خسوف في الظلام

 

انقطاع الماء في حلب أمر طبيعي نتيجة للأوضاع السيئة و الظروف الصعبة . و قد انتشرت في حلب ( سيارة السقايين ) تضخ الماء للبيوت بأجور مرتفعة ، مهنة جديدة في حلب سيارات شاحنة صغيرة عليها خزانات مياه و فيها مضخة .

كان الله في عون حلب .

دخلت سيارة صهريج ماء الشارع ،كانت تتهادى في مشيها كملكة جمال للكون في ليلة تتويجيها ،هب سكان البنايات في الشارع من مراقدهم ، وخرجوا على الشرفات ليراقبوا ملكة الجمال ،حركوا أيديهم بالإعجاب لسيارة الماء في عيدها الذهبي ،والملكة تتبختر في مشيها ، وترش على أطراف الشارع رحيق قلبها ،وتخال عيون السكان أن قطرات الماء هي أحجار من اللؤلؤ المنتثور،وهي تشكو لربها إسراف السائق وهدره للماء المصون، الجماهير على الشرفات تحيي السيارة ، وعيونها تصفق لمعشوقة القلوب في عيد عشقها العاشر .

وقفت السيارة أخيرا"أمام البناية لتضخ ماء قلبها على خزانات في أعلى البناية ،سكنت عيون الجماهير المحتشدة على الشرفات وهي تنظر إلى الملكة بحزن وأسى ، وأطراف حجارة الشرفات تسقيها دموع العطش ، وارتفعت الأيدي إلى السماء تسأل خالق الناس : اسق العطاش 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين