ردود على الجاهلين

جويهل ابتليت به وسائل الاتصال ،ينفث سمومه وينشر جهالاته الدالة على ضعف عقله ،وفساد فكره ،عرض هذا الجويهل لتفسير قوله تعالى "إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه " فراغ كما يروغ الثعلب ثم جاء السبهلل بالضلال قائلا :إن الضمير في "عليه "مفرد عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم ،وإنما قيل ذلك لأن "صاحبه "هنا هو عبد الله بن أريقط ،وهو الدليل المستأجر ليدل الرسول إلى طريق المدينة ،ثم رفع عقيرته ليقول : لو كان المراد بالصاحب هنا أبا بكر لقيل "عليهما " لكن أفرد الضمير لأن ابن اريقط ليس مسلما ،وعجبت من هذا التفسير الذي يدل على جهل صاحبه وقلة زاده في العربية ،ليتك عرفت شيئا من العربية واطلعت على أساليب العرب في كلامها لتفهم أساليب القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين ،ولكنك –غير مأسوف عليك – لست بسيف ولا غمد ، وجعلت سلاحك جهلك وألوت بك الصبا والدبور فصرت لا تلوي على شيء سوى السبهلل والضلال وهاك الرد أيها الجويهل ووالله لولا أن ما سنذكره هو واجب علينا أمام المسلمين لتركتك تتمرغ في مستنقع جهلك ،وضلة عقلك ،فمثلك لافائدة من تعليمه ،وضياع الوقت لتفهيمه ،طمس الله بصيرته ،فسلب التوفيق فلا ترى منه إلا التأويلات الفاسدة ،والأقوال الكاذبة.

  • وجوابي أيها الجويهل سأحصره في إيراد الدليل اللغوي ،وهو أن الضمير قد يعود مفردا على مرجع مثنى أو جمعا ،لقد ذكر المفسرون – مجمعين - أن الذي في الغار هو أبو بكر الصديق ثم تحدثوا عن جواز أن يكون الضمير راجعاً إما إلى الرسول وإما إلى أبي بكر ،وأوردوا الدلالة والغاية المرجوة من كل وجه من الوجهين الجائزين .والذي يهمني أن أوضح لك ولمن تبعك من الغاوين ،أن الضمير يجوز عند العرب أن يعود مفرداً مع أن مايرجع إليه قد يكون مثنى أو جمعا ،هذا ما عليه العرب أيها العجم البكم ، قال الثعالبي في كتابه "فقه اللغة وسنن العربية " مشيراً إلى هذه الظاهرة المطردة في كلام العرب :فصل في مخاطبة اثنين ثم النص على أحدهما دون اتلآخر : العرب تقول : ما فعلتما يا فلان ؟ وفي القرآن " فمن ربكما يا موسى "وفيه "فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " خاطب آدم وحواء ، ثم نص في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء وقد أشار المفسرون ومعربو القرآن الكريم إلى شيوع هذه الظاهرة اللغوية في القرآن الكريم وساقوا أمثلة نسوقها إليك أيها الجويهل المسيكين،حتى تسقط في يدك ، قال الأنباري في البيان بعد قوله تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة "
  • ما نصه "الهاء في "إنها "تعود على الصلاة ،وإنما قال:وإنها ولم يقل : وإنهما، وإن تقدم ذكر الصبر والصلاة لأن العرب ربما تذكر اسمين وتُكْني عن أحدهما ،قال الله تعالى " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله " ولم يقل ينفقونها
  • وقال تعالى " وإذا رأو ا تجارة أو لهواً انفضوا إليها " ولم يقل إليهما ، فكذلك هاهنا لعلك فهمت بعد ذلك وأدركت أن عودة الضمير في "عليه" مفرداً هو من طرائق العرب في كلامها ،ثم ليتك درست في كتاب أوضح المسالك في النحو لابن هشام –باب الإضافة – لوجدت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مذكورا وفيه إطلاق لفظة "صاحبي " على أبي بكر الصديق وذلك بقوله : هل أنتم تاركو لي صاحبي " أي أبو بكر ،هذا الحديث ورد في صحيح البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي –باب قول النبي : لو كنت متخذا خليلا ،وإذا أردت الوقوف على تخريجات أخرى للحديث فانظر كتاب الحديث النبوي في النحو العربي ،للدكتور محمود فجال ،فلعلك بعد هذا الجواب الموجز الموفي بالغرض المقتصر على بيان أنك جاهل باللغة ،تتوقف عن نشر ترهاتك ،لقد علق أحد العلماء وهو الشيخ محمد أديب كلكل- رحمه الله تعالى - لوحة على الجدار فوق مكتبه فيها (تعلم ثم تكلم ) وصرنا بحاجة شديدة إليها في هذا العصر الذي كثر فيه أدعياء العلم،ممن غاياتهم شيطانية ونزغاتهم إبليسية فأنصحك أيها المستشار- الذي لايستشار- أن تبتعد عن كل ما هو خزي وعار وشنار ،وأن تستمع إلى ما قالته العرب لك ولأمثالك في أمثالها " ليس هذا بعشك فادرجي "اذهب وتعلم ثم تكلم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين