روائع قرآنية (10)

الرائعة القرآنية العاشرة :

قال الله تعالى : (حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون . وقالوا لجلودهم لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون .) [ فصلت/20، 21]

لنا ثلاث وقفات مع هاتين الآيتين :

1-الضمير في (جاؤوها) يعود على جهنم ، ولا بد لكل عاقل  فضلاً عن المؤمن أن يدرك بأن جهنم مسألة حتمية يوم القيامة ، لأنه لابد من معاقبة المجرمين المفسدين في الأرض بها، إذا لم يحاسبوا في الدنيا لحكمة يعلمها الله ، ليتحقق العدل الإلهي ، حتى إنه ليقاد من الشاة القرناء للشاة الجمّاء ، لذا وجب ألا يمر المؤمن على ذكر النار مرور الغافلين .

2- في يوم القيامة لا يجرؤ أحد مهما بلغت إساءته وبلغ مكره أن يخفي جرائمه ، لأن الله سيفضحه ، حين يجعل أعضاءه تنطق بالشهادة عليه رغماً عنه ، فليحسب الطغاة حسابهم لهذا الموقف ، وليعلموا أنه لا مكان لأي حجة لهم ما دامت أعضاؤهم هي التي ستنطق عن جرائمهم بما ارتكبت .

3- حين تشهد الأسماع والأبصار والجلود على أفعال المجرمين يوم القيامة ، فإنهم يتوجهون باللوم إلى جلودهم فقط مع أن أسماعهم وأبصارهم قد شهدت عليهم أيضاً ، فهل لذلك من دلالة ؟ نعم وكأن المجرم يعاتب جلده قائلاً :كيف شهدت عليّ ؟ مع أنك أنت الذي ستذوق العذاب دون سواك ، لأن فيك أعصاب الحس، التي بسببها يكون الإحساس بالألم، ولعل هذا هو السبب الذي من أجله يبدل الله جلود المعذبين في جهنم كلما تلفت ، ليستمر العذاب عليهم ولا يتوقف ، كما قال سبحانه (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً)[النساء/ 56]، لأن كلما تفيد الاستمرارية .

وهذا الذي أشار إليه القرآن الكريم من وجود أعصاب الحس في الجلد كما أشارت إليه الآيتان هو ما تم اكتشافه حديثاً . فلله در القرآن ! ما أروع بيانه ! وما أعظم إعجازه ! 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين