حمص بعد ريف دمشق لعلكم تذكرون

 اتفاق الهدنة المنعقد مع عصابة بشار الأسد بعد أمثاله في بلدات ريف دمشق ، وفي توقيته بين يدي ما يسمى انتخابات رئاسة الجمهورية ، لا يمكن أن يقرأ انتصارا كما يحلو لبعض قراء السياسة من صناعها أن يقرؤوه . هو انتصار بمعيار واحد فقط هو المعيار الذي قرأ فيه صناع كارثة السابعة والستين نصرها ...

لا حكاية المرأة الإيرانية تجعله انتصار ، ولا قصة الضابط الروسي ، ولا قبول النظام القاتل بخروج ألفي مقاتل من المدينة المحاصرة ، ولا إدخال الطعام إلى الأطفال الجائعين على أهميته وتعاطفنا مع كل المحاصرين والمجوعين .

والاتفاق ، الذي ليس انتصارا ، ليست فرّة سهلة ولا بسيطة توازنها الكرات الصغيرة الحادثة في الشمال والجنوب . بل ربما يضم إليه البعض التقدم على محاور متعددة على تخوم مدينة حلب لينذر بما لا يريد البعض أن يراه أو أن يقرأه ، مما ينذر بما لا نريد السبق إلى التحذير منه..

فحمص بحجمها وبموقعها وبدورها وبتاريخها الثوري وبطبيعتها الديمغرافية أكبر من أن تعتبر قضمة من القضمات التي أصبحت استراتيجية متقدمة ومعتمدة  منذ انتصار ( القصير ) الذي حققه حلفاء النظام ، انتصار القصير الذي  لم تنشأ عنه المراجعة الضرورية على الطرف الآخر . المراجعة التي تأخذ بالاعتبار الكثير من المتغيرات والمستجدات والإضافات ..

ليست " مازوكية " ولا ولعا بجلد الذات ، وليس تعبيرا عن حالة الهزيمة اليتيمة ، وليس ولعا بممارسة الأستاذية على الناس ولكنه أداء للأمانة لا بد منه تأتي هذه الدعوة التي سبقتها دعوات ، دعوات إلى التفكير الجاد الصادق بإعادة طرح كل المعطيات والمستجدات . التفكير بالأهداف والاستراتيجيات والتكتيكات . والتفكير بالأساليب والأدوات والأشخاص ، والتفكير بالهيئات والقيادات والحلفاء والأصدقاء ..

استراتيجية القضم المركزية الموجهة التي يقودها عقل استراتيجي علمي  المعتمدة على مدد غير محدود من الرجال المنظمين والسلاح بلا حدود  ستنتصر – لا سمح الله – على الفوضى وعلى الشتات وعلى التشرذم وعلى الاعتباط وعلى المباشرة والانفعالية مهما رافق كل ذلك من شجاعة ومن بطولة ومن تصميم وثبات وإخلاص :

الرأي قبل شجاعة الشجعان ...هو أول وهي المحل الثاني

في فورة أحداث الثورة سنة 1982 لم يكن إلا القليل من الناس يجرؤ أن يذكر الناس بالحقائق . وبعد تجربة ما سمي ( النفير ) بكل بؤسها ومرارتها والتي كانت فتنة على الكثير من الشباب ، ظل الناس إلى اليوم : يتذاكرون بعضهم يبكي وبعضهم يضحك وبعضهم يتندر .

زاكاني النائب في البرلمان الإيراني يعترف منذ أيام أن القوم قد دربوا أو أعدو 150 الف مقاتل ليزجوا بهم في الصراع في سورية . وبالأمس كان المستشار العسكري للولي الفقيه يحيى رحيم صفوي يؤكد أن حدود بلاده تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب اللبناني . ولأن الرجل واع جدا لم يقل عند حدود العريش ..

جريدة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية تؤكد بالأمس أن الهدنة في حمص تصب في مصلحة النظام ولاسيما بين يدي الانتخابات . لا شيء يخفى على العالم ، ولا شيء يخفى على مدعي صداقة الشعب السوري . الماء يسيل أو يصير إلى حيث يريدون ..

وعلى الطرف الآخر الذي هو طرفنا قادة فرحون بمقاعدهم ، قانعون بأدائهم ، مستبشرون بعطائهم بل ويمنون على السوريين أنهم قبلوا أن يقودوهم في هذا الوقت العصيب ...

هل يمكن لعاقل أن يفكر في توجيه اللوم لمدينة صمدت بأطفالها ونسائها وشيوخها وضعفائها ورجالها ومقاتليها في وجه حصار قاتل أكثر من عامين ؟! أي ظالم هذا اللائم سيكون ..؟!

بارك الله في حمص وحمى أهلها وبارك فيها وعزم  لشعب سورية أمر رشد وهيء لنا من أمرنا رشدا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين