روائع قرآنية -24-

الرائعة القرآنية الرابع والعشرون:

قال الله تعالى : (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مُسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدَّقوا ..... ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً ) النساء/92،93     لنا مع الآيتين أربع وقفات :

1-(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً) والمعنى : ما ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ، فقوله (وما كان) ليس على النفي وإنما على التحريم والنهي ، ولو كان على النفي لما وجد مؤمن قتل مؤمناً قط ، لأن ما نفاه الله فلا يجوز وجوده ، كقوله تعالى(ما كان لكم أن تُنبتوا شجرها)أي لا يقدر العباد أن ينبتوا شجرها أبداً.

2- تغليظ حرمة دماء المسلمين حتى إن قتل الخطأ يوجب تحرير رقبة ودية تُسلَّم إلى أهل المقتول . قال صلى الله عليه وسلم : ((قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا )) [ينظر تفسير القرطبي:ج5/201]

3- ثم تأمل(ومن قتل مؤمناً خطأً)،(ومن يقتل مؤمناً متعمداً) حيث استعمل الماضي (قتل) مع الخطأ ، واستعمل المضارع (يقتل) مع العمد ، وذلك لأن قتل الخطأ ليس من شأنه أن يتكرر ، بل هو خطأ ولا يعود صاحبه إليه ، بل يحذره ويحترس منه . بينما قاتل العمد مُصرٌّ على فعله ، غارق في إجرامه . بل لعل القتل بمزيد القتل يغريه ، وعن فظاعة جريمته وعظيم عقوبته يُعميه. لذا كان التعبير عن قتل العمد بصيغة المضارع(يقتل) التي تفيد الاستمرار والتكرار . 

فما أروع البيان في آي القرآن !

4- وعلى هذا فلا بد لمن تلطخت أيديهم بدماء المسلمين وهم يدّعون الإسلام أن يتأملوا ما توعدَّهم به المنتقم الجبار في قوله : (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمُ خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً أليماً) إذ هي عقوبة غنية عن التعليق . فعلى من أعمتهم قوتهم الموهومة ، وخدعتهم أسلحتهم وذخيرتهم المزعومة ، أن يعيدوا حساباتهم مع أنفسهم ، وأن يراجعوا مواقفهم ويعرضوها على القرآن قبل فوات الأوان. اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !    

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين