حدث في الخامس والعشرين رجب

بقلم: محمد زاهد أبوغدة

في الخامس والعشرين من رجب من عام 183 توفي في بغداد عن 55 عاماً الإمام موسى الكاظم: أبو الحسن، موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، أحد الأتقياء الصلحاء، لُقِّب بالكاظم لفرط تحمله وتجاوزه عن المعتدين عليه، وهو سابع الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الاثني عشرية.
 
ولد موسى الكاظم سنة 128 بالأبواء بين مكة والمدينة، ووالدته أم ولد اسمها حميدة، ووالده الإمام جعفر الصادق، المولود في المدينة سنة 80 والمتوفى بها سنة 148، وجدته فريوة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولذلك كان والده يقول: ولدني أبو بكر مرتين. وروى جعفر الصادق عن أبيه والزُهري ونافع ومحمد بن المنكدر، وروى عنه سفيان الثوري وابن عيينة وشعبة ويحيى القطان ومالك وابنه موسى الكاظم وآخرون.
 
ولموسى الكاظم ستة إخوة من الذكور منهم: إسماعيل، وعلي العريضي، ومحمد المأمون، وإسحاق، وعاش موسى الكاظم مع والده قرابة 20 عاماً، ويعتبر الشيعة أنه أصبح إماماً، بمصطلحهم، بعد وفاة والده مدة 35 سنة.
 
وأوصى الإمام جعفر الصادق ابنه موسى الكاظم وصية نفيسة فقال: يا بني احفظ وصيتي تعش سعيداً، وتمت شهيداً، يا بني إن من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيراً، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استعظم زلة نفسه استصغر زلة غيره. يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حُقِّر، ومن خالط العلماء وُقِّر، ومن دخل مداخل السوء اتُهِم. يا بني قل الحق لك أو عليك، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه.
 
وللإمام موسى الكاظم رواية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه، وروى له الترمذي وابن ماجه حديثين، وحدَّث عنه أولاده: علي، وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين، وأخواه: علي بن جعفر، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن صدقة العنبري، وصالح بن يزيد. قال الإمام الذهبي: وروايته يسيرة لانه مات قبل أوان الرواية، رحمه الله. وذكره أبو حاتم فقال: ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين.
 
وللإمام موسى الكاظم مسند حديث صغير في 7 صفحات رواه عنه أبو عمران المروزي، موسى بن إبراهيم، المتوفى بعد سنة 229، ولكن علماء الحديث من أهل السنة يضعفون أبا عمران المروزي، ويعتبرونه منكر الحديث.
 
وكان موسى رحمه الله يُدعى العبد الصالح، من عبادته واجتهاده، روي أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة. فجعل يرددها حتى أصبح.
 
وكان رحمه الله على زى الأعراب، مائل اللون إلى السواد، مشهوراً بالحلم والسخاء، قال عيسى بن محمد بن مغيث القرشي: زرعت بطيخا وقثاء وقرعا بالجوانية، فلما قرب الخير، بيَّتني الجراد، فأتى على الزرع كله، وكنت غرمت عليه وفي ثمن جملين 120 دينارا، فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر، فسلم، ثم قال: أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم. قال: وكم غرمت فيه؟ قلت: 120دينارا مع ثمن الجملين. وقلت: يا مبارك، ادخل وادع لي فيها. فدخل ودعا، فجعل الله فيها البركة وزكت، فبعت منها بعشرة آلاف.
 
وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلثمئة دينار ومئتي دينار، ثم يقسمها بالمدينة، فمن وصلته صرة اغتنى، وكان في المدينة رجل من آل عمر يؤذيه ويشتم عليا، فقال لموسى الكاظم بعض حاشيته: دعنا نقتله. فنهاهم وزجرهم، وذُكِر له أن العُمَري يزدرع بأرض، فركب إليه في مزرعته، فوجده، فدخل بحماره، فصاح العمري: لا توطئ زرعنا. فوطئ بالحمار حتى وصل إليه، فنزل عنده وضاحكه، وقال: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال: مئة دينار. قال: فكم ترجو؟ قال: لا أعلم الغيب وأرجو أن يجبيئني مئتا دينار. فأعطاه ثلاثمئة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله.
 
فقام العمري فقبل رأسه وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وجعل يدعو له كل وقت، فقال الإمام موسى لأصحابه الذين أرادوا قتل العمري: أيما هو خير؟ ما أردتم، أو ما أردت، أن أصلح أمره بهذا المقدار؟
 
وكان يسكن المدينة فأقدمه المهدي بغداد وحبسه، فرأى في النوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول: يا محمد، وهو اسم المهدي، ﴿فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم﴾؟ قال الربيع حاجب المهدي: فأرسل إلي المهدي ليلاً، فراعني ذلك، فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتاً، وقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال: يا أبا الحسن، إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من أولادي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار، ورده إلى أهله إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق.
 
وتروى عنه قصة شبيهة بهذه مع هارون الرشيد، وهذه أصح، وينسب إليه فيها دعاءٌ مشهور يزعمون أن من قاله فرَّج الله عنه، وهو: يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك الأعظم الأكبر، المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا أناة لا يُقوى على أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ولا يحصى عدداً، فرِّج عني.
 
وسأل الرشيد موسى الكاظم بن جعفر، فقال له: لم زعمتم أنكم أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُنشر، فَخَطَبَ إليك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله، وكنت أفخر بذلك على العرب والعجم، فقال موسى: لكنه لا يخطب إليَّ ولا أزوجه؛ لأنه ولَدَنَا ولم يَلِدْكُمْ.
 
وأقام موسى الكاظم بالمدينة إلى أيام هارون الرشيد، فلما جاء هارون للعمرة في شهر رمضان سنة 179، وشى به أحد أقاربه من حاسديه أن الناس يبايعونه على الإمامة، وأن الأموال تجبى إليه من شيعته وأنصاره، فاحتمله هارون معه إلى البصرة وحبسه عند واليها عيسى بن جعفر ابن المنصور سنة واحدة، ثم كتب عيسى إلى الرشيد أن خذه وسلمه إلى من شئت، وإلا خليتُ سبيله، فقد اجتهدتُ أن آخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك، حتى إني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو علي أو عليك فما أسمعه يدعو إلا لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.
 
فنقله الرشيد إلى بغداد وحبسه بها غير مضيق عليه إلى أن توفي في محبسه، وذكر أن هارون الرشيد أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم زائراً وحوله قريش ورؤساء القبائل، ومعه موسى الكاظم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم. افتخاراً على من حوله، فقال موسى: السلام عليك يا أبت. فتغير وجه هارون الرشيد وقال: هذا هو الفخر يا أبا الحسن حقا. قال المؤرخون: ولعل الرشيد ما حمله إلى بغداد وحبسه إلا لقوله: السلام عليك يا أبتِ؛ فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
 
وكان الموكل به مدة حبسه السندي بن شاهك جد كشاجم الشاعر المشهور، وكانت ابنته صالحة ذات دين فطلبت أن تخدمه، فروت أنه إذا صلى العتمة، حمد الله ومجده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل، قام يصلي حتى يصلي الصبح، ثم يذكر حتي تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك، ويأكل، ثم يرقد إلى قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي العصر، ثم يذكر في القبل حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب إلى العتمة، فكانت تقول: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل.
 
وأرسل رحمه الله من محبسه برسالة إلى الرشيد يقول: إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، ثم نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء، يخسر فيه المبطلون.
 
وقيل إنه توفي مسموماً، أو مخنوقاً، ولكنَّ الأرجح أنه مات ميتة طبيعية، فقد مكث في بغداد 4 سنين، ولم يكن ثمة ما يبعث الرشيد على قتله، إذ لم يكن ثمة خطر داهم من جهته، وقد قال عبد السلام بن السندي، الذي كان في بيته: كان موسى عندنا محبوسا، فلما مات، بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فأدخلناهم عليه، فأشهدناهم على موته. ويشيع في كتب المؤرخين القول في الموت بالسم في كثير من صالحي الحكام مثل عمر بن عبد العزيز أو الشخصيات المعارضة مثل آل البيت، ونحن في عصرنا الحالي الذي زاد فيه متوسط الأعمار قد نميل إلى تصديق ذلك، ولكننا قد نتوقف قليلاً لو علمنا أن متوسط عمر خلفاء بني العباس كان 46 عاماً.
 
دفن موسى الكاظم في مقابر قريش بالشونيزية غربي بغداد، وقبره هناك مشهور يزار، ودفن معه فيه حفيده الجواد وبُني عليه مشهد عظيم فيه قناديل الذهب والفضة وأنواع الآلات والفرش ما لا يحد، ولما توفي الشاعر ابن الحجاج، أبو عبد الله الحسين بن أحمد، سنة 391، أوصى أن ينقل إلى بغداد ويدفن في مشهد موسى الكاظم، عند رجليه ويكتب على قبره جزء من الآية في سورة الكهف: ﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾.
 
خلَّف الإمام موسى الكاظم 37 ولداً بين ذكر وأنثى، الجميع من إماء، والذكور من أولاده هم: علي الرضا، وإبراهيم المرتضى، والعباس، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمد العابد، وعبيد الله، وحمزة، وزيد، وإسحاق، وعبد الله، والحسين، وفضل، وسليمان، ومن البنات فاطمة دفنت مع أخيها الرضا في طوس، رحمهم الله جميعاً. ولكثرة ولده فإن النسب إليه منتشر في أنحاء العالم الإسلامي، وإليه ينتسب الموسويون من آل البيت، وقيل إنه أوصى ألا تتزوج بناته فلم تتزوج واحدة منهن إلا أم سلمة، فإنها تزوجت بمصر، تزوجها القاسم ابن محمد بن جعفر بن محمد، فجرى في هذا بينه وبين أهله شيء شديد، حتى حلف أنه ما كشف لها كنفا، وأنه ما أراد إلا أن يحج بها.
 
ومن أهم أولاد موسى الكاظم الإمام على الرضا، وهو عند الشيعة ثامن أئمتهم والإمام بعد أبيه، ويكنى أبا الحسن ككنية أبيه، وأمه أم ولد اسمها أروى، وولد بالمدينة سنة 153، وتوفي سنة 203 بطوس، التي تعرف اليوم بمشهد في شمالي شرق إيران، وكان المأمون قد زوجه ابنته أم حبيب في سنة 202، وجعله ولي عهده، وضرب اسمه على الدينار والدرهم، وقال لبني العباس إنه نظر في أولاد العباس وأولاد علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، فلم يجد في وقته أحداً أفضل ولا أحق بالأمر من علي الرضا فبايعه، ونمي الخبر إلى من بالعراق من أولاد العباس، فعلموا أن في ذلك خروج الأمر عنهم، فخلعوا المأمون وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي، فقاتلهم المأمون وانتصر عليه، ولما توفي علي الرضا حزن عليه المأمون أشد الحزن ودفنه بجوار والده هارون الرشيد.
 
وولده إبراهيم المرتضى انضم إلى حركة تمرد بدأها سنة 199 أبو السرايا السري بن منصور الشيباني، وجعل زعيمها محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي، وأرسل المتمردون إبراهيم المرتضى والياً على اليمن فذهب إليها، ولم يزل بها أيام المأمون يسفك الدماء حتى لقبه الناس بالجزار، وعاد إلى مكة فدخلها عنوة وقتل أميرها للمأمون يزيد بن حنظلة المخزومي، وولاه المأمون إمرتها بعد ان جعل أخاه علي الرضا وليا لعهده، ولما توفي أخوه علي الرضا اتهم إبراهيمُ المأمونَ بقتله، ودعا الناس إلى مبايعته بالإمامة، ولكن لم يتحقق له ما أراد فتراجع عن الثورة، وبقي في مكة، وحجَّ بالناس سنة 222، وهو جدَّ الشريف الرضىّ وأخوه المرتضى.
 
أما ابنه زيد فخرج في العراق مع أبي السرايا، وولي له إمارة الاهواز، ولم يكتف بها فضم إليها البصرة، وكان عليها عامل لابي السرايا، فأخرجه زيد واستقر فيها، وسمي (زيد النار) لكثرة ما أحرق بالبصرة من دور العباسيين وأتباعهم، وكان إذا أُتي برجل من أنصار المأمون أحرقه! وأخذ أموالا كثيرة من التجار، ولما ظفر المأمون بأبي السرايا، وحمل إليه رأسه سنة 200، حوصر زيد في البصرة فاستأمن، وأمن، وأرسل إلى بغداد، ومات في أيام المستعين نحو سنة 250.
 
وأرسله المأمون لأخيه على الرضا، فوبخه الرضا وقال له: يا زيد، ما أنت قائل لرسول الله إذا سفكت الدماء، وأَخَفت السُّبل، وأخذت المال من غير حله؟! أغرك أنه قال: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله وذريتها على النار؟! إنما هذا لما خرج من بطنها فقط. يعني الحسن والحسين.
 
وكانت فى فرق الشيعة فرقة تسمى الواقفة أو الموسوية، وسميت بذلك لانها وقفت عنده ولم تأتم بإمام بعده، وتقول: إن موسى بن جعفر لم يمت ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهو المهدي المنتظر.
 
وينبغي أن نشير هنا إلى أن الخلاف بين الإسماعيلية وبين الإمامية يبتدأ عند الإمام موسى الكاظم، فالإسماعيلية يشتركون مع الشيعة الإمامية في الاعتراف بالأئمة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى جعفر الصادق، ثم يختلفون معه في أن الإمامة لم تنتقل منه إلى موسى الكاظم بل انتقلت إلى إسماعيل بن جعفر الصادق دون أخيه موسى الكاظم، وهم على أقوال، فمنهم من يقول: إن أباه جعفر مات قبله، وانتقلت الإمامة إليه بموته، ومن قائل: إنه مات قبل أبيه. وفائدة النص ثبوتها في بنيه بعده. ثم يقولون: إنها انتقلت من إسماعيل المذكور إلى ابنه محمد المكتوم، ثم إلى ابنه جعفر الصادق، ثم إلى ابنه محمد الحبيب ثم إلى ابنه عبيد الله المهدي أول خلفاء الفاطميين ببلاد المغرب، وهو جد الخلفاء الفاطميين بمصر.
 
وتروى عن الإمام موسى الكاظم كلمات في الموعظة والزهد، تقبس من مشكاة النبوة، منها قوله: ما أهان الدنيا قوم قط إلا هنأهم الله إياها وبارك لهم فيها، وما أعزها قوم قط إلا نغصهم الله إياها. ووقوله: إن قوماً يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفاً، فهم الآمنون يوم القيامة. وذكر عنده بعض الجبابرة فقال: أما والله لئن عزَّ بالظلم في الدنيا ليذلنَّ بالعدل في الآخرة.
 
كان رضي الله عنه يقول: إذا صحبت رجلا وكان موافقاً لك، ثم غاب عنك فلقيته فاضطرب تجليك عليه، فارجع إلى نفسك فانظر فإن كنت اعوججت فتب، وإن كنت مستقيماً فاعلم أنه ترك الطريق، وقِفْ عند ذلك، ولا تقطع منه حتى يستبين لك إن شاء الله تعالى.
 
والعجيب أن ينسب أحد مؤلفي الشيعة في القرن السابع إلى الإمام موسى الكاظم وعدد من أئمة آل البيت الاعتقاد بالنجوم وصدقها، وأنه يمكن معرفة وقت الوفاة من النجوم، فقد ذكر ذلك عنه ابن طاووس، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني، المولود سنة 589 والمتوفى سنة 664، في كتابه فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، وجعله فيه والإمام علي رضي الله عنه من علماء النجوم والتنجيم، وهو بهتان صراح، فلم يكن هذا الاعتقاد الضال الموهن وأمثاله شائعاً في تلك الحقبة التي شهدت نهضة علمية تنويرية، ربطت الأمة بمنابع العقيدة والإسلام، ووجدت هذه الاعتقادات فيما بعد طريقها إلى النفوس مع وهن الخلافة العباسية وغلبة عنصر فارسي، عربي اللسان، أعجمي الفكر، بدلاً من العنصر الفارسي في صدر الدولة العباسية الذي كان عربي اللسان إسلامي الفكر.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين