خلل خطير في منظومة التعليم والتربية

تخرجت من كلية الشريعة في جامعة دمشق في الستينات ولم يكن الحاكمون النصيريون حينئذ قد تمكنوا من التلاعب في هذا الصرح العظيم – لكنهم عبثوا فيه فيما بعد – ويمكن القول إن كلية الشريعة في تلك السنوات كانت في عهدها الذهبي.

وحسبها وجود كوكبة من كبار العلماء والدعاة في هيئتها التدريسية . وعلى الرغم من هذا كله تخرجت من هذا الصرح لا أعرف شيئا عمن يدلسون علينا ويسمون أنفسهم شيعة . وكان مبلغ علمي فيهم أنهم يبالغون في حب علي رضي الله عنه ويفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويرون أنه أحق منهما بالخلافة لأن النبي صلى الله عليه وسلم عينه اماما للمسلمين بعده. وإذا كانت هذه حال من تخرج من جامعة دمشق في ذلك العهد فكيف بغيره ممن لم يدرس تاريخ الأمة ولا عقائد الفرق ولا مكائدها التي ما كانت تتوقف حينا إلا ريثما يتم الاستعداد لمكائد جديدة أدهى وأمر من سابقتها .

بعد الدبلوم العالي عينت مدرسا في محافظة دير الزور التي اختارت لي ثانوية البوكمال في أقصى الجهة الشرقية من سوريا وكان معي في هذه الثانوية مدرس دمشقي يدعى مصطفى حقي , سألني في أحد الأيام عن رأيي في الشيعة فكان جوابي نابعا مما تلقيته في الجامعة وخلاصته انهم قريبون منا جدا وأن الخلافات بيننا وبينهم محدودة . وعندما أعجبه الجواب وارتاح له أخبرني أنه  شيعي وراح يحدثني عن قول الشيعة في النصيريين مؤكدا أنهم كفار نجسون نجاسة حسية .

مرت سنوات ونشأت عندي رغبة في زيادة التعرف على هذه الفرقة فعمدت الى عدد من أمهات كتبهم فقرأتها غير مكتف بما كتبه علماء المسلمين قديما وحديثا عنهم . وكانت المفاجأة صادمة إذ كنت كلما تعمقت في كتبهم أجد نفسي أمام دين جديد بينه وبين الاسلام الصحيح كما بين المشرق والمغرب وأجد أن أتباع ذلك الدين يختزنون في عقولهم وقلوبهم بسبب منظومة التربية والتعليم عندهم التي بينت معالمها في مقالة سابقة من العداوة لأمتنا ومن الحقد عليها ما يفوق ما عند اليهود والصليبيين مجتمعين . وإنني على يقين أن كل من يقرأ من كتبهم ما قرأته ويعرف من تاريخهم ما عرفته سيصل إلى ما وصلت إليه أن كان منصفا منتميا الى هذه الأمة ولم يبع عقله وشرفه للشيطان .

ولا حق لأحد لم يطلع على ما عندهم ان يدافع عن جهل وعاطفة جوفاء مؤذية .

أما عقائدهم فحدث عما فيها من شرك ولا  حرج . فقد منحوا أئمتهم من الصفات ما لا ينبغي الا لله عز وجل , حتى لكأن الأئمة شركاء لله,تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .هذا عدا شركيات وضلالات تفسد بحار الأرض  وخرافات وأكاذيب لا يقبلها من أكرمه الله بنعمة العقل فاستفاد منه ولم يعطله .

ولأن الروافض وعلماءهم يلقنون أبناءهم هذه الأفكار في وقت مبكر فإن الأبناء يكبرون وقد رسخت هذه المنظومة عندهم وامتزجت بدمائهم حتى ليغدو من الصعب ان يفتح أحدهم قلبه ويستوعب الحق وإن كان أوضح من الشمس في رابعة النهار .

ولا يختلف النصيريون عن الروافض في ما قلناه إلا بزيادة الشرك والضلال وفظاعة عداوة أمتنا والحقد عليها .

أما نحن فإننا نعاني خللا في منظومة التعليم والتربية من نوع آخر . فعلى قدر ما عند أولئك من البغض والحقد ومن الخيانة والتآمر على العرب والمسلمين فإن عندنا سلامة صدر وجهلا بعقائد الفرقتين وتاريخ الكوارث التي أنزلاها بهذه الأمة حتى كادت أن تأتي عليها لولا حفظ الله لها.

ولعل الله عز وجل ييسر لي كتابة مقالة عن تاريخ خياناتهم وغدرهم في مستقبل الأيام .

ولعل أبرز أسباب ما نحن فيه من خلل الأمور التالية :

  1. عدم النظر والاطلاع على ما كتبه علماؤنا الأقدمون عنهم . بل لعل من اطلع أحسن الظن بالمعالصرين من هاتين الفرقتين وخيل إليه أنهم قد انسلخوا من عقائدهم أو أنهم نسوها على الأقل ولكن هيهات هيهات .

  2.  طبيعة دين الروافض والنصيريين الذي يعتمد التقية أساسا وعقيدة فهم يرون أن تسعة أعشار الدين في التقية وأنه لا دين لمن لا تقية له . حتى وقع بسبب هذا عدد كبير من علمائنا ومفكرينا في شرك دعوة الروافض الى التقارب وأضاعوا كثيرا من أوقاتهم الثمينة مع كذابين مراوغين .

وقد خرج جميع العلماء والمفكرين المسلمين الذين خاضوا معهم تجربة لقاءات التقارب بنتيجة واحدة هي أنهم يقصدون بالتقارب إخراج المسلمين عن دينهم والرضا بشركهم وحماقاتهم . ومن الذين كشفوا حقيقة مقصد الروافض من التقارب العلامة محب الدين الخطيب والشيخ علي الطنطاوي والدكتور مصطفى السباعي وغيرهم رحمهم الله .

  1. كان للعلمانيين والمستغربين الذيت تلقوا تعليمهم في الدول الغربية دور مدمر في إفساد منظومة التعليم والتربية في بلادنا , سواء منهم القوميون وغير القوميين فقد عبثوا بمناهجنا وشوهوا تاريخنا وأسكرونا بأقوال أثبتت الأيام أنها مخدرات مضللة كقولهم إننا أبناء شعب واحد وأنه لا فرق بين دين ودين, وحذفوا من التاريخ أفاعيل تلك الفرق وإضرارها بالأمة وخياناتها المتكررة . ولئن كان هذا غير مستغرب من غير القوميين لكنه مستغرب جدا من القوميين الذين يدعون حب هذه الأمة والولاء لها . وكان عليهم أن يعلموا أن تلك الفرق هي بقايا الشعوبيين الذين لم يتوقفوا عن الكيد لأمتنا في يوم من الأيام . ولم يقتصر أذى العلمانيين على هذا بل إنهم كانوا دائما مع الإنقلابيين والطغاة المستبدين الذين حكموا الأمة بالحديد والنار وأبادوا فيها الحجر والشجر .

إننا بحاجة إلى ثورة كبرى في منظومة التعليم والتربية تبين أن الفرق الباطنية عدوة لنا وأن عداوتهم مفروضة علينا من طرفهم ويجب أن يصبح هذا ثقافة عامة في الأمة . وإنه لمن الخطأ الكبير أن نحسب العدو صديقا وإذا وقعنا في هذا الخطأ فنحن جديرون بأن نتلقى منه الطعنات مرة تلو أخرى .

والحمد لله رب العالمين 

 

عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين