حوار مع الأستاذ الدكتور أحمد علي عبد العال

نرحِّب بأخينا الكبير وأستاذنا الحبيب الدكتور أحمد عبد العال في هذا الحوار، وهل تتكرم بتعريف الإخوة القراء بمولدكم وأسرتكم ومسيرتكم العلمية والدعوية. 

الاسم: أحمد علي عبدالعال.

ولدت عام 1948 م في بلدة بداما التابعة لمدينة جسر الشغور في محافظة إدلب.

تزوجت أثناء دراستي في الجامعة عام 1972م من السيدة سلوى مصطفى الشيخ الحاصلة على بكلوريوس شريعة عام 1989م، من بيت فضل وعلم ودعوة، وقد تخرج في هذه الأسرة الأطباء والمهندسون والأكاديميون.

وقد رزقني الله عز وجل من الذكور ثلاثا: طارق: مهندس نظم صناعية، علي: مهندس مدني، وائل: مهندس نظم صناعية، ومن البنات أربعا: سلافة بكالوريوس شريعة، ومكية بكالوريوس لغة عربية، وأروى بكالوريوس إدارة واقتصاد، ورغد طبيبة أسنان. 

مسيرتي الدراسية :

درست المرحلة الابتدائية في مدرسة البلدة، ونظرًا لعدم وجود مدرسة متوسطة قريبة إلا في مدينة جسر الشغور فقد انتقلت إليها ودرست فيها المرحلة المتوسطة في مدرسة علي بن أبي طالب المتوسطة، ثم في ثانوية عبد الرحمن الناصر، وأنهيتها عام 1965م.

وممن التقيت بهم في مدينة جسر الشغوروتأثرت بفكرهم ودعوتهم: الأستاذ الأديب الأريب الداعية الفذ والكاتب الناقد الساخر إبراهيم عاصي، وكان من بين ضحايا شهداء مجزرة تدمر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي عليه من الله الرحمة والرضوان.

ثم انتقلت الى مدينة اللاذقية وأتممت فيها دراسة المرحلة الثانوية في مدرسة جول جمال عام 1968م.

من أهم الشخصيات التي تركت أثرا كبيرا في مسيرتك العلمية والدعوية؟

أساتذة التربية الاسلامية في اللاذقية وقتئذ ومنهم: 

1- الأستاذ المربي العالم المجاهد الداعية رشدي مفتي رحمه الله. 

2-الشيخ المربي الفاضل غازي الدروبي رحمه الله. 

3-الشيخ الدكتورالعالم الجليل محمد صالح حصري (أبو وضاح) حفظه الله واطال عمره.

في أي جامعة تابعت دراستك وتحصيلك العلمي؟ 

سجلت في جامعة دمشق بكلية اللغة العربية وأتممت السنة الاولى، وكنت قد قدمت طلباً للدراسة في الجامعة الإسلامية قبل ذلك، فلما جاءني خطاب القبول تركت الدراسة بجامعة دمشق والتحقت في الدراسة بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام عام 1969م بكلية الدعوة وأصول الدين. وتخرجت في الكلية عام 1973م بتقدير ممتاز، والحمد لله.

مَن هم العلماء الذين درست عليهم في الجامعة الإسلامية واستفدت من علمهم، وتوجيههم، وسمتهم؟

فضيلة العالم الجليل بقية السلف ورعاً، وعلماً، وتواضعاً الشيخ عبد العزيز بن باز نائب رئيس الجامعة عليه رحمة الله ورضوانه. 

والشيخ الدكتور المعمَّر تقي الدين الهلالي المغربي الأصل، والحاصل على شهادات الدكتوراه في التخصصات التالية: في العقيدة، والفلسفة، واللغة العربية، وكان أستاذا للشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله في اللغة العربية كما صرح بذلك اثناء زيارته للجامعة الاسلامية عام 1973م. 

والشيخ الأديب الشاعر المؤرخ محمد المجذوب من طرطوس بسوريا رحمه الله تعالى.

والشيخ العلامة المفسر الأصولي الموسوعي صاحب تفسير "أضواء البيان" وغيره، محمد الأمين الشنقيطي الجكني الموريتاني، رحمه الله.

والشيخ الدكتور العالم الجليل والمربي والداعية الفقيه المحدث ممدوح فخري جولحة ، من أعلام الساحل السوري عليه رحمة الله .

والدكتور المحدث التقي النقي بقية الزهاد والصالحين سيد حكيم من شيوخ الازهر بمصر عليه رحمة الله ورضوانه .

وغيرهم.

هل تحدثونا عن إتمامكم مرحلة الدراسات العليا؟

مرحلة الماجستير:

تمَّ قبولي بفضل الله بقسم الدراسات العليا بمكة المكرمة والتابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة وقتئذ (وذلك قبل تأسيس جامعة أم القرى) عام 1974. وكان الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله مديرًا للجامعة قبل أن تسند إليه وزارة الإعلام في السعودية.

سجلت الماجستير بقسم العقيدة والمذاهب الفكرية المعاصرة، وكان نظام الدراسة المنهجية سنة ونصف قبل تسجيل الرسالة.

هل تذكر لنا بعض أسماء العلماء الأفاضل الذين أكرمك الله بالتلقي عليهم والاستفادة منهم في قسم الدراسات في الدراسة المنهجية وخارجها رحمهم الله تعالى؟

أذكر منهم:

الشيخ محمد الغزالي مدرس مقرر الأديان. 

فضيلة الشيخ العلامة المفسر المبدع محمد متولي الشعراوي مدرس مقرر الفرق الإسلامية .

الأستاذ المفكر الكبير محمد قطب مدرس مقرر المذاهب الفكرية المعاصرة. 

الدكتور محمد خليل هراس من مصر أستاذ العقيدة الكبير، وكم جرت بيني وبينه مناكفات بسبب بعض آرائه في الصفات الخبرية، ومواقفه الشديدة من الاشاعرة وفيهم كبار علماء الأمة، وقد هدَّدني بالفصل من الدراسة أكثر من مرة، لكن الله سلم. 

الشيخ الدكتور عوض الله حجازي، أستاذ العقيدة وشيخ الأزهر سابقا رحمه الله.

الشيخ الجليل العلامة سيد سابق رحمه الله.

الشيخ العلامة الدكتور محمد الصادق العرجون رحمه الله.

الشيخ الولي الرباني التقي محمد محمد الأَوْدَن وقد نقلت عنه قصص من الكرامات العجيبة وهو في زنزانته المنفردة عندما أُعتُقل في السجون الناصرية أيام المحنة الأولى رحمه الله ، وقد جاء في كتاب نافذة على الجحيم : أنه قُبض على الشيخ الأزهري الجليل وهو يوصل مساعدة لبعض أُسَر المعتقلين من الإخوان ، وأُودِع السجن الحربي في زنزانة منفردة، وبقي فيها شهوراً وهوعلى صلاته وذكره ومع القرآن في خلوته ، حتى خطر ببال مدير السجن حمزة البسيوني التخلص منه بطريقة غاية في الاجرام والوحشية ، لقد جاؤوا بكلب مسعور وتم تجويعه لأيام ثم فتح باب الزنزانة وأُطلِق الكلب المسعور إلى داخل الزنزانة، والشيخ فيها بين الذكر والصلاة والنظر في كتاب الله ، وكان مدير السجن والزبانية يتوقعون بعد ساعة سيفتحون الزنزانة لينظفوها من بقايا عظام الشيخ، ولما فتح باب الزنزانة كانت المفاجاءة ، لقد وجدوا الشيخ يصلي والكلب المسعور بجانبه كالحمل الوديع لم يقترب منه (وكان الشيخ شافعيًّا يرى نجاسة الكلب )، فبهتوا وقرر البسيوني إطلاق سراحه .

وكان الدكتور محمد أمين المصري رئيس القسم، عليه رحمة الله يُجِلَّه ويُقدِره غاية التقدير، وكان الدكتور أمين يذهب الى الشيخ عند حلول موعد محاضرته الى بيته ويرافقه بسيارته إلى الفصل، وبعد نهاية المحاضرة يعيده بسيارته إلى بيته ثانية رحمهم الله تعالى وأعلى مقامهم في جنات النعيم. 

الشيخ الجليل العلامة محمد محمد السماحي رحمه الله.

الشيخ الدكتور محمد أمين المصري المربي والداعية المعروف، رئيس قسم الدراسات العليا رحمه الله.

والدكتور حسين حامد حسان رئيس القسم بعد الدكتور أمين رحمهم الله تعالى، وغيرهم.

ما موضوع رسالة الماجستير؟ ومن الذي أشرف عليك وناقشك؟

بعد أن أنهيت الدراسة المنهجية لمرحلة الماجستير، سجلت الرسالة بعنوان: الدين والفلسفة المادية الجدلية (الديالكتيك) بإشراف الشيخ الهمام محمد الغزالي رحمه الله، وأنهيت الرسالة عام 1977م وكان أعضاء لجنة المناقشة مكونة من:

الأستاذ محمد قطب. 

الدكتور أحمد العسال مناقشًا خارجيًّا من جامعة الرياض. 

وقد منحت الرسالة تقدير ممتاز بفضل الله عز وجل.

ما موضوع رسالة الدكتوراه؟ ومن الذي أشرف عليك؟

سجلت موضوعا للدكتوراه بعد النجاح بالاختبار الشفوي والتحريري بعنوان: "جوانب التفكير في العقيدة الإسلامية في العصر الأموي". بإشراف العلامة الجليل المحقق الدكتور محمد يوسف الشيخ، وهو من كبار علماء الأزهر الشريف علما وسنًّا، وكان محل احترام وتقدير من جميع علماء الأزهر الذين كانوا معنا في قسم الدراسات العليا، وكان معروفا بعلو همته، وسعة علمه، والاعتداد بشخصيته وآرائه، وكان معمَّرا توفي عن 93 عاما رحمه الله.

وبعد ثلاث سنوات من تسجيل الرسالة تمَّت مناقشتها عام 1979 وحصلت على تقدير ممتاز، بفضل لله أولا وآخرا.

ما أهم الأحداث التي عاصرتها والجامعات التي درست فيها والوظائف التي استلمتها بعد تخرجك؟

انتقلت من مكة المكرمة إلى أبها للتدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع الجنوب في مطلع عام ١٩٨٠ م الموافق 1400 هـ. 

وقد وافق ذلك موسم الحج الذي دخل فيه جهيمان العتيبي وجماعته إلى الحرم المكي الشريف معلنا ظهور المهدي المنتظر وداعياً إلى مبايعته بين الركن والمقام مستخدماً السلاح في بيت الله الحرام، بين أعداد كبيرة من الحجاج الذين لم يغادروا بعد مكة المكرمة شرفها الله إلى بلدانهم. وقد نتج عن هذا الحدث الأليم من سفك للدماء والمصائب والتي لا نزال نعاني من آثارها إلى يومنا هذا .

واستمرَّ عملي في هذا الفرع إلى عام 1996م.

وقد توليت في هذه الفترة رئاسة قسم العقيدة بفرع جامعة الإمام في أبها لمدة أربعة عشر سنة من عام 1400هـ- 1980م إلى عام 1414هـ - 1994م. 

ثم ألغي فرع جامعة الامام في أبها وتأسَّست جامعة جديدة باسم جامعة الملك خالد.

انتقلت للتدريس بالجامعة الجديدة من عام ١٩٩٧ إلى عام 2001م. 

وقد حصلت على ترقية الى مرتبة أستاذ مشارك عام 1996 م- 1416هـ .

ما أهم المقررات التي درَّستها في الجامعة؟

العقيدة - المذاهب الفكرية- الثقافة الإسلامية - الأخلاق الإسلامية - المجتمع الإسلامي - الأنظمة المعادية للإسلام - الفرق الإسلامية -نظام الحكم في الإسلام - البحث والمصادر .

ما هي الرسائل العلمية التي أشرفت عليها؟

أشرفت خلال هذه الفترة على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه المسجلة في كلية اصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض في تخصص العقيدة والفرق الاسلامية.

متى انتقلتم الى جدة؟ وما هي أهم الأعمال التي أسندت إليكم خلالها؟ 

انتقلت إلى جدة في مطلع عام 2002 م

ومن الأعمال التي أسندت الي خلال إقامتي في جدة:

١- عملت متعاونا مع جامعة ام القرى بمكة المكرمة في الاشراف على عدد من الرسائل العلمية ماجستير ودكتوراه.

 2- مشرف باحثين في مركز المصادر للمعلومات ،

من عام 2002 الى 2005م، وهو مشروع بيلوغرافي كان يعمل على حصر كل المطبوعات الجديدة باللغة العربية في كافة البلاد العربية في العلوم الإسلامية، إضافة الى العلوم الإنسانية غير المتخصصة بدءًا من 1/1/2000م ومن ثم تنزيلها على موقع المصادر تعريفاً أو تلخيصاً، لكن المشروع تعثر لأسباب كثيرة، وتوقف بعد ذلك.

3-الإشراف على خمس دبلومات بمعهد الإمام الشاطبي بجدة، والمركز العلمي الأول بجدة أيضا بما يتعلق بشؤون المدرسين والمناهج الدراسية والامتحانات من عام ٢٠06الى عام ٢٠١٩م

حيث اعتذرت عن الارباط بالأعمال الرسمية الوظيفية، لأتفرغ لأعمال أخرى تتناسب مع سنِّي وتطلعاتي العلمية.

4-التدريس في برنامج الدراسات العليا (شعبة العقيدة ) بفرع جامعةالعلوم والتكنولوجيا اليمنية بجدة . 

5-الإشراف في نفس الفرع على عدد من رسائل الماجستير في تخصص العقيدة من عام 2012 الى عام 2015م

ما هي مؤلفاتكم وبحوثكم التي أنجزتموها؟

(بحث)--الدين والفلسفة المادية الجدلية 

-جوانب التفكير في العقيدة الاسلامية في العصر الأموي (بحث)

-- دراسات في المذاهب الفكرية المعاصرة نشأتها ومنطلقاتها الفكرية (مطبوع) ومقرر دراسي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ،وأكاديمية مكة المكرمة في إسطنبول.

-التكليف في ضوء القضاء والقدر (مطبوع). 

-تراثنا الثقافي (رؤية اسلامية) (بحث).

-- مسلك الإثبات والنفي في الأسماء والصفات عند الإمام ابن تيمية (بحث).

- حرية التعبير عن الرأي في الاسلام (بحث).

وقد شرفني الله أن كنت عضواً مؤسِّساً للمجلس الاسلامي السوريّ وعضواً مؤسسا في رابطة العلماء السوريين، ولا أنسى فترة العمل التي قضيتها مع أخينا الحبيب الشيخ الدكتور ياسر المسدي رحمه الله حيث عملنا معاً في مكتب الأمانة العامة للرابطة التي شرفني الله بخدمتها منذ تأسست عام 2006م. 

وحاليا أتنقل بين جدة وإسطنبول، وأنا أمارس أعمالي العلمية والبحثية، حيثما حطَّت بي الرحال، وأنا على مشارف الثلاثة والسبعين من العمر، أسأل الله عز وجل أن يغفر لي ولوالدي، وأن يجعل خير 

أعمالي خواتيمها، وخير أيامي يوم ألقاه.

والحمد لله رب العالمين.

نشكر أستاذنا الكريم الذي تكرم بإجراء هذا الحوار معه، وألقى بعض الأضواء على ترجمته الذاتية ومسيرته العلمية والدعوية، ونسأل الله تعالى أن يبارك لنا في عمره وعلمه وعمله، ويزيده من فضله، ويتفع الأمة بما قدم.

وإلى لقاء قريب متجدد نستودعكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين