الرائعة القرآنية الثاني والعشرون:
قال الله تعالى :( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) الأنبياء / 18
هذه الآية تمثل لنا صورة رائعة لمعركة تدور بين الحق والباطل على مر الزمان ، فالحق والباطل معقولان معنويان استعير لهما ماديان محسوسان، وهما القذف والدمغ ليُظهرا المشهد وكأنه يدور أمام أعيننا، حين نتخيل الحق كجسم قوي عنيف ، يتحول إلى قذائف حارقة خارقة ، تخترق جسم الباطل النحيف الضعيف ، ليرزح تحت وطأة الحق ذليلاً مهيناً بعد أن مَرَّغ أنفه في التراب (فيدمغه) وكأن القذيفة حققت هدفها ، فأصابت الباطل في دماغه فشلته عن الحركة ليعبث به الحق كيفما شاء ، بعد أن كسّر عظام باطله في رأسه المتكبر المتغطرس فحطمها ، ليقول له بعدها ساخراً مستهزئاً:(ذق إنك أنت العزيز الكريم) ثم لتزهق روحه نادمة على كل ما مضى من كبريائها ، متحسرة على كل ما فات من ظلمها وغطرستها ، لأن زهوق النفس يعني أن تفيض أسفاً ، لتترك جسدها بعد ذلك جثة هامدة ، وأثراً بعد عين (فيدمغه فإذا هو زاهق) هذا فوق ما ينتظر تلك النفس المغرورة من العذاب الأليم يوم تقف بين يدي ربها فتُسأل عن كل قطرة دم سالت ، وعن كل دمعة ثكلى ذرفت ، وعن كل صرخة رضيع انفجرت على أمه التي لا يستسيغ غير لبنها ، ولا يطيق غير حضنها ، وعلى كل أنّة يتيم تسللت خفية خشية أن يسمعها مأجور فيحز رأسه ويركله بقدمه إلى
سيده ليرضى عنه ويعلي شأنه .
فما أروع البيان في آي القرآن !!
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول