلوم النظرية بل بدا بالتعليم المهني الذي يعلم الإنسان مهنة شريفة يكتسب من خلالها قوته وقوت عياله، كما حث الصحابة على تعلم المهارات القتالية كالرمي ويحثهم على ذلك بقوله: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا».

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين