خطّة التآمر على الإسلام..!!؟

صدرت في السنوات الأخيرة قبل الثورات العربية وبعدها عدة دراسات عن مراكز بحوث تابعة لجهات ترفع التقارير والتوصيات لوزارات (صناعة القرار) في الغرب فيما يتعلق بسياساته تجاه الإسلام، ولا شك أن الثورات - على الرغم من انطلاقها العفوي من الشعوب لنيل حريّتها من دون سابق تدبير وتخطيط من أي اتجاه إسلامي - إلا أنها أثارتْ ذُعْر الغرب خشية أنْ تفاجئَه تحوّلات في المنطقة تُفقده التحكُّم فيها وخاصة عندما اكتشف ما اكتسبته الثورات من إضافة أيديولوجية بعدما عبّرت الشعوب الثائرة عن توجّهها العاطفي نحو الإسلام وربط تحركاتها بالمساجد وبيوم الجمعة، ثم اعتبر أن المؤشر الأخطر هو دخول الاتجاهات الإسلامية على الخط للترشيد ولانتهاز الفرصة التي سنحت من أجل تحقيق حُلُم عودة الإسلام إلى سدّة الحكم والتشريع.

وكانت الدراسات كلُّها تلتقي عند قواسـم مشتـركة في تصنيف الاتجاهات الإسلامية إلى ثلاثة رئيسة: 1- الاتجاه الإسلامي الحركي الذي يتعاطى السياسة ويتطلّع إلى دولة تحكم بالإسلام، 2- الاتجاهات المسالمة التي تُبعد نفسها عن السياسة و(فكر التغيير) وبعضها مستعدّ حتى لأن يساوم على الإسلام، 3- المؤسسة الدينية الرسمية.

وحدّدت تلك الدراسات التوصيات لطُرُق الاستفادة والتوظيف والتعامل مع كلٍّ من هذه الاتجاهات ووُضعت خطط التآمر على الإسلام وتفريغه من مضمونه الحيوي الفاعل ومحاربة حَمَلته الأحرار! 

وسارت خطواتهم في ثلاثة مسارات: 1- التلاعب بمفاهيم الدين وتغيير المناهج،2- الاحتواء ونسج علاقات الودّ والتدجين مع بعض الاتجاهات،3- الإقصاء والحرب ضد بعض الاتجاهات.

وقد كانت الفكرة في العقلية الغربية تنحصر في تجفيف منابع التديُّن واستبدال (أفكار علمانية برّاقة) بتعاليم الإسلام، ودَفْع السلطات السياسية المحلية لمحاصرة تمدُّد ما كان يُسمّى في الثمانينيّات وما بعدها بـ (الصحوة الإسلامية)، ثم بعد ذلك انتقلت العقلية الغربية إلى مرحلة تالية عُنوانها: فلْنَدَع المسلمين يتديّنون كما يريدون لكن لنقدِّم لهم نحن (توليفة التديّن المائعة) التي كان نجومَها عددٌ من دعاة الشاشات التلفزيونية الذين أُطلق عليهم على مدى سنوات (الدعاة الجُدُد)!!

ثم طرأ طارئ خطير بعد الثورات بقصد حَرْفها وإفشالها وهو إظهار الإسلام بصورة مشوّهة جداً يَطغى عليها التوحّش وقتل الأبرياء وشَرَه التدمير والتخريب والتكفير الأعمى عن طريق صناعة تنظيمات وملشيات تعطي هذه الصورة!

والموضوع هذا طويل وشائك وخطير  واللافت أن دراساتهم لا يُخفونها وهي منشورة وتُعَدّ بالمئات لكنْ يبقى المطلوب قراءتُها والاستفادة منها، وأوصي بتقريرين مهمّين: 1- التقرير الذي نشرته جريدة الشرق الأوسط في عددها 2/11/2005 بعنوان: سيناريوهات المستقبل، 2- والتقرير الذي نشره موقع الجزيرة - نت تلخيصاً وتعريباً لكتاب صدر باللغة الإنكليزية في ديسمبر 2012 بعنوان: الاتجاهات العالمية عام 2030: سيناريوهات الاستخبارات الأمريكية. 

ويَعنِيَنا في هذه العُجالة تأكيد حقيقتين: 

• أولاهما: التشبّث بالثقة بالإسلام المُنزَل، ومداومة الضراعة إلى الله عزّ وجلّ بالدعاء القرآني ?ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة? علماً أن أقل المَيْل عن الحق هو الزيغ، كذلك الحرص على الصدق مع الله في التديُّن... وتحضرني هنا مقُوْلةٌ قيّمة للإمام القُدوة الحافظ ابن حَجَر: (صاحبُ الصدق مع الله لا تضرّه الفِتَن)!

• والثانية: الوعي والعلاقة الوثيقة بالعلم الشرعي الصحيح فهو مرشد ونافع ومُنهض، والأخذ بالأسباب بجدّ وذكاء، وفهم واقع العصر، ولنثقْ أن الله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون...

-----------------

رئيس جمعية الاتحاد الإسلامي في لبنان

والرئيس السابق لهيئة علماء المسلمين في لبنان

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين