خوف العمائم
    
هالني منظر الخزي الذي ظهر على شاشات الإعلام لعمائم بعض العلماء والأئمة وهم يلتفون حول موائد الطاغية السوري ولصوص نظامه الظالم في سوريا المذبوحة المغتصبةوتساءلت كثيرا :
أهذه العمائم تصلي الملائكة على أصحابها من معلمي الناس الخير؟ ,أهذه العمائم فوق رؤوس ورثة الأنبياء؟ 
أهذه العمائم المهتزة خوفا وجبنا ونفاقا درست سير الرجال وأعلام النبلاء ومواقف الشهداء من أمثال سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل و العز بن عبد السلام الذي أفتى ببيع الأمراء من المماليك في السوق لتجهيز الجيش لملاقاة التتار؟_
أهذه العمائم وعت الدرس ممن سبقوهم إلى عالم الآخرة خائفين جبناء منافقين فزيفوا ودلسوا في دين الله وتجرؤوا على أحكامه فضلوا وأضلوا عندما أحلوا ما حرم الله وصفقوا للظالمين وساندوهم على غيهم وضلالهم لعرض من الدنيا قليل فرحلوا غير مأسوف عليهم وسجلوا في سجلات الخانعين والأفاكين ولعنهم الناس في كل المحافل وصعب عليهم أن يترحموا عليهم؟
 
أهذه العمائم فقهت معنى( رصيد التجربة ) التي منحهم الله إياها حتى لا يقعوا في أخطاء غيرهم ممن سقطوا في الفتن؟
 
إن بعض علماء تونس الذين أيدوا الطاغية لآخر لحظة لم تكن لهم تجربة قريبة يأخذون منها العبرة والعظة وطال العهد بينهم وبين الثابتين الأولين على الحق فلعل لهم العذر أما علماء مصر الذين ساندوا نظام الطاغية فلا حجة لهم وقد نبأهم الله من أخبار جيرانهم ثم أكد سنته سبحانه في هلاك الظالمين بقوته ثم بصبر الصابرين وثبات المجاهدين في ليبيا والتي وقف فيها العلماء الصالحون موقفهم خلف المجاهدين في الميدان فرفعهم الله بين الناس مكانا عليا ولهم إن شاء الله في الآخرة منازل علوية والمتخاذلون اندثروا مع طاغيتهم (وأذلهم الله بالخزي في الدنيا ) ,كل هذا رصيد تجربة يرتشف منه بعض علماء سوريا وعلماء اليمن الذين مازالوا ينادون باحترام ولى الأمر ويسخرون من شباب الثورة ومن الحرائر المخلصات الثائرين ضد الطواغيت ,هؤلاء الشباب الذين يحدوهم حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم :( سيد الشهداء حمزة و رجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله)
 
 ألم تسمع هذه العمائم المهتزة الخائفة قول الله تعالى: [وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] {آل عمران:139}  [وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ] {القصص:35}  
 ألم تهتز هذه العمائم وهى تسمع قوله سبحانه: [الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ] {الأحزاب:39}  ؟أم ماذا تقول هذه العمائم الخائفة المهتزة لربها عن تنفيذ قوله تعالى: [وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ] {الشعراء:152} ؟
 
 ألم تهتز هذه العمائم خوفا من سؤال الله لها يوم الفزع الأكبر عن الطفل حمزة وأمثاله الذين طاولوا بكبرياء طفولتهم عمائم العلماء؟ والطفل الذي أمر بالسجود لصورة الطاغية فبصق عليها وهو يعلم أن بعدها الشهادة؟والنساء الثكالى والأرامل والأحرار اللاتي تتساقطن برصاص الطاغية بلا خوف ولا وجل؟
ألم تهتز هذه العمائم حينما داس عليها الفلاحون وغير المتعلمين في ريف سوريا بأقدامهم ؟
 
ألم تهتز هذه العمائم من بطولة الشيخ أسامة الرفاعي وفدائيته وصبره وهو يحث الثائرين على المضي والثبات من فراش جراحه بعدما اعتدوا عليه ؟
ألم تهتز هذه العمائم من استبسال شيخ قراء سوريا الشيخ محمد كريم راجح وهو يصدح بما يؤمر ويعرض عن الجاهلين ؟
ألم تهتز هذه العمائم من نداءات الشيخ المفسر محمد علي الصابوني أعانه الله وثبته؟
ألم تهتز هذه العمائم حين رأت المروءة والخوف من الله وحده تمنع المحامي العام لسوريا من التمادي في مناصب الظالمين وهو يرى الأبرياء من القتلى العزل ويجبر على التصريح لهم بالدفن فاعتزلهم واضعا كفه بين يدي ربه
ألم تهتز عمامة الشيخ الذي لم يتخل عن عمامته رغم أنه لم يرتد من زي العلماء غيرها وهو   الذي حارت العقول في موقفه المخزي من تأييد الطاغيه وأبيه من قبله رغم أن علمه يملأ الفضائيات وكتبه تبنتها الحركات الإسلامية الإصلاحية الراشدة المجددة فراحت تدرسها لأبنائها وأتباعها جيل بعد جيل؟و أذكره وهو الأدرى- ولعله يحتاج إلى من يهزه هزا ليفيق قبل هزة الموت وسكراته .-أذكره بالإمام البويطي الذي ابتلى في فتنة خلق القران فثبت على الحق وقال كلمته الخالده: لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم
الله... الله يا علماء سوريا الخائفين الله... الله في دماء شباب الأمة الله... الله في أعراض نسائها اللاتي صرخن في عهد الطاغية الأب فلم تجيبوهن بشيء ونقول لكم اليوم: الله... الله في أطفال أبرياء هم ذخر لنا جميعا ولمستقبل بلادنا المشرق القادم الجميل.
الله... الله في شعب أقسم أن الموت خير من المذلة ,الله... الله في شعب اعتصم بالله والتجأ إليه وكفي بقوة الله وقدرته لهم حافظاً وحامياً.
إن العمائم لا تخاف ولا تثبت إلا بخوف أصحابها أو ثباتهم وما العمائم إلا مجاز مرسل علاقته المحلية فزينوا عمائمكم بقوة إيمانكم وصدق يقينكم، وتوبوا وانضموا لصفوف قادة الأمة ومصابيح هدايتها وقادة مسيرات إصلاحها,
إننا أئمة المسلمين في أوروبا   نهيب بعلمائنا وأساتذتنا أن يأخذوا مواقعهم في قيادة شعوبهم إلى الحرية والكرامة ، واحترام حقوق الإنسان وآدميته و لولا وجود الهامات المرفوعة والقدوات الصالحة من علماء سوريا لشمت فينا المتربصون بأمتنا من كل جنس.
 إن خوف العمائم عار لن يمسحه عنكم إلا العدول عنه والندم عليه وتصحيح المسار,وإن شعبكم في حاجة إليكم فتثبتوه على الحق.
يا علماء الأرض يا ملح البلد         من يصلح الملح إذا الملح فسد
أو كما قال الشاعر الشعبي المغربي عبد الرحمن المجذوب :
يا علماء السلاطين يا مكوري العمايم
 عندكم غيرة على الدين؟ وإلا راتعين كالبهائم؟ أ
 ووالله لقد ذكرتموني عندما رأيت بعض الحاضرين في مأدبة الطاغية
تلتفون حول طعامه وتصفقون لمطلعه وهو ملطخ بدماء شهدائكم , ذكرتموني بمثل مصري يسخر من كل عمامة لا يستحقها صاحبها وتزين بها من ليس أهلا لها فيقول المثل:( شد العمامة شد تحت العمامة قرد)
خضر عبد المعطى خضر
مدرس الأدب العربى وعلوم القران بجامعة برلين                   
المنسق العام للتجمع الأوروبى للأئمة والمرشدين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين