شحنة من السلاح أم من الأفيون..!؟

أوقف سلاح البحرية الإسرائيلي فجر الأربعاء 5 آذار/مارس 2014 سفينة محملةً بالأسلحة في عرض البحر الاحمر على بعد حوالي 1500 كيلومتر من إيلات كانت في طريقها فيما قال الخبر إلى قطاع غزة.

 

في تفصيل الخبر حسب الرواية الإسرائيلية أن صورايخ سورية من طراز M302 نُقلت جواً من مطار دمشق إلى إيران، ثم تمّ شحنها بعد إخفائها بأكياس للأسمنت بسفينة ترفع علم بنما، أبحرت من ميناء بندر عباس فالعراق فميناء بورسودان، وقد اعترضتها وحدة من القوات الخاصة الإسرائيلية في المياه الدولية مقابل الحدود بين إريتريا والسودان، وأرغمتها على السير باتجاه ميناء إيلات.

 

هذا الخبر على الصعيد الإعلامي، يلفتنا فيه أن إسرائيل نشرته بالصوت والصور والوقائع، وأن الآخرين نفوا علاقتهم به جملة وتفصيلاً.  فإيران نفته عبر ناطقٍ من قواتها المسلحة والخارجية أيضاً، معتبرة إياه سيناريو ملفقاً ينم عن السذاجة، كما نفت السودان أيضاً.  وأما حماس فقالت: لاصلة للمقاومة بشحنة الأسلحة المفترضة، ومثلها قالت حركة الجهاد معتبرة إياه إدعاء إسرائيلي كاذب هدفه خلق مبرر لاستهدافها وغيرها من فصائل المقاومة في غزة.  وإنما نتانياهو وحده ذكّرنا بأن إيران ترسل السلاح للمنظمات في غزة عبر شبكة معقدة.

 

وأما الخبر على الصعيد الشعبي وغير الرسمي وهو المهمّ، لأنه لكل السوريين واللبنانيين والعرب المتشككين بزعم مقاومة المقاومين وممانعتهم من إيران وسوريا وحلفائهما، وهذا هو الدليل الباتع أمام أعينكم (مسك اليد) في ضبط السفينة وشحنتها.  أفبمقاومتهم وممانعتهم بعد ذلك تمارون وتشكّكون وتنكرون..!!

 

في التعليق على الخبر بين مانشرته المصادر الإسرائيلية وبين نفي الآخرين له وزعمهم تلفيقه، فهناك الكثير من الكلام الذي يقال بين الناس من أنصار الحلف المقاوم وميليشياته، ومن خصومه المشككين به وبمقاومته. وإنما أياً كان الكلام عن الشحنة المزعومة، فإن كل طرفٍ يستفيد منها بما يناسبه.  فالإسرائيلي الذي حرص فيه نتنياهو شخصياً على إعلان الخبر أثناء حضور الاجتماع الموسمي للمنظمة اليهودية إيباك في أمريكا للفت نظر الجميع إلى خطورة النووي الإيراني مما يجب كبحه وعدم السماح به في أجواء التفاهم الأمريكي الإيراني القادم.  وأما الإيراني فمن دون كلام، يريد أن يثبت لكل العرب المشككين بدوره الإقليمي والعربي ودعمه للأسد مالياً وعسكرياً ولوجستياً ومشاركته بقتل السوريين مع حلفائهم وميليشاتهم الطائفية في المنطقة بأن عينه على المقاومة دعماً ومساندة وليس على شيء آخر مما يتكلم به الخصوم عن مشاريع طائفية فيها خصوصاً من بعد بوادر بتفاهمات إيرانية أمريكية كان من مظاهرها لف وبلع شعارات الشيطان الأكبر ورفع شعار الحرب على الإرهاب.  ومثل الإيراني في هذا هو بشار الأسد وشبيحته أيضاً، بأنه في الوقت الذي هو فيه بأمس الحاجة إلى السلاح والعتاد في حربه الداخليه على شعبه، فهو يؤثر المقاومة ودعمها عن نفسه رغم حاجته لها في أحلك ظروفه التي يمرّ بها، كما هي رسالة لكل المشككين بمقاومته والنيل من صدقّيتها، كما أنها رسالة الأسد للمعنيين لنفي الظنون عنه بأنه لم يعد قادراً على لعب الورقة الفلسطينية في وضعه الإقليمي الحالي.

 

في ملخص الخبر ثبوتاً ونفياً، فإن الشحنة أياً كانت، فهي ليست أكثر من شحنة أفيون يراد لها أن تخدّر العقول وتصرف الناس عن الجرائم التي يرتكبها أدعياء المقاومة والممانعة وميليشياتهم في سوريا؛ فهم بها يُغطّون على مجازرهم وأفعالهم المتوحشة بحق السوريين وتهجير الملايين منهم، على طريقة القراصنة واللصوص الذين يتصدقون، والنهّابين والفاسدين الذي يظنون أنهم ببناء دور العبادة يُطهّرون أموالهم ويتطهرون.  

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين