روائع قرآنية -16-

الرائعة القرآنية السادسة عشرة :

قال الله تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ) القصص/71

وقال سبحانه : (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ) القصص/75

إن هاتين الآيتين تثير فينا ثلاث قضايا :

1-قضية أن الله وحده هو الفعال المطلق في خلقه دون سواه، ولا يمكن أن يحدث في الكون شيء إلا إذا أراده ، لكن هذا الذي يريده قد لا يرضاه ، كما قال سبحانه : ( ولا يرضى لعباده الكفر) مع أنه أراده . فما على المؤمن إذا ضاقت عليه الدنيا إلا أن يحسن ظنه بربه الذي أمرُه بين الكاف والنون .

2- قضية التحدي الأكبر لمن طغى وتجبر ، مع أنه محكوم بالقوانين الإلهية رغم أنفه ، ولا حيلة له أن يطيل الليل أو أن يمد النهار ولو للحظة واحدة إذا احتاج إليها لعمله أو لنومه و راحته . لكن الحكيم الخبير وحده يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل بحكمة بالغة ، ليعمل الإنسان نهاره ، ويسكن ويرتاح ليله (وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً) 

فما بال هذا الإنسان يتعامى عن هذه الحقيقة وهذه حاله ، فيتكبر على عباد الله ويتصرف وكأنه الإله ، ولا متصرف في الكون سواه . فما أغباه ؟!

3- ثم تأمل روعة البيان في حسن اختيار كل كلمة في مكانها الذي تعشقه حيث جاءت (أفلا تسمعون) مع (الليلَ سرمداً) لأن طريق الاستدلال للإنسان في الليل هو السمع لا غير . لكن لما كانت الحالة (النهارَ سرمداً) ناسب قوله سبحانه( أفلا تبصرون) لأن آلة الاستدلال في النهار هي البصر ، فناسب.

فما أروع البيان في آي القرآن !!      

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين