رسالة إلى علماء سورية الأفاضل

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد فقير إلى الله تربى منذ نعومة أظفاره في أحضان خيرة العلماء  إلى أساتذتنا ومشايخنا الأفاضل في كل أنحاء سوريا وخاصة في دمشق وحلب وحمص     حفظكم الله ورعاكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
لست من يذكركم لأنكم أنتم من يذكر ويوجه ويخطب وينصح , لست من يذكركم لأن الواحد فيكم أمضى جل عمره في الوعظ والإرشاد والتوجيه والتربية والتذكير
ولكن من باب الذكرى والتناصح الذي تعلمناه منكم طوال هذا العمر (وهذا من معينكم وحديقتكم) أقول :
ثمرة العلم أيها السادة العلماء هي المواقف المشرفة في وقت المحن , ثمرة فيوضات العلم والأنوار الربانية والتجليات الإلهية هي كلمة الحق عندما يكون الحق ظاهرا جليا بينا , ثمرة العلم الحقيقية وخلاصته وأصنصه وكتبه ودروسه وخطبه هي أن تتحول المواقف البطولية في تاريخنا الإسلامي التي درستمونا إياها أمثال بلال الحبشي و أحمد بن حنبل والعز بن عبد السلام وابن تيمية وأصحاب الأخدود وغيرهم ممالايحصر , أن تتحول هذه المواقف من دروس نظرية إلى واقع عملي في الحياة يراها منكم من درستموهم هذه المواقف ولو مرة في العمر لتتحول النظرية إلى برهان , وإلا هذا التاريخ العريق لايصلح لهذه الحياة وفيه خلل ومعاذ الله أن يكون ذلك.
لا يوجد أدنى شك أنكم تعلمون الحقيقة وترون الظلم والطغيان بأم أعينكم كالشمس في وضح النهار , فما الذي يمنعكم من موقف واحد تهزون فيه أركان الظلم ؟
مالذي يمنعكم من ذلك , شئ يحير كل من كان يستمع إليكم ويصغي إلى دروسكم؟
لا أرى والله إلا الخوف الذي سيطر عليكم لأن هذا الموقف قد يترتب عليه (حسب ظنكم) الكثير من التضحيات في المال والأهل والنفس والسجن والعذاب. ولكن ثقوا تماما بأن الأمر ليس كذلك على الإطلاق فهذا تلبيس إبليس كما كنتم تعلموننا.
أليس قد مضى من عمركم الكثير وبقي القليل؟ ألم تجربوا الحياة تحت هذا الذل والقهر طوال حياتكم؟؟ أليس معظمكم يتناول الأدوية ومعرض لأي وقت للموت على الفراش؟ أيهما أفضل الموت على الفراش وأنتم ترون دماء أبنائكم تسفك صباح مساء أم الموت شهداء أعزاء أحرار مرفوعي الجباه؟
كم حدثتمونا عن الشهيد ومكانته عند الله , وهاقد جاءتكم الفرصة لتأخذوا أجر الشهيد بكلمة حق تعلنوها اليوم قبل الغد.
 والله لو قمتم أيها السادة العلماء ووقفتم في وجه الظالم وقفة العلماء الربانيين فإنكم ستحيون ولن تموتوا , وستعزون ولن تذلوا , وستفرحون ولن تحزنوا , وسينور الله قلوبكم ولن تكتئبوا , وسيحترمكم كل الشعب وسيخلدكم التاريخ , فلا تهينوا هذا العلم الذي آتاكم الله إياه بمواقف الجبن والحذر والترقب , وكونوا كسيدنا أبي بكر بدون كبوة , فالكبوة منكم بمليون كبوة من عامة الناس.
لو قمتم ونهضتم من النوم والرقاد الذي أنتم فيه لألبسكم الله ثوب العز في الدنيا قبل الآخرة , ونلتم الشرف والرفعة الحقيقية , ولكانت نهاية الظالم حتمية وحالا , لأنه يراهن عليكم ويعلم أن قيامكم يعني إنتهاءه وزواله , فقد درس التاريخ ربما أكثر منكم وعلم علم اليقين أن نهوض العلماء يعني نهاية الظلم. وأنتم تعلمون هذه الحقيقة .
 فبالله عليكم كيف تنامون وكيف تأكلون وكيف تشربون وكيف تعيشون وأنتم ترون المساجد تنتهك حرماتها , والمصاحف تحرق بالسجائر , ودماء الأبرياء تسفك , ماالذي أصابكم !!!
أرجوكم وأقبل أيديكم وأرجلكم أن تهبوا للعزة والكرامة ولنصرة دين الله اليوم والساعة الساعة قبل فوات الأوان , فإنه من العار والخجل على أساتذتنا ومشايخنا ألا ينهضوا في مثل هذه الظروف وألا يقفوا وقفة العلماء الربانيين , وإلا (وأرجو ألا يحصل هذا لأنه يمسنا جميعا) وإلا فكما ستسحب الشرعية عن الظالم المجرم حتما لأن الحق هو الذي سينتصر في النهاية , فسيسحب الشعب البطل المكافح المصابر الشرعية عنكم ولن تكون لكم المكانة بين من أحبكم واستمع إليكم , وأرجو ألا يحصل ذلك.
فهبوا لأنه لم يعد فسحة لكم في الإنتظار , والله أسأل أن يعز شأنكم ويرفع مكانتكم ويجزيكم عن الأمة خير الجزاء
اللهم ها قد بلغت , اللهم فاشهد
خادم ومحب العلماء
26 / 5 / 2011
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين