سعادة الدنيا والأمن في الآخرة

سعادة الدنيا والأمن في الآخرة

 

محمد محمد الأسطل

مَن سار في جناب الله أَمِنَ وَرَشِدَ، وسُرَّ وَسَعِدَ، وإليك مشاهد السعادة لثلة من هؤلاء:

سعادة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لحظة خروجه ماشيًا من النار والناس تنظر إليه! وكذا وريثه الخولاني وناره التي لم تحرق إلا وثاق يديه! ثم سعادة موسى عليه الصلاة والسلام وصحبِهِ لحظة سيرهم في أرض تحت البحر لم تشرق عليها الشمس إلا مرة! وكذا الحضرمي يسير بجيشه على الماء يومًا وليلة! ثم سعادة النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الأرض تؤازره، تحبس سراقة عنه وعن صاحبه!

فأي لسان يحدث بالسعادة التي شعروا؟! وأي قلمٍ يَسْطُرُ اللذة التي وجدوا؟!

فلا تقبلُ شهادةٌ إلا مِمَّن ذاق؛ ليتحفنا بنسائم الأشواق، والمذاق الرقراق، فهذا أحدهم يقول: تمر على قلبي ساعات يرقص فيها طربًا، وآخر يعلن: لو كانت السعادة التي أشعر هي نعيم أهل الجنة لكانوا في عيشٍ طيب، وعلى كلٍ؛ فَإِنَّ الخبرَ ليس كَالمُعَاينة!

وأمنًا في الدنيا ويوم القيامة:

إن الذين يخشون ربهم خشية تامة، يتحصل لهم أمن تام في الدنيا ويوم القيامة، فإن {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]

ثم إن من يعتمدون على الله بالكلية لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، فإن ماتوا {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [فصلت: 30]، وإن قامت قيامتهم ف{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103]، وإذا عرضت جهنم لهم، صرفها الله عنهم؛ فإنهم {عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102-103]، ثم يدخلون الجنة {بِسَلَامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46]، فإن نزلوا منازلهم؛ تمت النعمة عليهم {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]، بل يكتمل نعيمهم، بلا خوفٍ ولا هَمٍّ، ثم {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدخان: 55]!

عندها يدرك من ضلَّ وزلَّ، وأدمن الزلل، أن ثمة فرق {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت: 40]!

أخي:

إنَّ من ضَلَّ وغَوى، واتبع الزيغ والهوى، أو كَذَّب وعَصَى، ثم تَكَبَّرَ واستعْلَى، سَيُدَمَّر بذاتِ الشيءِ الذي اعتمدَ عليهِ من دُونِ اللهِ تَعَالى!

أخي:

بأهلِ الجَنَابِ الإلهي تَقَرُّ العُيون، وتَفِرُّ الهُمُوم، فَهُم صفوة العباد، وأَمْنُ البلاد، ومن تَعقِدُ الأمةُ أملًا كَرِيمًا بعدَ اللهِ عليهم، والأناملُ تَتَّجِهُ إليهِم، فَكُنْ –أخي- منهم، وإلا قِفْ بِبَابهم، فَهُمُ القومُ لا يشقَى بِهم جليسُهُم، وإياك والتَعَلُّل بِفُتُورِ الظاهِر والبَاطن، فالخيرُ فيك كامنٌ، وإنَّ جنابَ الله دومًا آمنٌ آمن!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين