خلفيات فكرية -4-

 

بعد ما كتبته في خلفيات فكرية (2 و 3) أود الاستفادة منهما كمقدمة لهذه النتيجة ولا أدعي فيها الحقيقة ولكنها نتيجة رؤية ومتابعة:

إن صانعي الأزمات في الدول المسيطرة على السياسة في العالم يستغلون الظروف بكل جوانبها، وإن الحالة التي تعيشها حبيبتنا بلاد الشام مؤذنة بخطر عظيم على تلك الدول لإنها كادت أن تخرج عن سيطرتهم السياسية، وبما أن البيئة التي تعيشها سوريا اليوم فيها من التماوج مع وضوح الحق، إلا أن الاندفاع القوي والحماسي لدى شبابنا نحو تطبيق شرع الله لا يمكن رده ولكن يمكن تحريفه، والبيئة خصبة للانحراف، وذلك لأسباب كثيرة وأهمها: وجود التربة الخصبة لهذا التحريف وذلك لإقصاء العلم الشرعي والوعي الثقافي عن الشباب المسلم عقودا من الزمن، وغمسه بمحيط من الشهوات المتاحة والمتيسرة لهم، وإلإلجاء النفسي الذي يمارسه الإعلام على شبابنا من خلال رؤية المجازر التي تصطنعها أمريكا وحلفاؤها على المسلمين مما خلق جوا من التعاطف مع كل من يحاربها فصارت الناس تتعاطف مع تيارين متقابلين أحدهما في أقصى اليمين والآخر في أقصى الشمال، وأحداث سوريا فضحت الاثنين بأنهما من ضمن تمثيلية سياسية استخباراتية لإبقاء السيطرة محكمة على كل شيء،سواء كانت هذه التمثيلية بشراء القيادات أم باصطناعها أم باختراقها المهم هو الطريقة والنتيجة... والضحية هم الشباب المندفعون الذين لم يلقوا توعية شرعية وأشعلتهم الشعارات والخطابات.

إن الظروف التي ظهرت فيها الخوارج في الأمس تشبه الظروف التي ظهر فيها خوارج العصر ولكن خوارج الأمس كانوا من صناعة أنفسهم أما خوارج اليوم فهم من صناعة عدوهم ويعملون له (أقصد قياداتهم) والضحية كما قلنا هم الشباب الذين خرجوا ببساطة فطرتهم وسطحية تفكيرهم ومورس عليهم السطوة الفكرية..

إن التأسيس الناجح يبدع مجتمعا ناضجاً آمناً، وينبغي العمل على هذا التأسيس بموازاة الأعمال الأخرى الضرورية لنختصر المسافات الطويلة.

وهذا يجعلنا ننتبه إلى إدارة الأزمة في اتجاه حملة توعية مكثفة تبصر الناس بمفهوم الدولة الإسلامية والخلافة وما يتعلق بالسياسة الشرعية وأحكام الجهاد ووضوح العنوان الذي يقاتل في سبيله، وخطورة التورط في دماء المسلمين .

وأختم كلامي هنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:

(أَلا إِن الله حرم عَلَيْكُم دماءكم وَأَمْوَالكُمْ كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا. أَلا هَل بلغت "؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ " ثَلَاثًا. " وَيْلكُمْ - أَو وَيحكم، انْظُرُوا، لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ")

وفي حديث آخر أخرجه الإمام أحمد وغيره: (ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا وإن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكنه في التحريش بينهم،)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين