روائع قرآنية (6)

الرائعة القرآنية السادسة :

قال الله تعالى : أ- (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل . إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم . ولَمَن صبر وغفر إن ذلك لَمِن عزم الأمور ) الشورى/41-43

ب- (يا بُنَيَّ أقم الصلاة وامر بالمعروف وانْهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان/17

تثير فينا هذه الآيات أربع وقفات :

1-المظلوم من حقه أن يغضب ويدفع الظلم عن نفسه وينتصر لكرامته، حتى لا يستعذب الطغاة ظلم الناس وقهرهم إذا لم يجدوا إلا الخنوع والاستسلام . وهذا حق مشروع لا يماري فيه إلا الظلمة ومن وقف نفسه وعلمه لخدمتهم. (ولَمَن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.)

2- وإذا كان لا بد من توجيه اللوم لأحد الطرفين، فيجب أن يتوجه إلى الظالم الجلاد،لا إلى المظلوم الضحية(إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق )

3- إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يستسيغه من أخذته العزة بالإثم بل يرفضه . لذا فهو قد يتخذ من ذلك ذريعة لظلمه وأذاه ، فليعلم من أخذ على نفسه العهد في الدعوة أن الأذى سيلحقه ، فليوطّن نفسه لاحتماله الصبر عليه، لأنه نتيجة حتمية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4- لكن لما كان هذا النوع من الصبر ، من أجل الدعوة وفي سبيلها ، يبدو عذباً مستساغاً، وكأنه لم يكن ، وكأنه بلا غريم  لأن الداعية بأمره ونهيه هو الذي صنع هذا الغريم ، وقد حسب وتوقع لأذاه كل حساب ، وهو طامع بعظيم الثواب . لذا فإن هذا الصبر لن يكون صعباً على النفس كسابقه ، حين كان الظلم لمجرد الظلم ، أو لمجرد الانتقام لأحقاد دفينة وثارات مفتعلة موهومة . من أجل ذلك لم يكن التوكيد باللام مع هذا النوع من الصبر كسابقه بل كان (إن ذلك من عزم الأمور) ، وليس : لمن عزم الأمور، والله أعلم .

 وذلك لتتأكد حقيقة أن القرآن قد اختيرت ألفاظه بعناية فائقة،  فكانت كل لفظة في مكانها الذي يناسبها دون سواه .

فما أروع البيان في آي القرآن !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين