شروط الإقامة

هنا محطة الوصول ... نحمد الله على سلامة الإخوة السائرين ... الرجاء التوجه لتقديم متطلبات الإقامة ...

ها هو وعد الله الحق يصبح واقعاً تراه العين و يدركه العقل و يحسه القلب إنه الوعد الذي لا جدال في إنفاذه متى تحققت شروطه.

الآن أصبح المجتمع الإسلامي الحركي العضوي حقيقة واقعة و الإقامة فيه متاحة لمن يحقق متطلبات الإقامة و شروطها.

 

و إن شروط الإقامة تتمثل في الحفاظ على شروط تأشيرة الوصول و يضاف لها شروطاً أخرى لابد من تحقيقها بما يناسب المرحلة الحالية.

و رب قائل و ما علاقة متطلبات تأشيرة الوصول بشروط الإقامة فالجواب سيكون أنه إذا تم العمل بمتطلبات غير متطلبات تأشيرة الوصول لنقطة ما فكأنه يتم العمل للوصول لنقطة أخرى و بالتالي من الطبيعي أن الإقامة في المحطة النهائية لن تكون محققة و سيتم الإنتقال لمحطة أخرى تناسب المتطلبات الجديدة التي تم العمل بها و هذه سنة ربانية متى تغيرت المتطلبات و الوجهة لابد و أن تتغير محطة الوصول.

 

و لابد للجماعة المسلمة السائرة في الطريق أن تكون على دراية كافية بمتطلبات و شروط الإقامة خلال سيرها في الطريق و أن تعمل على تنفيذها و العمل بمقتضياتها لما فيه من تربية للنفس على المدى البعيد لتوطينها على هذه المتطلبات حتى تستطيع المثابرة عليها بعد الوصول. حيث يقول الله تعالى : 

(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ? وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ? وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ? إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ? وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج 41.

 

حيث تأتي الآية التي تبين متطلبات البقاء من الذين يمكن لهم في الأرض بعد آية اختتمت بـ ( و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) و كأنها أتت واصفة من هم الذين ينصرون الله فينصرهم. و بالتالي فإن الشروط هذه ما هي إلا شروط لابد من العمل على تحقيقها و تربية النفس على الحياة بها حتى يتم الوصول لنهاية الطريق و الإستمرار بها هو شرط البقاء فمتى اختل الميزان بين هذه المتطلبات بسقوط أحدها فقد انتفت عن هذه الشروط صفة شروط الإقامة و عليه فإن السائرين في الطريق يسيرون في طريق آخر غير الطريق و يعاكس السنن الربانية في البقاء و هذه النواميس الربانية محققة لا ريب فيها.

و قد تحددت شروط الإقامة في إقامة الصلاة بما فيها من رمزية كبيرة تعلن فيها الجماعة المسلمة العاملة خضوعها لله و إعترافها الصريح بالربوبية و الألوهية و هذا بدوره لابد له من مقتضيات تترتب عليه و هذه المقتضيات تتحقق بالإمتثال بالأوامر الربانية و الإنعتاق من أي سلطان أرضي إلى سلطان الله و حكمه.

 

و الشرط الثاني هو حق المال الذي هو شريان السير فمن غيره لا يمكن للجماعة المسلمة أن تكون عاملة و أن تسلك الطريق و هذا المال لابد و أن يكون مالاً خاصاً بهذه الجماعة لا منة لأحد عليها فيه إلا الله و هذا المال لابد و أن يزكى و من زكاته تسد خلة الجماعة و يكفل المحاويج فيها فتكون دعماً للطريق تعين على طول المسير و تذلل العقبات فيه.

أما الشرط الثالث فهو الأمر بالمعروف كل معروف يخدم الأمة و يسهل الطريق أمامها للوصول و النهي عن المنكر أي منكر يكون عقبة في الطريق و عندما تأتي الصيغة بأن يكون المعروف و المنكر بالأمر و النهي فإنما هي رمزية لوجود أسباب القوة عند من يأمر و ينهى حتى يكون أمره و نهيه مطاعاً.

 

 و عليه فإن هذا الشرط لابد و أن يتم العمل على تحقيق متطلباته و هي أسباب القوة و ليست القوة بمعنى أن تكون عسكرية أو بدنية فقط و إنما يضاف لذلك قوة التواصل و الأساليب الداعمة لذلك من وسائل إعلام و تعليم و تربية و أجواء نظيفة  تعين على تحقيق المعروف و البعد عن المنكر و بناء مجتمعي يكون صورة جميلة لحقيقة الإسلام يمثل الفهم القويم له فيكون هذا البناء قبلة لم شاء من العالمين.

إن شروط الإقامة قد جاءت بصيغة العطف و بالتالي فإن سقوط أي من المعاطيف سيسقط الباقي و يختل الميزان و تنتفي شروط البقاء و الطريق يسير بإتجاه غير الإتجاه و سيكون هناك محطات غير المحطات.

و هذه شروط الإقامة نسأل الله العون و السداد ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين