دولة الأسد للأبد تعيش على أجهزة الإنعاش

 

لا يجدر بمن يجلس مثلي آمنا في سربه أن يحرض من هو تحت القصف والحصار على الثبات، ولكن لا يجدر بنا أيضاً أن نساهم في موجة الهلع التي تشرف على توليدها أجهزة الحرب النفسية في ثلاث دول تحمل خبرة عقود في احتلال الدول ومصادرة إرادات الشعوب. 

نعم الثورة تمر في أصعب حالاتها ولكن النظام لا يملك القدرة على الانتصار.

 المناطق التي دمرها النظام وأخرج أهلها منها لم يعد إليها أحد واسألوا أهل بابا عمرو وحمص القديمة.

 هذا نظام كفر به أهالي مليون شهيد ومعتقل، وأهالي مليون جريح وكفر به سبعة ملايين مهاجر آثروا دول الجوار وأن يلجأوا إلى أي بقعة في العالم على أن يلجأوا إلى بقعة يحكمها الأسد.

 لم يعد في الشعب تلك الكتلة الحرجة التي تخضع للأسد خضوعا يمكنه من حكم البلاد، وما زال الكثيرون يفضلون المواجهة على الاستسلام.

هذا النظام لا مشروع لديه إلا الانتقام ممن جعل دولة الأسد التي صممت لتبقى إلى الأبد تعيش على أجهزة الإنعاش، ونحن أمام ولادة جديدة للمنطقة يحكم شكلها إرادة الأطراف المشاركة فيها، والشعب السوري اليوم بقواه العسكرية والمدنية – رغم تشتتها حتى الآن – أصبح طرفاً برغم الإرادة الدولية التي أرادت تغييبه تحت حذاء الأسدية إلى أبد الآبدين.

لنرتفع قليلا ونشاهد الصورة بكل أبعادها، نعم سورية الأسد تنهار ولكن أيٌ من أعدائنا يملك عوامل الاستقرار في المستقبل المنظور؟ 

الوعود التي أعطاها نظام الملالي للشعب الايراني بانفراج اقتصادي يحققه الاتفاق النووي تبتلعها النفقات الهائلة التي يتطلبها التدخل الايراني في المنطقة والصراعات بين أجنحة الحكم تنتظر موت الولي الفقيه لتخرج إلى السطح.

 بوتين يحاول تصدير أزمات روسيا الداخلية بمعارك خارجية أكبر من قدرات روسيا مستغلاً الشعور القومي ويعلمنا التاريخ كيف ينكسر هذا النوع من المغامرات عندما تختلف حسابات الرؤوس الممتلئة بالنشوة القومية عن حسابات الواقع وإمكانياته. 

أما أمريكا فصحيح أن النظام الأمريكي تحكمه أجهزة عميقة ينفذ الرئيس استراتيجياتها، ولكن الاستنزاف الامريكي للروس حقق غاياته ولن تقبل أمريكا استفراداً روسيا بالمنطقة تندفع إليه روسيا الممتلئة بالنشوة القومية، ومهما كان الرئيس الجديد فهي فرصة لأمريكا لتستعيد هيبتها بعد أن مرغتها الصلافة البوتينية بالتراب. 

لا أسوق هذه الاعتبارات لأعلق النصر بها فالنصر مرهون بوحدتنا واستثمار قوانا الذاتية ولكن لا يجوز أن نغفل كل هذه العوامل،

 فالظروف التي خدمت النظام حتى اللحظة والتي تبلغ ذروتها الذهبية في هذه الأيام غير مرشحة للاستمرار. النظام وحلفاؤه يدركون ذلك فتراهم يسابقون الزمن لتحقيق إنجازات ظرفية ثم تخصيبها إعلامياً ليحولوها إلى مكاسب دائمة بدفع الآخرين إلى الاستسلام.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين