سعة رحمة الله

 

 

والرحمة صفة من صفات الله ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة:

 

ولله تعالى اسمان مشتقان من الرحمة هما: الرحمن الرحيم وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن: خاص لله، ولا يسمى به غيره، ولا يوصف. والرحيم: يوصف به غير الله فيقال: رجل رحيم[1] وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: (الرحمن: لجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين خاصة)[2]

 

الرحمن لجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين، ولهذا قال تعالى: {الرَّحْمَنُ

 

عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [3] ليعم خلقه برحمته، وقال عز وجل: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[4] ، فخصهم باسمه الرحيم[5].

 

ورود الاسمين مقترنين: (6) لا سابع لها

 

ورد هذان الاسمان مقترنين في القرآن الكريم ست مرات:

 

1-قال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[6] ،

 

2-وقال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[7] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[8]،

 

3-وقال عز شأنه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[9]، 4-وقال جل وعلا: {حم}[10]  {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[11] ،

 

5-وقال عز من قائل: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [12](1)،

 

6-وقال تبارك وتعالى {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[13]

 

ورد هذا الاسم الرَّحْمَنِ مفردا في القرآن الكريم إحدى وخمسين مرة: (51)

 

1-قال تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}[14] ،

 

2-وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[15] ،

 

3-وقال عز شأنه: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}[16] ،

 

4-وقال تبارك اسمه حكاية عن أم عيسى - عليه السلام -: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[17]

 

3 - ورود اسم " الرحيم " منفردا: (3)

 

اسم الله " الرحيم " لم يرد في القرآن منفردا إلا في ثلاثة مواضع لا رابع لها هي:

 

أ- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[18].

 

ب- {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[19].

 

ج- {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[20].

 

أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (4) لارابع لها

 

موسي عليه السلام

 

1-{ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأعراف: 151]

 

يعقوب عليه السلام

 

2-{قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 64]

 

يوسف عليه السلام

 

3-{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 91، 92]

 

أيوب عليه السىلام

 

4-{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]

 

وفي السنة النبوية المطهرة

 

وفي الصحيحين : (فَيَقُولُ الْجَبَّارُ - عز وجل -:)[21] (شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ , وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا شَفَاعَةُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [22] (فَبِعِزَّتِي لَأُعْتِقَنَّهُمْ مِنْ النَّارِ)[23] (فَيَقْبِضُ الْجَبَّارُ - عز وجل - قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ , قَدْ عَادُوا حُمَمًا)[24] (فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ) [25] (فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ الْخَوَاتِيمُ) [26] (وَيُكْتَبُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللهِ - عز وجل -) [27] (فَيُذْهَبُ بِهِمْ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ)[28](فَيَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ)[29] (فَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ)[30] (الَّذِينَ أَدْخَلَهُمْ اللهُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ , وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ)[31] (فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: بَلْ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الْجَبَّارُ (309))[32] (ثُمَّ يَقُولُ الرَّبُّ - عز وجل -: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)  [33](فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ , فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ , فَيَقُولُ: رِضَايَ , فلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا)[34]

 

خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (2) لا ثالث لها وفي سورة واحدة " المؤمنون"

 

1-{إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109]

 

2-{وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118]

 

سعة رحمة الله (3)  لا رابع لها

 

الله تعالى ذو رحمة واسعة فقد وسعت رحمته - سبحانه - كل شيء ووسع - جل شأنه - كل شيء رحمة وعلما

 

أولا : في حديث المولى عز وجل عن نفسه

 

1-قال سبحانه: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[1] سورة الأعراف الآية 156 مكية

 

ثانيا : حملة العرش يتحدثون

 

2-وقال جل شأنه: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[2] سورة غافر الآية 7 مكية

 

ثالثا: صفوة الخلق يؤمر بذلك

 

 3-وقال سبحانه: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}[3] سورة الأنعام الآية 147 مكية

 

ويُستأنس لذلك ايضا بقوله تعالى :

 

1-وقال أحكم الحاكمين: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [4] سورة الإسراء الآية 100 مكية

 

2-وقال عز اسمه: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[5] سورة فاطر الآية 2 مكية

---------------------------------------

 

[1] سورة الأعراف الآية 156

[2] سورة غافر الآية 7

[3] سورة الأنعام الآية 147

[4] سورة الإسراء الآية 100

[5] سورة فاطر الآية 2

 

[1] النهاية لابن الأثير 2/ 210.

[2] الدر المنثور 1/ 34.

[3] سورة طه الآية 5

[4] سورة الأحزاب الآية 43

[5] تفسير ابن جرير 1/ 126.

[6] سورة الفاتحة الآية 1

[7] سورة الفاتحة الآية 2

[8] سورة الفاتحة الآية 3

[9] سورة البقرة الآية 163

[10] سورة فصلت الآية 1

[11] سورة فصلت الآية 2

[12] سورة الحشر الآية 22

[13] سورة النمل الآية 30

[14] سورة الرعد الآية 30

[15] ) سورة الإسراء الآية 110

[16] سورة مريم الآية 18

[17] سورة مريم الآية 26

[18] سورة النساء الآية 29

[19] سورة الإسراء الآية 66

[20] سورة الأحزاب الآية 43

[21] (حم) 12491 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده جيد.

[22] (م) 183 , (خ) 7001

[23] (حم) 12491

[24] (م) 183 , (خ) 7001

[25] (خ) 7001 , (م) 183

[26] (خ) 7001 , (م) 183

[27] (حم) 12491 , (خ) 7001 , (م) 183

[28] (حم) 12491

[29] (م) 183

[30] (حم) 12491 , (ك) 8736

[31] (خ) 7001 , (م) 183

[32] (حم) 12491 , (مي) 52

[33] (م) 183 , (خ) 7001

[34] (م) 183

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين