د.صلاح سلطان يهنئ الأمة من صحن الكعبة بقتل القذافي ويدعو إلى ثورة البناء

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
أ.د. صلاح سلطان
 
من بيت الله الحرام، من صحن الكعبة، أنظر الآن إلى الحجر الأسود وباب الملتزم، ومقام سيدنا إبراهيم، وحجر سيدنا إسماعيل عليهما السلام، أهنئ إخواني وأخواتي في الله من شعب ليبيا العظيم المناضل المجاهد المثابر، الذي قضى الله على يديه بفضله ومنته على هذا الظالم -القذافي- فنحمد الله ...
 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، إن ما تم هو محض فضل من الله عز وجل، ثم هو بدعاء الأوابين، وقنوت المظلومين، وثبات المجاهدين، وصبر المرابطين، وحض العلماء الربانيين، إنه نعمة من الله رب العالمين، ليس على شعب ليبيا وحدها لكن على الأمة الإسلامية كلها، أهنئكم إخواني وأخواتي في كل مكان من أرض الله عز وجل، بقطع دابر أحد كبار الظالمين، فأسأله سبحانه أن يتم عليكم النعمة أجمعين، والعاقبة للظالمين في الأرض كلها، العاقبة لكل ظالم من هؤلاء الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق.
 
ووصيتي من أمام الكعبة:
 
* أولا: أن تنسبوا الفضل إلى الله عز وجل، كما كبَّرتم وتكبِّرون في هذا المشهد العظيم عندما تخلصتم من القذافي.
 
* ثانيا: أن تحافظوا على إسلامية ليبيا بلد المليون حافظ، بل أكاد أقول تقترب من مليوني حافظ، ولا يوجد شعب في العالم فيه نسبة حفظة مثلكم فاستمروا في حفظ القرآن وتحويله إلى دستور عملي لأمة الإسلام أجمعين.
 
* ثالثا: أرجو لأولياء الدم أن يعفو عفوا كاملا عن كل ما أصيبوا به في حياتهم، في أبنائهم، (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) (سورة البقرة : من الآية 178) قدمتم الشهداء (بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (سورة آل عمران: من الآية 169)، والجرحى وهم عند الله مأجورون، قدموا العفو كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لأهل مكة الذين ولغوا في دماء المسلمين: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ثم اصنعوا السلام الداخلي كما قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (سورة الفتح : من الآية 29) ، أشيعوا الرحمة بينكم، وضعوا السلاح بينكم تماما، وأحملوا الفأس والقلم والأدوات التي نغرس بها المزارع، ونبني بها المصانع، حتى نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع، وأن نعمِّر أرضنا، كما قال تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (سورة هود: آية 21)، نريد للأرض عمارةً، وللشعب رعايةً، وللقانون الإسلامي طاعةً، وللسلطة - ما لم تخرج عن شرع الله - معاونةً.
 
* رابعا: نريد منكم أيها الشعب العظيم ألا تهملوا الشباب والمرأة خاصة، افتحوا الطريق للشباب والفتيات الذين صنعوا الثورة، افتحوا الطريق للشباب والمرأة ليكون لهم دور في البرلمان، في الحكومة، في المحليات، في الجامعة، في المدارس، وفي كل مكان.
 
* خامسا: أرجو أن تكون ليبيا نموذجا للدولة الإسلامية الراقية الرائدة في توثيق العلاقات مع إخوانكم العرب والمسلمين في كل مكان من أرض الله عز وجل، لتأكيد هذه الإخوة الحميمة، والرابطة القويمة بين الشعوب الإسلامية، ثم افتحوا العلاقات مع غير المسلمين، علاقات مصالح وليست إلحاقا ولا تبعية، وإنما علاقات مصالح وتعامل بالعدل والسوية، ولا تخضعوا أبدا لهذا المارد الأمريكي ولا لهذا الضغط الأوربي، فإننا نستطيع أن نبني نموذجا متميزا يُحتذى في العالم كله بفضل الله تبارك وتعالى.
 
يا من صبرتم في ميدان الجهاد والقتال حتى خلَّصكم الله من القذافي اصبروا في ميدان عمارة ليبيا، وبناء ليبيا، ودولة ليبيا القادمة بإذن الله تعالى.
 
يا شباب ليبيا، يا رجال ليبيا، يا نساء ليبيا، عيشوا معا تحت جناح السلام بينكم، واصنعوا من ليبيا نموذجا متميزا بإذن الله تعالى، تحوطكم دعواتنا في الليل والنهار، فأنتم شعب عمر المختار، ونسل عمر المختار، الذي نرجو بإذن الله أن نجد من نسله، من أبنائه، ليس في ليبيا وحدها، وإنما في العالم كله من المسلمين الأحرار من يتقدمون لاستنقاذ الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين، معركتنا بإذن الله عز وجل القادمة هناك لتحرير الأقصى والقدس وفلسطين.
 
نحن نحمد الله، نسجد لله، نبتهل إلى الله، نتضرع إلى الله، (كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) ( آل عمران : من الآية 79) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران : الآية 200)
 
ودعائي وأنا أمام الكعبة أن يمنَّ الله على شعب سوريا بأن يمكنَّهم من رقبة بشار الأسد وأعوانه أجمعين، وأن يتم الله على هذا الشعب المسكين، وعلى شعب اليمن، وعلى شعوب الأمة الإسلامية التي يحكمها أي ظالم أن يمكِّن الله شعبه من رقابهم، وأن يقطع الله دابرهم، كما قال تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:45)، والحمد لله أولا وآخرا، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء: من الآية 227).
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين