حدث في السابع من جمادى الأولى

في السابع من جمادى الأولى من سنة 1293 = 1876 عُزِل السلطان العثماني عبدُ العزيز بن السلطان محمود الثاني بعد أن جلس على عرش السلطنة أكثر من 16 عاماً، وتسنم العرش ابن أخيه السلطان مراد بن السلطان عبد المجيد، ثم ما لبثت أن أعلنت وفاة السلطان عبد العزيز بعد خمسة أيام.

 
ولد السلطان عبد العزيز في سنة 1245= 1830، في السنوات الأخيرة لحكم والده السلطان محمود الثاني الذي دام حوالي 32 عاماً من سنة 1223 إلى وفاته في سنة 1255عن 55 عاماً، أما أمه التي تسمى بزيمة ثم دعيت فيما بعد بيرتفنيال، فكانت من أصل روماني، ولكنها كانت سيدة تقية تعتز بتقاليد السلطنة العثمانية ومسجدها في آقساراي شاهد على ذلك، وهو مسجد ذو خصوصية لكون مهندسه إيطالياً، هو المعمار مونتاني، وبانيه أرمنياً هو البنّاء باليان، وكانت أختها متزوجة من إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر، مما وطد العلاقات مع مصر التي كانت تتمتع بحكم ذاتي، ولذا وجدنا السلطان عبد العزيز يزور مصر في سنة 1279 في أيام الخديوي إسماعيل ابن خالته.
 
وخلَفَ السلطانَ محمود الثاني ابنُه عبد المجيد الأول، وفي ظله عاش السلطان عبد العزيز أميراً إلى أن تسنم العرش، وهو في الواحدة والثلاثين، بعد وفاة أخيه عبد المجيد في 17 ذي الحجة من عام 1277 الموافق 7 يونيو/حزيران من عام 1861.
 
وكان حكم السلطان عبد المجيد الأول قد دام 22 عاماً واتسم بإعادة تنظيم الدولة العثمانية، والتي يطلق عليها التنظيمات، والتي شملت الجيش والتجنيد الإجباري، والإصلاح الزراعي والتعليمي، وكانت القوى الأوربية تتعاون معه أحياناً وتضع العراقيل في طريقه أحياناً أخرى وفق ما ينسجم مع مصالحها الاقتصادية، وتطلعاتها السياسية وعلى رأسها أن تتدخل في شؤون الدولة العثمانية من خلال مناداتها بحماية الأقليات المسيحية، وكان الهم الأكبر للسلطان عبد المجيد هو المحافظة على الأراضي العثمانية من التمزق والنزعات الانفصالية.
 
كان السلطان عبد العزيز السلطان الثاني والثلاثين من سلاطين بني عثمان، ومن الناحية المراسمية كان أول ما عمله بعد أن تولى السلطنة أن توجه في موكب حافل إلى ضريح أبي أيوب الأنصاري وهناك تقلد السيف السلطاني على ما جرت به العادة، ومن هناك سار لزيارة قبر السلطان محمد الفاتح، ثم قبر والده السلطان محمود الثاني.
 
تابع السلطان عبد العزيز ما بدأه أخوه من محاولة لتطوير الدولة العثمانية واللحاق بالتقدم العلمي والتقني الذي حازت قصب سبقه الدولتان الأوربيتان العظميان: بريطانيا وفرنسا، وابتدأ ذلك بتعيين محمد فؤاد باشا في منصب الصدر الأعظم، وكان فؤاد باشا، وهو طبيب من عائلة أرستقراطية، قد تقلب في عدد من المناصب منها رئاسة لجنة التعليم ومن بعدها رئيس مجلس التنظيمات ووزيرا للخارجية، وكان شديد الرغبة في الاحتذاء بالغرب، وبقي في منصبه حتى عام 1283 = 1866، وتوفي سنة 1285 في نيس بفرنسا، وتنبغي الإشارة إلى أن فؤاد باشا وضع، بالتعاون مع المؤرخ أحمد جودت، أول كتاب قواعد للغة التركية، وتولى بعده محمد رشدي باشا لفترة 7 شهور، ثم تولى بعده محمد أمين علي باشا في أواخر عام 1283، وكان علي باشا عصامياً بدأ في يفاعته العمل الحكومي من أول السلم ثم ترقى حتى سفيراً لدى بريطانيا ثم وزيراً للخارجية ثم صدراً أعظم لدى السلطان عبد المجيد، وتابع علي باشا مسيرة الإصلاح إلى حين وفاته عام 1288 = 1871، وكان حريصاً على صداقة الدولتين العظميين بريطانيا وفرنسا.
 
ومن أهم إصلاحات هذه الفترة التي دامت عشر سنوات تقسيم جديد للولايات العثمانية، واستحداث مجلس للدولة، وتنظيم التعليم العام وفقاً للنموذج الفرنسي، وتأسيس جامعة استانبول تحت اسم دار الفنون السلطانية، ووضع مجلة الأحكام الشرعية لتوحيد القرارات القضائية في أنحاء السلطنة، وإنشاء شبكة للسكك الحديدية التركية، وإنشاء مُتحف الآثار في إستانبول، وإصدار أول طابع بريد تركي.
 
وعلى الصعيد الخارجي، أصدر السلطان عبد العزيز في سنة 1284 = 1867 فرماناً جعل ولاية مصر ذات استقلال ذاتي يرأسها حاكم منحه لقب الخديوي، وله كثير من الصلاحيات التي كانت سابقاً محصورة بالسلطان العثماني، وجعل وراثة الحكم محصورة في ذرية الخديوي إسماعيل، واستعمل لقب الخديوي خليفتا إسماعيل: توفيق وعباس حلمي، ولما فرضت الحملية البريطانية على مصر عُدِلَ عنه إلى لقب السلطان.
 
وبلغ السلطان عبد العزيز أن فرنسا تتطلع إلى احتلال تونس امتداداً لاحتلالها للجزائر، فأراد التأكيد على العلاقة السيادية بين الدولة العثمانية وبين تونس، وتثبيت سيادة السلطنة عليها، فأصدر في سنة 1288 = 1871 فرماناً مماثلاً لحاكم تونس الباشا محمد الصادق أقره فيه على حكم تونس وتوارثه، وأعفاه من أية مبالغ تدفع للخزينة العثمانية، رغبة في تزايد عمران البلاد وثروة أهاليها، ومنحه حق تولية المناصب الشرعية والعسكرية المدنية والمالية والسياسية لمن هو أهل لها، وسمح له بالتعامل المباشر مع الدول الأجنبية باستثناء القضايا السياسية والحربية وتغيير الحدود ونحوها، ومن المعروف أن ذلك لم يمنع الحكومة الفرنسية من احتلال تونس سنة 1881 وإعلان حمايتها لها، دون أن تكترث بالسيادة العثمانية وبالعلاقات التاريخية الحسنة بين فرنسا والعثمانيين.
 
ذلك أن السلطان عبد العزيز نمى علاقات حسنة مع بريطانيا وفرنسا، وكان أول سلطان عثماني يزور أوروبا الغربية عندما زار في عام 1283 = 1867 فرنسا بدعوة من الإمبراطور نابليون الثالث لحضور معرض باريس، وزار بعدها بريطانيا واطلع على التقدم الحضاري والعسكري الذي حققته الدولتان، فقد شهد في بريطانيا عرضاً للأسطول البريطاني، واستعمل القطار البخاري، ومنحته الملكة فكتوريا وسام الفارس، ونظراً لتحسن العلاقات قام أمير ويلز، والذي سيكون الملك إدوارد السابع فيما بعد، بزيارة إستانبول مرتين، ولما جرى حفل افتتاح قناة السويس في عام 1285 = 1869 ودعا إليه الخديوي إسماعيل ملوك أوروبا مر بإستانبول عددٌ منهم في طريقه إلى مصر، وأبرزهم الإمبراطورة يوجيني زوجة نابليون الثالث التي حلت ضيفة على السلطان عبد العزيز، وأخذها لزيارة والدته في جناحها بقصر دولمه بهجة، فصعقت الوالدة لخرقه التقاليد وإدخاله شخصاً أجنبياً إلى جناح الملكة الخاص وكادت أن تصفع الإمبراطورة وتسبب مشكلة دبلوماسية لابنها.
 
أراد السطان عبد العزيز أن يجاري القوى العظمى في الميدان العسكري، وكانت الدول العظمى تتباهى بأساطيلها البحرية، فبدأ بتقوية الأسطول العثماني وأنفق على ذلك الأموال الطائلة فصار الأسطول يضم 21 بارجة و173 سفينة حربية، وأصبح ثالث أسطول في العالم بعد بريطانيا وفرنسا.
 
واجه السلطان عبد العزيز عدة تحديات أولها استمرار الغليان في الهرسك والجبل الأسود والذي انفجر في عام 1278= 1862 بزعامة الأمير نقولا بتروفيتش الذي أعلن استقلال الجبل الأسود وخاض حرباً دامية مع القوات التي أرسلتها الدولة العثمانية لقمع الثورة، والتي نجحت في ذلك بعد تكاليف باهظة في الرجال والمال والمعنويات.
 
وواجه السلطان تحدياً آخر في الأقاليم الصربية نجم عنه استقلال صربيا، وذلك إن معاهدة باريس لعام 1856 جعلت بلاد الصرب مستقلة تحت سيادة الباب العالي، ومنحت العثمانيين الحق في وضع حاميات في ستة حصون ومنعت المسلمين من السكن خارجها، وفي سنة 1279= 1862 أراد الصرب نقض هذا الاتفاق فجرت مباحثات توصلت إلى تخفيض الوجود العثماني ليقتصر على أربعة حصون، ثم عاد الصرب في سنة 1283 = 1866 ورفضوا ذلك الاتفاق وطالبوا بجلاء الجيش العثماني عن الأراضي الصربية، وبدأت الدولة العثمانية في حشد الجيوش لمهاجمة الصرب ولكن تمرداً قام به السكان اليونانيون في جزيرة كريت أجبرها على أن تقبل بمطالب الصرب وتسحب حامياتها، وتحقق لصربيا استقلالها الكامل عن الدولة العثمانية.
 
وفي سنة 1283 واجه السلطان أزمة خطيرة في جزيرة كريت، والتي سماها العرب قديماً إقريطش ثم كريد، فقد تمرد أهلها من اليونانيين الراغبين بالانضمام لليونان، فجهزت الدولة العثمانية حملة استمرت قرابة ثلاث سنوات شاركت فيها قوات مصرية، واستطاعت إخضاع الجزيرة بعد معارك عاتية ألّبت الرأي العام الأوربي والأمريكي على الدولة العثمانية، ولكن الصدر الأعظم علي باشا الذي أدرك أهمية إخماد هذا الانفجار جاء إلى الجزيرة وأقام فيها ثلاثة أشهر وضع خلالها الأنظمة التي تلبي تطلعات أهل الجزيرة وتضمن رضاهم - وإن إلى حين – بالحكم العثماني.
 
ويجدر أن نذكر هنا أن الشاعر محمود سامي البارودي كان ممن شارك في هذه الحملة، وله فيها بعض القصائد، وأن المسلمين الذين هاجروا من كريت جاءوا إلى دمشق فأسكنهم واليها ناظم باشا في سفح جبل قاسيون فيما كان نواة لحي المهاجرين أرقى أحياء دمشق.
 
وبعد وفاة الصدر الأعظم علي باشا بدأ السلطان في ممارسة الحكم مباشرة وفق رؤيته الشخصية، وتراجع عن الإصلاحات التي اعترض عليها رجال الدين، وليضمن السلطان ألا يقف الصدر الأعظم في وجهه لجأ إلى تعيين أشخاص يتوسم فيهم أن يوافقوه على ما يريد، إضافة إلى أنه لم يتركهم في المنصب فترة طويلة، وهكذا قام بتغيير الصدر الأعظم 9 مرات خلال 6 سنوات.
 
وحدثت في هذه الفترة عدة تطورات على الصعيد الخارجي، فقد عانت فرنسا، الحليفة الأوثق في أوروبا، من هزيمة مهينة على يد بروسيا في عام 1288، فقام السلطان عبد العزيز بتغيير جذري للسياسة الخارجية ومد يد الصداقة لروسيا وبدأ هو ورئيس وزرائه محمود نديم باشا يتباحثان مع إغناتييف السفير الروسي في إستانبول في إقامة حلف دفاعي هجومي، تُمنح بموجبه روسيا رعايةَ المسيحيين في أراضي السلطنة، وتعترف هي برعاية السلطنة للمسلمين في أراضيها، وهدف السلطان من وراء ذلك أن يضمن وقوف روسيا معه إزاء الغليان المستمر لإقاليم البلقان، وأثارت هذه النوايا مخاوف الدول الأوربية الغربية وعلى رأسها بريطانيا التي كانت أكبر الخاسرين لو تحقق تحالف كهذا، فأخذ السفراء الظاهرون والسريون في إثارة الشكوك حول جدوى وفائدة مثل هذا التحالف، وصوروه على أن السلطان قد باع مصالح تركيا للقيصر الروسي، وازدادت هذه الدول في تشجيعها المعنوي لأقاليم البلقان لكي تنسلخ عن السلطنة، ولم يتم ذلك التحالف لأن إغناتييف لم يكن صادقاً في التعاون مع الدولة العثمانية، وكان في الوقت ذاته يشجع أقاليم البلقان على التمرد، ولما تمردت الواحدة تلو الأخرى، ما كانت روسيا القيصرية لتستطيع ألا تشجع الهرسك وبلغاريا على طلب الاستقلال، فتحولت الصداقة إلى توجس وكراهية.
 
وفي سنة 1288 جرى تمرد في منطقة عسير فأرسل حملة لإخضاعها، هزمت المتمردين وقتلت أميرهم محمد بن عايض ابن مرعي، وأسرت كثيراً من كبار القوم وأرسلتهم إلى الآستانة، وفقاً لتقليد طالما سارت الدولة العثمانية.
 
وناءت خزينة الدولة بالإنفاق الكبير على الحملات العسكرية المتتالية وعلى الأسطول العثماني الضخم، وعلى المشاريع العمرانية والقصور الفخمة، ووصل الدين الحكومي في سنة 1292 إلى 200 مليون جنيه وبلغت أقساط سداده وفوائده السنوية 12 مليون جنيه تعادل نصف واردات الدولة، وتصادف ذلك مع قحط شديد في عام 1291 أعقبته سيول في عام 1293، فشحت المنتجات الزراعية واشتد الغلاء، وأصبحت مناطق كثيرة على حافة المجاعة، وكان المزارعون أشد من تأثر بهذه الكوارث الطبيعية يضاف إليها التجنيد الإجباري وعمل السخرة في الحملات العسكرية، فعمَّ التذمر في كافة أنحاء المملكة وبخاصة لدى الطبقات الفقيرة والمزارعين.
 
وجاءت قاصمة الظهر بتمرد البوسنة والهرسك وتلتها بلغاريا، وكانت الحاشية المتأثرة بأوروبا الغربية تكره تقارب السلطان مع روسيا، فلما لم يؤت ثماره المرجوة وجدته فرصة للطعن في السلطان وسلامة آرائه في ظل استبداده بالأمور، فتآمر محمد رشدي باشا الصدر الاعظم، وحسين عوني باشا ناظر الحربية، وأحمد باشا قيصرلي ناظر البحرية، وأحمد مدحت باشا، وشيخ الاسلام حسن خير الله أفندي الذي أصدر فتوى بوجوب عزل السلطان، وهي فتوى طالما تكررت وهذا نصها: إذا كان زيد الذي هو أمير المؤمنين مختل الشعور، وليس له إلمام بالأمور السياسية، وما برح ينفق الأموال الميرية في مصارفه الشخصية بدرجة لا طاقة للملك والملة على تحملها، وقد أخل بالأمور الدينية والدنيوية وشوشها، وخرب الملك والملة، وكان بقاؤه مضراً بها، فهل يصح خلعه؟ الجواب: يصح. كتبه الفقير حسن خير الله، عفى عنه.
 
وهكذا جرى خلع السلطان عبد العزيز في السابع من جمادى الأولى من سنة 1293، وأودعوه السجن في قصر طوبقبو بإستانبول، ثم أعلنوا بعد خمسة أيام أنه انتحر بمقص قطع به عِرقاً من كلي ذراعيه فمات، ولكن الدلائل تشير إلى أنه قد قتل تفادياً لفضيحة كبيرة وعواقب وخيمة كانت ستطال الحاشية، فقد ذكر السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته أنه قتل بتدبير من حسين عوني باشا ومدحت باشا.
 
ذلك إن الحاشية جاءت بابن أخيه مراد بن السلطان عبد المجيد ونادت به سلطاناً للبلاد تحت اسم مراد الخامس، ولكن سرعان ما اتضح أن السلطان الجديد مختل العقل حتى أنه في يوم تنصيبه رمى نفسه في بركة ماء منادياً حراسه ليحموه ممن يريد قتله، فخشيت الحاشية أن تنقلب الجماهير عليهم وتقوم حركة لإعادة السلطان عبد العزيز فعجلوا في قتله، ثم ادعوا أنه انتحر بسبب اختلال في قواه العقلية.
 
وكان السلطان عبد العزيز قبل وفاته بيوم قد كتب رسالة إلى السلطان مراد قبل وفاته، يطلب منه الانتقال من طوبقبو، وتبين الرسالة بوضوح أنها من رجل عاقل ليس به لوثة من اضطراب أو جنون، وهذا نصها: بعد اتكالي على الله تعالى وجهت اتكالي عليك، فأهنئك بجلوسك على تخت السلطنة، وأبين لك ما بي من الأسف على أني لم أقدر على أن أخدم الأمة حسب مرادها، فأؤمل أنك أنت تبلغ هذه الأرب، وأنك لا تنسى أني تشبثت بالوسائل الفعالة لصيانة المملكة وحفظ شرفها، وأوصيك بأن تتذكر أن من صيرني إلى هذه الحالة هم العساكر الذين سلحتهم أنا بيدي، وحيث كان من دأبي دائما الرفق بالمظلومين وشملهم بالمعروف الذي تقتضيه الإنسانية، أرغب إليك أن تنقذني من هذا المكان الضيق المعنِّي الذي صرت إليه، وتعين لي محلا أكثر ملاءمة لي، وأهنئك بأن الملك انتقل إلى ذرية اخي عبد المجيد خان.
 
وكان حسين عوني باشا أنشط الساعين في خلع السلطان عبد العزيز الذي رقاه وأعلى قدره، وجعله مقدماً على جميع أهل المناصب، فقام حسن بك أحد المقربين من السلطان عبد العزيز باغتياله، وكان حسن بك شركسي الأصل هاجر والده من بلادهم بعد دخولها ضمن الدولة الروسية، وكان مرافقاً عسكرياً للأمير يوسف عز الدين نجل السلطان عبد العزيز، ويوم الاغتيال تسلح بأربع مسدسات وخنجر ماض وقصد منزل حسين عوني باشا وزير الحربية فقيل له إنه بمنزل أحمد مدحت باشا، فذهب اليه ولما سأل الخدمَ عن حسين عوني باشا قالوا له إنه مع سائر الوزراء في اجتماع خاص، فأوهمهم أن معه برقية مهمة تختص بالحربية يريد توصيلها فورا، وطلع إلى مكان الاجتماع فمنعه حارس الصدر الاعظم، فطلب منه أن يدعو له مرافق حسين عوني باشا، وعندما ذهب ليدعوه، دخل حسن بك الغرفة وأطلق رصاصه على حسين عوني باشا فأصابه برصاصتين فقام للدفاع عن نفسه فأجهز عليه بالخنجر، وأصاب محمد راشد باشا ناظر الخارجية برصاصة في عنقه أفقدته الحياة، ثم قام أحمد باشا قيصرلي ناظر البحرية وقبض على يد حسن بك فأثخنه جراحا حتى فر مع باقي الوزراء إلى غرفة أخرى، وقتل حسن بك بعض الضباط قبل أن يتم القبض عليه ومحاكمته ثم شنقه.
 
كان السلطان عبد العزيز يمتمع بمواهب أدبية له ميل للموسيقى، وقد ألف بعض المقطوعات الموسيقية، وكان مثل كثير من السلاطين العثمانيين ينتمي للطريقة المولوية الصوفية، وخلف 10 من الأولاد من ست زوجات يعود أصلهن إلى جورجيا وتركيا والقوقاس.
 
لم تدم أيام السلطان مراد طويلاً، فقد جرى عزله بعد ثلاثة أشهر بسبب اختلاله العقلي، وجرى تعيين أخيه السلطان عبد الحميد الثاني، والذي سيكون آخر السلاطين الكبار من بني عثمان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين