روائع قرآنية -1-

 الرائعة القرآنية الأولى :

إخوتي وأحبتي أود أن أذكر ابتداء أن هذه الروائع هي اجتهادات بشرية ، ولا يمكن أن تحصر كلام الله اللامحدود بمفهوم بشري محدود ، لذا لا بد أن نقر بأن الله أعلم بمراده .

 

كما أحب أن أنقل لكم ما جاء في تفسير روح المعاني  للألوسي : [  أن القرآن الكريم لم ينزل معلماً للعربية مبيناً لقواعدها وشارحاً لما يجوز وما لا يجوز . بل نزل معجزاً بفصاحته وبلاغته وما تضمنه من الأسرار .] ج11/132

 

قال الله تعالى : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينَّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون .) [ النحل /97 ]

1ـ (فلنُحيينَّه)جاءت مفردة حملاً على لفظ (مَن)التي تفيد الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث .

2ـ (ولنجزينَّهم)جاءت بالجمع حملاً على معنى (مَن)

إذن لا إشكال من حيث اللغة في الآية . لكن من حقنا أن نتساءل عن سر هذا الاختيار إفراداً وجمعاً ، فنقول والله أعلم : جاءت ( فلنحيينه حياة طيبة) بالإفراد ومؤكدة توكيدين بشرط العمل الصالح والإيمان للذكر وللأنثى على السواء ، لتدخل كامل الطمأنينة والسعادة والرضا إلى قلب كل منهما ، ولو كان ظاهرهما الفقر والبؤس والشقاء ، لأن السعادة إنما تكمن بداخل الإنسان حين تشع نفسه بالغبطة والأنس بالله . وقد لا يشعر بأنسه وسعادته أقرب الناس إليه .

 

لذا كان التعبير بالإفراد ، لهذا المؤمن في حياة طيبة تخصه وحده دون سواه . أما ( ولنجزينهم أجرهم ) جاءت بالجمع ، لأن دخول الجنة يكون على زمر وجماعات(وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً) كما أن كلمة (خالدين) في حق أهل الجنة لم ترد في القرآن الكريم إلا بلفظ الجمع (خالدين فيها) وكأنها تقول : ليس هناك نعيم حقيقي مع الوحدة والانفراد ، بينما في حق غيرهم من أهل النار وردت (خالداً  ، خالدين) ، وكأنها تقول للمعذبين من أهل النار : ستكونون فيها فرادى ومجتمعين ، كما في سجون الدنيا تسجنون تارة في سجن إفرادي ، وأخرى في سجن جماعي ، ومن ذاق عرف الفرق بينهما . حفظنا الله وإياكم من كل سوء ومكروه.

 

(ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها)

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن  تكريم المرأة ومشاركتها للرجل في هذا الخطاب ، كان في وقت تعد فيه عند بعضهم  ماشية مملوكة ، أو خادمة لا ترث ، أولعنة لأنها أغوت آدم عليه السلام ، أوغير ذلك . فأين الثرى من الثريا ؟

وبذا نكون قد وقفنا على رائعة من روائع القرآن بعد أن تلمَّسنا بعض جوانب تلك الروعة في الآية الكريمة السالفة .

(وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم .) الحج / 54 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين