حربنا مع اليهود

جيش البغي والعدوان يسيطر على القدس، ليل الإثم والعار يغطي سماءها الطاهرة الصافية، عصابة الإجرام من يهود تحكمها وتعيث فيها فساداً وظلماً. هذه العصابة العاتية الباغية، من قتلة الأنبياء، وتجار الفجور، ومحترفي الربا، تلتقي في القدس لتحارب المسلمين، وتبطش بهم، وتهدم أقصاهم، ليبني مكانه هيكلها. تكره كل من يذكر الله في خشوع، ويقرأ القرآن في إخبات، ومن يمتلئ قلبه باليقين، ذلك أنها تعلم أن هؤلاء هم أشد خصومها، لذلك تكرههم، تحقد عليهم، تسعى لاستئصالهم والقضاء عليهم.

لقد تعلمَتْ من وعيها للتاريخ الإسلامي أن المسلمين رجال ذوو جراءة وإقدام، وأنهم يعون حقيقة إيمانهم، ويستشعرون عظمة إسلامهم، يفعلون العجائب، يُقدِمون، يهجمون، يستبسلون، كالصقر يشتدون، كالأسد ينقضون، تسري في دمائهم أمجاد بدر واليرموك، حطين والزلَّاقة، القادسية وعين جالوت، فإذا بهم قوة تنضاف إلى قوة، وبأس ينضاف إلى بأس، وعزيمة تنضاف إلى عزيمة، وإذا بهم رجال لا كالرجال، يصوغون مواقف لا كالمواقف.

يا مسلم اليوم، يا من يجاهد عدوان يهود!..

تذكر أنك سليل الصيد الفاتحين، والغزاة المجاهدين، تذكر أنك تنتمي إلى خير أمة أخرجت للناس، وأكرم حضارة عرفها البشر.. إن حادي الإيمان يهيب بك أن أقدم.. إن نداء الجهاد يدوي في أذنيك أن هلمّ إلى جنة عرضها السماوات والأرض.. إن عطراً من أنفاس النبوة يضوع ويعبق، فاتصِلْ به يملَأْ قلبك بالسكينة واليقين، والقوة والثبات، والأمل الكبير بنصر الله القريب.

إن الحنان في أذان بلال ما زال يتدفق ليرفع المسلم فوق الصغائر ليستشرف آفاق البطولة، وليكون موصول الأسباب بقوة الله تعالى التي لا تقهر.

دع عنك القلق والجزع، دع عنك الهلع والخوف.. إن الآجال لا تطول ولا تقصر، وإن الموت خاتمة لحياة كل إنسان، شجاع أو جبان.

تذكر -وأنت تجاهد يهود- أنك على حق، وعدوَّك على باطل، وأن شجرةَ الحق أثبت من شجرة الباطل، وجندَ الحق أقوى من جند الباطل. تذكر أنك من حملة القرآن، وأن ثوراتهم المزيفة لا يمكن أن تهزم قرآنك العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو تنزيل من حكيم حميد.

إن الحضارة التي صاغها أسلافك العظام خير حضارة عرفها العالم على الإطلاق، وإن نظام الحياة الذي منحوه للبشرية أفضل وأعلى من أي نظام آخر، لقد عرفت الدنيا خلال عمرها المديد كثيراً من الحروب، لكنها لم تعرف حروباً كالتي قام بها المسلمون لأنها حروب ذات مبادئ نبيلة، وأهداف سامية، وغايات شريفة جليلة، تستهدف في نهايتها إسعاد الإنسان بإخراجه من منهج الشيطان إلى منهج القرآن.

أيها المسلم المجاهد!..

إنك تقاتل قتال من هو جدير بالانتماء إلى الإسلام الذي سيكون له بإذن الله العز والتمكين، والنصر والفوز المبين، وسيكون لك القبول في الناس، والرضا عند ربك ورب الناس. إنك حين تفعل ذلك ستكون غايتك بعيدة كريمة، تحرر الأرض من يهود، تحكم بشرع الله، تعلي كلمة القرآن، تنطلق في الدنيا كلها حاملاً دعوة الحق ونداء الإيمان.

أيها المسلم!.. أظهر حقيقتك للأقوام والشعوب، فمحافل الكون في حاجة إليك، ترنو إلى حرارة أنفاسك، وصدق دعوتك، ومضاء عزيمتك. خلافة الأرض لك فكن بها جديراً خليقاً، وانهض لتثبت وجودك، ويتمَّ بك نور التوحيد. أنت العطر وإن حبستك عن العالم الحواجز، فقم واحمل الأمانة في عنقك، وانشر أريجك الطيب حتى تعطر أفناء الحياة التي امتلأت بالكريهة من روائح يهود.

لا تكن مثل الأمواج حبيسة بين البحر والشاطئ، ولكن كن جدولاً دفاقاً بالعطاء والمكرمات، وأنر الدهر بنور وجهك النبيل.

لولا البحر ما كانت اللآلئ، ولولا الأنهار ما كانت المزارع، ولولا النحل ما كان العسل، ولولا البستان ما غنت العنادل والبلابل على الأغصان، ولولا الإسلام ما كان نور ولا عدل ولا إيمان، فكُنْ مسلماً حقاً يكُنْ لك النصر والفخار والخلود.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين