روائع قرآنية -17-

الرائعة القرآنية السابعة عشرة :

قال الله تعالى : 1- (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً .) المزمل/9

2- (خلق الإنسان من صلصال كالفخار . وخلق الجان من مارج من نار . فبأي آلاء ربكما تكذبان . رب المشرقين ورب المغربين . فبأي آلاء ربكما تكذبان . مرج البحرين يلتقيان .) الرحمن/14-19

 

3- (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون . فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون .) المعارج / 39 ، 40

 

4- (رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات/5

 

لدى التأمل في هذه الآيات نجد أربع قضايا :

ا- لا تعارض بين الإطلاقات الثلاث : المشرق والمشرقين والمشارق . فهو المشرق باعتبار الجهة ، وهما المشرقان باعتبار بداية أماكن الشروق وانتهائها على امتداد العام . وهي المشارق باعتبار اختلاف الشروق في كل أيام السنة . ولما كان كل شروق يقابله غروب كانت المغارب كذلك .

 

2- لكن ما يلفت انتباهنا تنوع استعمال المشرق إفراداً وتثنية وجمعاً، وما ذاك إلا لمناسبة السياق ، كما كررنا سابقاً. فحالة الإفراد جاءت لتناسب ما قبلها : ( يأيها المزمل) وما بعدها: (لا إله إلا هو ) ، وحالة التثنية جاءت لتناسب ما قبلها:(خَلَقَ الإنسانَ ...وخَلَقَ الجانَّ) فهما الثقلان إذن ، ولتناسب ما بعدها : (مرج البحرين يلتقيان) ، أما حالة الجمع فجاءت لتناسب ما قبلها : (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) وما بعدها: (إنا لقادرون)

 

3- وما يلفت انتباهنا أكثر وأكثر في الآية الرابعة قضية ذكر المشارق فقط وغياب المغارب في هذا الموطن فقط من القرآن ، وما ذاك والله أعلم إلا لمناسبة ما بعدها : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) حيث إن الزينة لا يناسبها الغروب وإنما الشروق ، وكل الذين يتحدثون بالتفاؤل وإدخال السرور يتحدثون عن الشروق بلغات مختلفة فتارة ستشرق شمس الحرية ، وأخرى لا بد لليل الظلم والقهر أن ينجلي ، ولا بد للأمل الباسم أن يضيء نهاره وتسطع شمسه.

 

فما أروع البيان في آي القرآن !!   

 

4- ولما كان القرآن يهدي للتي هي أقوم (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) في كل جانب من جوانب الحياة الفاعلة،  فما أجمل أن يكون لحروفه وكلماته وعباراته ونَظمه وتوجيهاته ومراعاته لكل مناسب ، أن يكون لها الأثر العظيم في اختيار ألفاظنا وتحديد مواقفنا وسلوكياتنا ، لتكون مناسبة للموقف الذي يواجهنا حرباً وسلماً ومداراة ورخصة وعزيمة  ثم ليكون لها بالغ التأثير في مراعاة مشاعر بعضنا وبخاصة أهل العلم والفضل حضروا أو ذكروا، لتتناغم مع جلال الموقف وروعة المشهد فينا ، بحيث تغيب الألفاظ السيئة والتصرفات المشينة إذا.   اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !  

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين