سوانح بارقة -12-

• يا بني،

كان سلفنا الصالحُ ينتقون أحسنَ الكلام،

وأجملَ الحِكَمِ والوصايا والآداب،

ويجمعونها في أسفارهم،

لينتفعَ بها أبناءُ جيلهم ومَن بعدهم،

فخذها من كتب الزهدِ والرقائق،

لتؤدِّبَ بها نفسكَ ومَن تحب،

فإنها من خيرِ الكتبِ وأزكاها للنفوس.

 

• من صفاتِ أهلِ السنةِ أنهم يأخذون صنوفَ العلمِ من جميعِ علمائهم،

في الشرقِ وفي الغرب،

فيأخذون من السمرقندي والجزري كما يأخذون من الأندلسي والقلقشندي،

ويستشهدون بأقوالِ المكي والغزّي كما يستشهدون بأقوالِ الطبري والتلمساني،

وقد أثَّرتِ (التربيةُ الوطنيةُ) والحدودُ السياسيةُ على بعضِ طلبةِ العلمِ من أهلِ السنَّةِ في هذا العصر،

فكثيرًا ما يقتصرُ بعضُهم على علماءِ بلدهم وحدَهم!

وهذا خطأ وتعمدٌ لا يليقُ بأهلِ السنةِ وهم طائفةٌ واحدة،

فلا يستشهدنَّ أهلُ مصرَ بأقوالِ علماءِ مصرَ وحدَها،

ولا يقتصرنَّ أهلُ نجدٍ على الأخذِ من علمائهم وحدَهم،

ولا يأخذْ أهلُ الشامِ من علمائها دون غيرهم،

ومن فعلَ ذلك قصدًا فقد تعصَّبَ وقلَّدَ وتقوقعَ وكان ضيِّقَ الأفق.

 

• يا بنتي، 

اصمدي في وجهِ الرياحِ العاتية، 

الآتيةِ من جهةِ الشرِّ والفتنة، 

فإن الخفيفةَ منها تأخذُ الخفيفاتِ من النساءِ في دينهنّ، 

الرقيقاتِ في إيمانهنّ، 

المتساهلاتِ في التزامهنّ، 

اللواتي لا يصمدنَ أمامَ شائعةٍ فتدوِّخهن، 

أو لوثةٍ فتُمرضهنّ، 

أو صرعةٍ فتَصرعهنّ.

 

• إذا رأيتَ مجلسًا بينهم عالم،

وهو ساكتٌ وهم يتكلمون،

فقد أخذوا منه دورَ المقالِ وهجروا علمه،

فهو مجلسُ دنيا لا دين.

 

• الذي يسرحُ بفكرهِ في أحوالِ المسلمين،

وتأخذُ همومُهم بنفسه،

ويهتمُّ برفعةِ شأنهم،

غيرُ الذي يسرحُ بفكرهِ في صفقاتِ الأرباح، 

أو تصيُّدِ الشهواتِ المحرَّمات،

لا يستويان عند ذوي الألباب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين