روائع قرآنية (4)

الرائعة القرآنية الرابعة

 

ما أجمل أن يعيش المسلم في ظلال القرآن في رمضان !

قال الله تعالى : (وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون ) الشعراء / 52

ثم قال سبحانه : (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون . قال كلا إن معي ربي سيهدينِ )الشعراء/61

 

لسائل أن يسأل لماذا اختلفت تسمية بني إسرائيل في الآيتين ، فكانت بلفظ (عبادي)في الأولى ثم صارت (أصحاب موسى) في الثانية؟ ذكرنا أن القرآن الكريم يختار ألفاظه بعناية فائقة، فيضع كل لفظة في مكانها الذي لا يصلح فيه غيرها ، وعلى هذا فإنه لما كانت قلوب بني إسرائيل عامرة بالإيمان ، واستحقوا أن ينجيهم الله من فرعون وعمله ، وصفهم بقوله (عبادي) وهو أعلى وسام يحصل عليه المؤمن ، وقد حصل عليه سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً)

 

لكن في الآية الثانية حين وصل موسى عليه السلام بهم إلى ضفاف النيل ، ورأوا فرعون الذي كان قد لحقهم ، وعلموا أنه قد رآهم ، وأيقنوا أنه سيدركهم لا محالة ويهلكهم . هنا تحركت بشريتهم وتغلبت على إيمانياتهم التي كانوا عليها يوم خرجوا ، فعبَّروا عن ضعف إيمانهم بقولهم (إنا لمدركون) عندها لم يعد الوصف الإيماني الرائع (عبادي) يناسبهم ، واستحقوا أن يطلق عليهم وصف(أصحاب موسى) لتكون 

كل كلمة في مكانها الذي تصلح له دون سواه . والله أعلم .

 

فما أروع البيان في آي القرآن !

 

أما موسى عليه السلام الذي امتلأ قلبه إيماناً ويقيناً بربه ، فقد استنكر مقولة قومه ، وعبر عما بداخله بقوله : (كلا إن معي ربي سيهدين) فكانت نجاته وقومه من فرعون طاغية مصر الذي أهلكه الله بالغرق ، ثم شاء أن يخرجه وينجيه ببدنه بعد موته ، ليرى الناس هذا الطاغية الذي نصب نفسه إلهاً عليهم واستعبدهم ، كيف أنه عجز عن إنقاذ نفسه من الغرق ، ليكون لمن خلفه آية .

 

ولما كان التاريخ يعيد نفسه فإننا نهيب بشعبنا السوري البطل الذي ابتلي بأعتى طغاة العصر، ألا يتزعزع إيمانه بنصر الله لأنه مظلوم مقهور ، وعدوه ظالم متجبر متكبر متغطرس ، ومعه قوى الشر في العالم أجمع ، وحاشاه سبحانه أن ينصر الظالم ويخذل المظلوم ، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، فكيف إذا كانت من صائم لا ترد دعوته ؟! 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين