من أوضح واعمق القصص والحوارات التي تبين دوافع الإنسان وهو يتمسك بدنياه ومصلحته على حساب دينه وقيمه وأخلاقه، وأن هذا الدافع موجود عند المسلم واليهودي والنصراني والبوذي والهندوسي سواء وموجود عند العالم والجاهل والرئيس والمرؤوس كذلك ما رواه ابن القيم عن موقف حدث معه فيقول:
"ولقد ناظرت بعض علماء النصارى معظم يوم ، فلما تبيَّن له الحق بَهت ، فقلت له – وأنا وهو خاليين – ما يَمنعك الآن من اتباع الحق ؟ فقال لي : إذا قدمت على هؤلاء الحمير – هكذا لفظه – فرشوا لنا الشقاق تحت حوافر دابتي ، وحكموني في أموالهم ونسائهم ، ولم يعصوني فيما آمرهم به ، وأنا لا أعرف صنعة ، ولا أحفظ قرآنًا ، ولا نحوًا ، ولا فقهًا ، فلو أسلمت لدرت في الأسواق أتكفف الناس ، فمن الذي يطيب نفسًا بهذا ؟! .
فقلت : هذا لا يكون ، وكيف تظن بالله أنك آثرت رضاه على هواك يخزيك ، ويذلك ويحوجك ؟! .
ولو فرضنا أن ذلك أصابك فما ظفرت به من الحق والنجاة من النار ، ومن سخط الله وغضبه فيه أتم العوض عما فاتك ، فقال : حتى يأذن الله ، قلت : القدر لا يحتج به ، ولو كان القدر حجة لكان حجة لليهود على تكذيب المسيح ، وحجة للمشركين على تكذيب الرسل ، لا سيما أنتم تكذِّبون بالقدر ، فكيف تحتج به ؟!
فقال : دعنا الآن من هذا وأمسك !"
المصدر: هداية الحيارى من أجوبة اليهود والنصارى ( 121 )
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول