شكراً لكورونا

حكمة الله البالغة تصنع من الشر خيراً، ومن الخير شراً، والحصيف من يتعظ بذلك، هذا بعض ما قالت لي جائحة كورونا، الفيروس الضعيف الذي هدد العالم كله، ولايزال.

في بردتيكِ مكارم حسناءُ=تترى وأنتِ مصيبة هوجاءُ

أذكرتِنا أن الحياة قصيرة=مهما تطل تسطو بها الأهواء

يعرو الغنى فقرٌ ومَنْ سَعِدَ الأذى=والعزَّ ذلٌّ والصباحَ مساء

وأريتِنا أن المفاز هو التقى=عقباه جنة ربنا الغنَّاء

سبحان من جعل الحياة نقائضاً=كل له شأن وفيه غَناء

فمن الغيوم المغدقات مهالك="ومن السموم الناقعات دواء(1)"

فلنشكر الرحمن إن قضاءه=عدل وفيه حكمة ورِعاء

* * *

ولربما جاء البلاء عقوبة=لأماجد لكنهم قد ساؤوا

وطهارة لقلوبهم فإذا بهم=بين الورى أيقونة زهراء

ولرُبَّ شرٍّ موقظٌ في أهله=عظةً فهاهم خيرة برآء

لكأن في الداء العياء بشارة=ونذارة وجميعها آلاء

هي توبة وملامة وعزيمة=ما شانها وهنٌ ولا إعياء

شكراً لكورونا فأنت مواعظ=فيها الصراحة كوكب وضاء

وفداكِ من هلكوا عصاة أسرفوا=أخزتهم الآثام والأهواء

التوب كان أمامهم مشروعة=أبوابه لكنهم سفهاء

***

إن المتاب مع اليقين مناهل=تروي الظماء وقلعة شماء

(1) شوقي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين