روائع قرآنية -32- والأخيرة

 

الرائعة القرآنية 32:

قال الله تعالى : (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون .

إن الذين كفرو وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) آل عمران/ 90،91 

نلحظ في الآيتين العقوبة المغلظة للكافرين مما يجعل الإنسان يراجع حساباته قبل أن يدركه الأجل حتى لا يكون في صف الكفار بحال ، ولا يقاتل من أجلهم ولا يضحي في سبيلهم ، إلا أننا نجد في الأولى (لن تقبل توبتهم) بدون التوكيد والمبالغة بالفاء ، بينما في الثانية دخلت الفاء للتوكيد (فلن يقبل من أحدهم ملءُ الأرض ذهباً ولو افتدى به) وما ذاك والله أعلم إلا لأنه سبحانه ذكر في الثانية موتهم على الكفر (وماتوا وهم كفار) فناسب هذا التأكيد بالفاء مع الموت على الكفر ، ثم غلظ سبحانه الأمر حين ذكر أن الفدية ولو وصلت إلى أعظم ما يمكن تصوره وهو ملء الأرض ذهباً فإنها لن تنجي صاحبها من هذا العذاب الأليم . وكأن الله يذكر الإنسان ما دام حياً أن يتفكر ويبتعد عن الكافرين وعن الانجرار إلى صفوفهم والمقاتلة تحت رايتهم ، حتى لا يموت على ما يموتون عليه ، فلا تنفعه عندئذ توبة ولا فدية ، بل إن عليه أن يتثبت من أمره ، لأنه لن يعذر بجهله ، وبخاصة إذا كانت القضية تتعلق بدماء الأبرياء من أبناء الأمة ، وليعلم مَن هذه حاله أن الذين اصطف معهم من الكفار ، وتبنى أفكارهم وحمل رايتهم وبندقيتهم ، ومات على ما ماتوا عليه ، لن تنفعه أموالهم التي يغدقونها عليه بلا حساب في دنياه مهما بلغت، ولا المناصب التي يعدونه بها إذا استقر الأمر لهم ، كما أنهم لن يستطيعوا أن يقدموا له حماية ولا نصراً يوم يفد على ربه فرداً ، فضلاً عن أن يقدموا ذلك لأنفسهم (أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) فالحذرَ الحذرَ والخوفَ الخوفَ من أن يكون أحد مع الكفر ويقاتل في سبيله ويموت على ذلك وهو لا يدري ! اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !    

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين