روائع قرآنية -19-

الرائعة القرآنية التاسعة  عشرة :

 

قال الله تعالى :( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) الأنبياء / 18

 

هذه الآية تمثل لنا صورة رائعة لمعركة تدور بين الحق والباطل على مر الزمان ، فالحق والباطل معقولان معنويان استعير لهما ماديان محسوسان، وهما القذف والدمغ ليُظهرا المشهد وكأنه يدور أمام أعيننا، حين نتخيل الحق كجسم قوي عنيف ، يتحول إلى قذائف حارقة خارقة ، تخترق جسم الباطل النحيف الضعيف ، ليرزح تحت وطأة الحق ذليلاً مهيناً بعد أن مَرَّغ أنفه في التراب (فيدمغه) وكأن القذيفة حققت هدفها ، فأصابت الباطل في دماغه فشلته عن الحركة ليعبث به الحق كيفما شاء ، بعد أن كسّر عظام باطله في رأسه المتكبر المتغطرس فحطمها ، ليقول له بعدها ساخراً مستهزئاً:(ذق إنك أنت العزيز الكريم) ثم لتزهق روحه نادمة على كل ما مضى  من كبريائها ، متحسرة على كل ما فات من ظلمها وغطرستها ، لأن زهوق النفس يعني أن تفيض أسفاً ، لتترك جسدها بعد ذلك جثة هامدة ، وأثراً بعد عين (فيدمغه فإذا هو زاهق) هذا فوق ما ينتظر تلك النفس المغرورة  من العذاب الأليم يوم تقف بين يدي ربها فتُسأل عن كل قطرة دم سالت ، وعن كل دمعة ثكلى ذرفت ، وعن كل صرخة رضيع انفجرت على أمه التي لا يستسيغ غير لبنها ، ولا يطيق غير حضنها ، وعلى كل أنّة يتيم تسللت خفية خشية أن يسمعها مأجور فيحز رأسه ويركله بقدمه إلى سيده ليرضى عنه ويعلي شأنه. 

 

فما أروع البيان في آي القرآن !!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين