شخصية المسلم مع مجتمعه (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

يقول الكاتب الأديب مصطفى صادق الرافعي: 

"لو أنني سئلت أن أجمل فلسفة الدين الاسلامي كلها في لفظين، لقلت: إنها (ثبات الأخلاق) 

ولو سئل أكبر فلاسفة الدنيا أن يوجز علاج الانسانية كلها في حرفين لما زاد على القول إنه: (ثبات الأخلاق)

 ولو اجتمع كل علماء أوروبا ليدرسوا المدنية الأوروبية، ويحصروا ما يعوزها لقالوا: (ثبات الأخلاق)".

الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم

المسلم حكيمٌ في دعوته:

قال تعالى: [ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة].

وذهب رجل إلى أحد الأمراء فوعظه وشدد عليه في الموعظة...

فقال له: يا هذا لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني

لقد أرسل الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون فقال لهما:

     [فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى].

ومن لباقة الداعية وحسن أسلوبه ألا يطيل في الموعظة..

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا). متفق عليه

المسلم يخالط الناس ويصبر على أذاهم: 

فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي يعتزل الناس ولا يسعهم بأخلاقه. 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم –والأنبياء من قبله- آية في الصبر على أذى الناس. 

ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم على الناس بعض الغنائم

فقال رجل من الأنصار: والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله!

فسمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته فتغير وجهه وغضب ثم قال:

(قد أوذي موسى عليه السلام بأكثر من ذلك فصبر) رواه البخاري ومسلم.

المسلم حريص على هداية الناس:

إن كلمة طيبة يلقيها الداعية الصادق في أذن إنسان شارد عن الطريق فيغرس بها بذرة الهداية في قلبه لثمنها غال جداً عند الله ويثيبه عليها ثواباً كبيراً...

قال صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه: (فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم). متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً). رواه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية). رواه البخاري.

المسلم ناصحٌ .. 

إيماناً منه بأن دينه هو النصيحة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة..). رواه البخاري ومسلم

وكان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على النصيحة لكل مسلم. متفق عليه

وقال صلى الله عليه وسلم : (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة). متفق عليه

المسلم موفٍ بالعهد .. 

وهذا الخلق من أهم عوامل نجاح الإنسان في تعامله مع الناس

قال تعالى: [وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً] الإسراء 34

وقال أيضاً: [وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم]   النحل 91

والخلف بالوعد من علامات المنافق

قال صلى الله عليه وسلم : (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان). متفق عليه.

المسلم حسن الخلق لين القول

عملاً بهدي الإسلام وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم

يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً. متفق عليه

وعن أنس أيضاً : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين .. فما قال لي قط أف !!

ولا قال لشيءٍ فعلتُه لم فعلتَه، ولا لشيءٍ لم أفعله ألا فعلت كذا !! متفق عليه

ويقول النبي ? : (ما من شيءٍ أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حُسن الخلق

وإن الله يبغض الفاحش البذيء). رواه الترمذي

وقال صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) رواه الترمذي

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) رواه الترمذي.

وقال تعالى في وصف النبيصلى الله عليه وسلم: [وإنك لعلى خلق عظيم] (القلم:4).

المسلم متصف بالحياء:

يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.. متفق عليه

وقال صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير). متفق عليه

وقال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة.. فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). متفق عليه.

فالمسلم يستحي من الله قبل حيائه من الناس؛ لأنه يعلم أن الله يعلم السر وأخفى..

قال تعالى: [يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا] (النساء: 108). 

المسلم رفيق بالناس:

قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) متفق عليه.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الناس الرفق في معاملة الناس: إذ جاء أعرابي يوماً فبال بالمسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلاً (دلواً) من ماء. فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين. رواه البخاري.  

المسلم رحيم:

المسلم رحيم تتفجر ينابيع الرحمة من قلبه؛ إذ يدرك أن رحمة العباد في الأرض سبب لرحمة السماء. (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه الترمذي.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الطفل الصغير –وهو في الصلاة- فتأخذه الرحمة بأمه الولهى فيوجز في صلاته. رواه البخاري.

وفي البخاري: سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم  فقال أتقبلون صبيانكم فما نقبلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك.

وقال صلى الله عليه وسلم: (من لا يرحم لا يرحم) رواه البخاري.

وللحديث تتمة إن شاء الله تعالى...

 

المصادر: 

القرآن الكريم

كتب الحديث النبوي

كتاب: شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة/ محمد علي الهاشمي .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين