حدث في الثامن من ربيع الأول

 

 

محمد الرابع أول سلطان عثماني يقود جيشه في حرب مع روسيا 

 

 

 

 

في الثامن من ربيع الأول من عام 1089 الموافق 30 نيسان/أبريل 1678 قام السلطان العثماني محمد الرابع بقيادة جيشه للهجوم على قلعة جهرين في أوكرانيا، ليكون أول سلطان عثماني يقود جيشه في حرب مع روسيا ستكون الأولى في سلسلة حروب ستستمر قروناً بين الدولتين الجارتين، وجرت الحرب الروسية التركية الأولى بسبب أوكرانيا، وتغيير ولاء حكامها.

 

كانت لكل من روسيا والاتحاد البولندي الليثواني مطامع في أوكرانيا، وضمت روسيا شرق أوكرانيا، حتى نهر الدنيبر، أما بولندا فسيطرت على غربه، ولكن الزعيم بودان خملِنتسكي قاد القوزاق في ثورة على البولنديين، وطلب المساعدة من العثمانيين والسويد الأعداء التقليديين لبولندا في تلك الفترة، ولما لم يلق استجابة لطلبه، اتجه إلى روسيا التي وجدت في طلبه فرصة لتمد نفوذها إلى غربي أوكرانيا، وهكذا نشبت الحرب بين روسيا وبين بولندا، والتي ستدوم 11 سنة.

 

وفي سنة 1664 برز زعيم أوكراني جديد من القوزاق اسمه بيتر دوروشينكو يدعو لاستقلال البلاد وقيام دولة أوكرانيا الموحدة، ولكن روسيا أثارت عليه أنصارها في شرق أوكرانيا فطلب دوروشينكو الدعم من تتار القِرِم ومن السلطان العثماني، واستطاع القضاء على التمرد،  ليصبح الرجل القوي في أوكرانيا.

 

وحفز الدعم الذي جاء لدوروشينكو من القِرِم ومن العثمانيين روسيا وبولندا على تناسي خلافهما وتوقيع معاهدة أندروسوفو في سنة 1667، والتي أنهت الحرب، وتضمنت تقسيم أوكرانيا وفقاً خط يشكله نهر الدنيبر، فأخذت روسيا المناطق الواقعة شرقي النهر بما فيها كييف ومقاطعة سمولنسك وسيفرسك، وأخذت بولندا المناطق الواقعة غربي النهر.

 

وكانت المعاهدة صدمة كبيرة للزعيم دوروشينكو فيمم وجهه إلى استانبول طالباً العون من السلطان العثماني، وبفضل الدعم العثماني استطاع هزيمة البولنديين واحتلال المناطق الغربية، وأصبح في سنة 1668 زعيم أوكرانيا دون منازع، ولكنه لم يمتع بهذا طويلاً فقد اتحد أعداؤه الداخليون والخارجيون ضده وشنت بولندا هجوماً أجبره على التخلي عن المناطق الغربية.

 

وهنا نتوقف برهة لتوضيح بعض النقاط التي لا غنى عن ذكرها، وأولها أن الزعيم الأوكراني دوروشنكو لم يكن زعيماً مطلقاً بل كان معيناً من قبل مجلس من الزعماء الأوكرانيين ويستمد شرعيته من تأييدهم له، وثانيها أن روسيا في تلك الحقبة كانت دولة من الدرجة الثانية تتفوق عليها بولندا في القوة العسكرية والاقتصادية وتتساويان في عدد السكان، وثالثها أن بولندا كانت إحدى أقوى الدول الأوربية آنذاك، وربما الثالثة بعد بريطانيا وألمانيا، والنقطة الرابعة أن بطركية كييف كانت تكافئ بطركية موسكو لدى الروم الأرثوذكس، فلما استولت روسيا على كييف توحد مركز الثقل في الكنيسة الأرثوذكسية في موسكو، والنقطة الأخيرة أن الدولة العثمانية منذ فتح القسطنطينية اعتبرت السلطان بمثابة قيصر الروم المندثر، وجعلته حامي الكنيسة الأرثوذكسية، ولما كانت بولندا كاثوليكية الديانة، فإن سيطرتها على أوكرانيا الأرثوذكسية كانت تصطدم بمبدأ جوهري في السياسة العثمانية وهو ألا تسمح للكنيسة الكاثوليكية بالهيمنة على الأرثوذكس.

 

وكان دوروشنكو قبل بضعة أشهر قد نال تأييد مجلس الزعماء لمسعاه في التحالف مع الإمبراطورية العثمانية وأرسل إلى استانبول وفداً من القوزاق للتفاوض عليه، وفي سنة 1669 أيد المجلس العسكري العام لأوكرانيا هذا التحالف، والذي أعلنه السلطان محمد الرابع في أواخر سنة 1079=1669.

 

وهنا ينبغي أن نشير إلى علاقة وثيقة وغير سياسية بين أوكرانيا وبين السلطان محمد الرابع، فقد كانت والدته خديجة تُرخان جارية أوكرانية الأصل، وكان محمد الرابع قد تولى العرش في سنة 1058=1648 ولما يتجاوز عمره 7 سنوات ، بعد أن دبرت جدته السلطانة كوسم مع رجال البلاط خلع والده السلطان إبراهيم ثم قتله، ووضعوا جدته في منصب نائبة السلطنة، ويقال لها بالتركية: والده سلطانة أي السلطانة الوالدة، ومحمد الرابع هو أصغر سلطان في تاريخ الدولة العثمانية.

 

وكانت الجدة السلطانة كوسم امرأة قوية طموحة مراوغة، ثم أرادت الجدة بعد 3 سنوات قتل حفيدها لتضع محله حفيداً آخر من أم أخرى، وانكشفت الخطة فقُتلت الجدة في سنة 1061=1651، وتحولت نيابة السلطنة إلى أم السلطان؛ السلطانة خديجة ترخان، التي كان عمرها 24 سنة.

 

وكانت السلطانة خديجة امرأة صالحة ذكية ليس لها مطامع شخصية، وتسلمت السلطة في وقت استشرى فيه الفساد والاختلاس في الدولة العثمانية، وانقسم رجال الديوان السلطاني شيعاً وأحزاباً في الوقت الذي خاضت فيه الدولة حربين مع البندقية على جزيرة كريت وفي بحر إيجة، واستمرت الحربان 25 سنة واستنزفتا خزينتها وتركتها شبه خاوية، وحل بسببها الضيق على الناس في أرزاقهم وضرائبهم، وبعد أن جربت السلطانة بضعة عشر شخصاً في منصب الصدر الأعظم، ومرت الدولة من جراء ما سبق بإحدى أسوأ الأزمات في تاريخ السلطنة، ثم اهتدت السلطانة في  سنة 1066=1656 إلى الوزير زاده محمد باشا كوبريلي، العجوز الألباني الأصل الذي قارب الثمانين، فعينته في منصب الصدر الأعظم، فاتخذ على الفور عدداً من الإجراءات الإدارية والدموية أعادت الاستقرار للدولة، ولما لمست السلطانة تُرخان كفاءته وإخلاصه تركت له مطلق الصلاحية لتبرهن عن تجرد نادر، وتفرغت لبناء عدد من الآثار العمرانية منها يني جامع في منطقة إمينونو في استانبول والذي دفنت فيه.

 

وعمل كوبريلي عملاً دائباً لإعادة الدولة العثمانية إلى مجدها وهيبتها، حتى وفاته في سنة 1072=1161، وخلفه ابنه فاضل أحمد باشا الذي قاد الجيش العثماني وهزم به جيش الإمبراطورية الألمانية في معركة نيوشاتل في سنة 1074=1663.

 

ونعود إلى دوروشنكو الذي واجه منافسين له أيدتهم روسيا أو بولندا وتمكنوا من تهديده تهديداً خطيراً فطلب العون من العثمانيين، فجهز الصدر الأعظم فاضل أحمد باشا كوبريلي جيشاً من 100.000 جندي، وقاد  الحملة السلطان محمد الرابع، الذي كان قد بلغ الثلاثين من عمره، واشتُهِر بحب الصيد والذهاب أياماً طويلة في رحلاته،حتى لقب بالصياد، ولكنه رغم تركه الأمور للصدر الأعظم إلا أنه كان قريباً من الأحداث العسكرية إذ كان يتخير أن تكون رحلات صيده قريبة من مواقع جيشه على خطوط القتال، وكان كذلك قريباً من الشعب لأنه كان يجلس لعامة الناس في أثناء صيده ويستمع لمطالبهم وظلاماتهم ويفصل فيها.

 

وغزا الجيش العثماني بولندا يقوده السلطان محمد الرابع بصحبة أكبر أبنائه الأمير مصطفى والبالغ من العمر 8 سنوات، واستطاع هزيمة القوات البولندية في معركة تشرتفينفكا في سنة 1672، ثم إخضاع المناطق التي سيطر عليها منافسو دوروشنكو، وانتهت الحرب بعد 6 أشهر بأن وقعت بولندا مع الدولة العثمانية في سنة 1083=1672 معاهدة بوشاش، أو بوزاكس، التي تضمنت سلخ مقاطعة بودوليا، ويسميها الأتراك كامينجه، عن أوكرانيا وضمها إلى أراضي الدولة العثمانية بصفة ولاية مستقلة، وأن تقوم في جنوب أوكرانيا إمارة قوزاقية يتزعمها دوروشنكو تحت الحماية العثمانية.

 

ورفض مجلس الأشراف في بولندا، وهو بمثابة البرلمان، الموافقة على معاهدة بوشاش، وقوى من موقفه وعود الدعم من ألمانيا والدولة البابوية، وشن القائد البولندي البارع جون سوبيسكي الحرب على العثمانيين واستطاع استرجاع أراض كثيرة منهم ثم هزمهم هزيمة منكرة في معركة خوتين في سنة 1084=1673، وأدى هذا الانتصار إلى أن انتخب ملكاً على بولندا لوفاة ملكها ميخائيل ويسنيويكي، واتخذ لقب جون الثالث، وتحرك بعد هذه الهزيمة الجيش العثماني وعلى رأسه السلطان والصدر الأعظم ودخل أوكرانيا وبولندا، وانتهت الحملة بأن وقعت تركيا وبولندا في سنة 1087=1676معاهدة زوراونو بشروط أفضل بقليل من تلك التي تضمنتها معاهدة بوشاش.

 

ولم تنجل الحرب البولندية التركية عن معاهدة بوشاش فحسب، بل تسببت في حرب أهلية بين مؤيدي بولندا وبين مؤيدي تركيا، ونتج عنها خراب هائل في الحواضر الأوكرانية هرب بسببه أغلب سكان المناطق الشرقية إلى المناطق الغربية، وأدى كل ذلك إلى انفضاض الأوكرانيين عن دوروشينكو الذي اضطره ذلك للاعتماد أكثر فأكثر على القوات العثمانية، وزاد ذلك من النقمة الشعبية عليه وظهور مقاومة واسعة وقوية ضده، وانتخب مجلس الزعماء في سنة 1084=1674 زعيماً أوكرانياً جديداً اسمه إيفان سامويلوفيتش استطاع هزيمة دوروشينكو الذي استسلم له في أواخر سنة 1676، وأخذ للمنفى في موسكو حيث قضى بقية حياته في روسيا.

 

وتوفي في نفس الوقت الصدر الأعظم فاضل أحمد باشا كوبريلي، وخلفه زوج أخته وساعده الأيمن؛ قره مصطفى باشا مرزيفونلي وكان عمره 41 سنة، وعلى إثر هزيمة دوروشنكو جهز الصدر الأعظم في أوائل 1088=1677 جيشاً من 40.000 جندي ويقوده إبراهيم باشا الملقب بالشيطان، ومعه سليم كيراى خان القِرِم، وحاصر الجيش قلعة جهرين Chigrin‏ في أوكرانيا، والتي تبعد 250 كيلومتراً جنوب شرقي كييف، ولكن القوات الروسية والأوكرانية صمدت للحصار، وكبدت الجيش التركي خسارة قاربت نصف جنوده، فاضطر إبراهيم باشا للانسحاب، وبسبب هذا الإخفاق عزل الصدر الأعظم قائدي الحملة ولكنه لم يوفق في اختيار القائدين الجددين فقد كانوا أضعف من سابقيهما.

 

وإزاء هذا الفشل أعدت الدولة جيشاً آخر على رأسه السلطان محمد الرابع ومعه الصدر الأعظم، وغادر الجيش استانبول في الثامن من ربيع الأول، وهي أول مرة يقود فيها سلطان بنفسه حملة عسكرية على روسيا، فقد كان ذلك من قبل موكولا لقائد الجيش أو خان القرم، فآنذاك كانت روسيا كما ذكرنا دولة من الدرجة الثانية، وبقي السلطان في سيليسترا، وهي اليوم في أقصى الشمال الشرقي في بلغاريا، وتبلورت المعركة عند القلعة القوزاقية جهرين والتي تحصن فيها الروس بموافقة القوزاق، وكانت محاطة بمنطقة تنتشر فيها المستنقعات والتلال الصخرية ولا تسمح تضاريسها الوعرة لجيش كبير بالحركة فيها، وسقطت جهرين بعد أن حاصرها قرابة شهر الصدر الأعظم قره مصطفى، وتراجع الروس إلى ما وراء نهر الدنيبر يلاحقهم الجيش العثماني، وبعد انتهاء المعركة عاد السلطان محمد الرابع إلى أدرنة، العاصمة الفعلية له، إذ لم يكن يحب استانبول.

 

قال المحبي في ترجمته للصدر الأعظم في كتابه خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: ولما فُتحت هذه القلعة سر الناس سروراً عظيماً، لأن فتحها كان في غاية الصعوبة، وكان كثير من نصارى الروم ممن رأيتهم يزعمون استحالة فتحها، ويهزؤون بالوزير في قصدها، وشاع عنهم أخبار في انكسار عسكر المسلمين وهزيمتهم، وكانوا يظهرون الشماتة، وسبب ذلك ما يعرفونه من أنها تابعة لملك المسقور، يقصد إمبراكور الروس، وهذا الملك هو أكثر ملوك النصارى جيوشاً وأكبرهم ملكاً، قيل إن مملكته مسافة سنة طولاً ومثلها عرضاً … وبالجملة فإن فتح هذه القلعة كان من أعظم الفتوحات، وزُينت دار الخلافة ثلاثة أيام… وكنت الفقير إذ ذاك بقسطنطينية، وشاهدتها… ولم يبق شيء من دواعي الطرب إلا صرفت إليه الهمم، ووجهت إليه البواعث، واستغرق الناس في اللذة والسرور، واستُوعِب جميع آلات النشاط والحبور، وفشت المناهي وقصر فيها المحذور والناهي، وعلمت العقلاء أن مثل هذا الأمر كان غلطا، وأن ارتكابه جرم عظيم وخطا، وما أحسب ذلك إلا نهاية نهنهة السلطنة، وخاتمة كتاب السعادة والميمنة، ثم طرأ الانحطاط وشوهد النقصان، وتبدل الربح بعدها بالخسران.

 

لم تكن تلك الحملة الأخيرة للسلطان محمد الرابع على روسيا، فقد غادر استانبول إلى أدرنة في 5 شوال من سنة  1091= آخر سنة 1680 وأمضى فيها فصل الشتاء دون أن تنطلق الحملة وتهاجم روسيا، فقد جنح الطرفان للسلم ووقعا معاهدة بخشي سراي في 22 محرم 1092= 11 فبراير 1681، والتي قضت أن تقوم بين الطرفين هدنة مدتها 20 سنة، وأن يقتسما أوكرانيا فتكون لروسيا المناطق الشمالية من الدنيبر ولتركيا المناطق الجنوبية، وتُضَم إلى روسيا كييف العاصمة الأرثوذكسية.

 

وبعد هذه المعاهدة قامت السلطنة العثمانية في ذات السنة؛ 1092=1681، بشن حملة جديدة على هنغاريا التي كانت تابعة لإمبراطورية آل هابسبُرج النمساوية، وذلك بناء على طلب من النبيل الهنغاري إيمره ثوكوليImre Thokoly ‏، فقد كانت النمسا دولة كاثوليكية شديدة التعصب لا تقبل بوجود أي دين آخر، وقامت بالتضييق على البروتستانت الهنغاريين، وكان والد ثوكولي أحد زعمائهم الذين صادرت النمسا ممتلكاتهم وأعدمتهم في سنة 1670 بتهمة التآمر  على الإمبراطور ليوبولد الأول، وفي سنة 1673 علقت النمسا الدستور الهنغاري الذي كان يتضمن قدراً كبيراً من الحكم الذاتي، ووضعت هنغاريا تحت الحكم المباشر، وآلت زعامة المعارضة في سنة 1680 إلى النبيل ثوكولي الذي طلب التأييد من الدولة العثمانية وفرنسا، وحصل عليه، وبفضله استطاع السيطرة على أغلب شمال هنغاريا، مما اضطر الإمبراطور ليوبولد إلى إعادة الدستور في سنة 1681 وإلغاء كثير من الإجراءات القمعية السابقة.

 

وارتكب الصدر الأعظم قره مصطفى باشا ما يعده بعض المؤرخين خطأ جوهرياً عندما حاد عن السياسة العثمانية التي سار عليها أسلافه منذ بداية القرن السابع عشر الميلادي فيما يتعلق بالعلاقة مع الإمبراطورية النمساوية؛ وهي تقديم التفاهم والتعاون على المواجهة، فقد كانت النمسا على منافسة دائمة مع فرنسا، تتربص كل واحدة الدوائر بالأخرى، ولذا كانت السياسة العثمانية توازن علاقاتها مع الدولتين بما يخدم مصالحها ومحققة بذلك نفوذاً كبيراً لدى كل منها.

 

ولكن الصدر الأعظم قره مصطفى باشا أغرته الانتصارات التي حققتها قوات الأمير ثوكولي في هنغاريا، واعتبر أن النمسا في ظل قيادة الإمبراطور ليوبولد الأول وصلت إلى حد من الضعف لم تستطع معه هزيمة ثوكولي، فقرر أن الوقت قد حان لغزو النمسا.

 

وأعد الصدر الأعظم جيشاً كبيراً قاده كذلك السلطان محمد الرابع، انطلق من أدرنة في 3 ربيع الثاني من سنة 1094=1683، ووصل الجيش إلى بلغراد بعد قرابة شهر حيث تم فيها تجميع القوات اللاحقة بالجيش من الأناضول والولايات العربية، وبقي السلطان محمد في بلغراد حيث عين قره مصطفى باشا قائداً للجيش الذي بلغ تعداده 90.000 جندي، فسار به محققاً انتصارات متتالية حتى وصل في 19 رجب 1094= 14 تموز/يوليو 1683 إلى أسوار فيينا عاصمة النمسا.

 

ولكن هذا الجيش نشر الدمار والخراب في مسيره فقد نهب القرى والمدن وأحرق الزرع، قال المحبي في خلاصة الأثر: ولم يزل الوزير بمن معه من العساكر سائرين… وأطلق أمره في نهب القلاع والقرى التي على الطريق، فما كان للعسكر مشغلة إلا نهبها وإحراقها وإتلاف زروعها، فأحرقوا من القلاع المعلومة نحو مئة قلعة، وما يتبعها من القرى أشياء كثيرة جداً، وكل قرية من هذه القرى بمثابة بلدة تحتوي على ألف بيت أو أكثر، وجميع هذه القلاع والقرى في نهاية الإحكام وحسن البناء، وبيوتها في غاية من إتقان الصنعة، مسواة بالرخام وفيها من السماقي ما لا يوصف كثرة، وأكثر بيوت هذه البلاد ثلاث طبقات، الثالثة منها مصنوعة بالدف والخشب، وعاثت عساكر التاتار في بلاد الكفار… ونهبوا ما قدروا عليه من البلاد وحرقوها… ثم إن خان التاتار نور الدين كراي لحق كثيراً من الهاربين فقتل منهم مقتلة عظيمة، ومن أغرب ما وقع في هذا الأثناء أن سوقة العسكر كانوا يدخلون قلعة من القلاع المذكورة فيرون فيها أناساً قلائل من النساء والرجال العاجزين عن الحركة، فيقتلونهم ويستولون على القلعة ثم يطلقون فيها النار، فعلوا هذا في أكثر من أربعين قلعة.

 

ودقت أجراس الخطر في كنائس أوروبا خشية من أن يتكرر سقوط القسطنطينية، وكان خطر سقوط فيينا خطراً جد محتمل، حتى إن الإمبراطور ليوبولد الأول وحاشيته غادروها قبل وصول الجيش العثماني إليها، وكان عدد المدافعين عن فيينا 40.000 من الجنود والمواطنين، وكانت أسوارها وتحصيناتها قد جددت قبل بضعة عشر سنة، ثم جرت تقويتها مع وصول أخبار الحشد العثماني.

 

وشكل البابا أنوسنت الحادي عشر تحالفاً دعي بالعُصبة المقدسة، وتكون من النمسا وجمهورية البندقية والدولة البابوية، وأرسل رسله إلى ملوكها ونبلائها وأساقفتها منادياً بالنفير في أنحاء أوروبا، ولبى نداءه إمارتا بافاريا وسكسونيا وعدد من النبلاء الألمان، ووعد البابا الملك البولندي جون سوبيسكي الثالث بمساعدات مالية كبيرة لإغرائه بالمشاركة في طرد الأتراك عن فيينا، وكان الملك البولندي قد وقَّع عندما بدأت الحملة العثمانية حلفاً دفاعياً هجومياً مع الإمبراطورية النمساوية، ولكنه بقي متردداً  حتى أقنع البابا الأمير شارل الرابع دوق اللورين في الانضمام للجيش النمساوي.

 

وحاصر جيش قره مصطفى فيينا ولكنه لم يستطع كسر دفاعاتها بالسرعة الكافية، فقد كرر التاريخ نفسه، ومثلما حصل في حصار السلطان سليمان القانوني لفيينا قبل حوالي 125 سنة، كان الجيش العثماني يفتقد إلى مدافع الحصار الثقيلة، بل كانت مدافعه تعد 150 مدفعاً مقابل 260 مدفعاً على أسوار فيينا، ولذلك استغرق حوالي 6 أسابيع حتى استطاع الاستيلاء على كافة حصون فيينا الأمامية، وهدم أسوارها بالمدافع وألغام البارود، وبدأ نقابوه في حفر الأنفاق تحت أبراج السور وحشوها بالبارود ونسفها، وهو عمل أتقنه العثمانيون إتقاناً متميزاً، وبالفعل نجحوا في نسف برج ثم آخر بعده، وتوقع المدافعون أن يشن الصدر الأعظم هجومه الحاسم المنتظر في اليوم التالي، ولكنه بدلاً من ذلك قام باستعراض جنوده أمام المدافعين أملاً في أن يدب اليأس في قلوبهم وتستسلم المدينة.

 

وبينما العثمانيون ينتظرون سقوط فيينا، إذ انقض عليهم من التلال المحيطة بفيينا جيش تعداده 80.000 جندي، يقوده الملك البولندي جون الثالث، ودوق اللورين شارل الرابع، والأمير يوجين السافويّ Eugene of Savoy‏ الذي ترك خدمة ملك فرنسا لويس الرابع عشر وانضم إلى بلاط الإمبراطور ليوبولد الأول ليقاتل الأتراك.

 

وهاجمت قوات التحالف يقودها الملك جون سوبيسكي الثالث العثمانيين في فجر 20 رمضان من سنة 1094=12 أيلول/سبتمبر 1683، وانجلت المعركة بعد 15 ساعة من القتال الشديد عن انهزام قره مصطفى باشا وجيشه هزيمة منكرة، وهربوا تاركين وراءهم كافة المدافع والذخائر والمؤن، التي استغرق المنتصرون أسبوعاً في تجميعها بعدهم.

 

ويقول المؤرخون إن قره مصطفى ارتكب عدة أخطاء أولها تلكؤه في الهجوم على فيينا بعد نسف البرجين، كما يقولون إن هجوم قوات النحالف عليه لم يكن مفاجأة مطلقة، فقد كان جواسيسه قد أبلغوه باستعداد هذه القوات للهجوم، ولكنه توقعها في الليلة السابقة فاستنفر قواته فيها ثم استرخى في اليوم التالي، ومن ناحية أخرى لم يقدر حجم القوات المهاجمة تقديراً جيداً فترك الإنكشارية في الخنادق وحاول صدهم بفرسانه، وساهم في هزيمته أن المهاجمين ترادفوا في هجماتهم، فقد هجمت على ميمنته قوات اللورين أولاً ثم تلتها قوات ساكسونيا، وتلتهم في الهجوم عليها قوات بافاريا قبل أن تعقبها قوات سوبيسكي وتزيح ميسرة الجيش العثماني.

 

وتراجع قره مصطفى مع من بقي من جنوده حتى وصل بلغراد، وتعقبت قوات العصبة المقدسة فلول المنسحبين دون رحمة بالقتل والمطاردة، وهاجمت على عدة جبهات واستولت في طريقها على المدن والبلاد، وأرسل قره مصطفى رسالة إلى الإمبراطور النمساوي يتهدده بالانتقام، ولم يوردها المحبي في خلاصة الأثر ولكنه أورد جواب الإمبراطور عليها، ونقتطف - بتصرف- بعضاً مما جاء فيه عبرة وعظة: أنهي إليك أيها الوزير الأعظم والسردار الأكرم بناء على المحبة، دعاء لائقاً، وثناء فائقاً، وقد ورد من طرفك على يد سردار عسكرنا ما يقال إنه رسالة، فحين وصولها جمعنا وكلاءنا وأمراءنا ورهباننا، وقرئت الرسالة بمحضرهم وفهم مضمونها، فقولك فيها إن السلطان مراد الأول الغازي القديم لما مضى إلى رحمة الله الجواد الكريم، ولّى ابنه الذي فتح قسطنطينية، وهو السلطان، محمد فصرف في سبيل الجهاد بصفة العطية للمجاهدين ألف حمل ذهباً، وأن سلطنتكم اليوم أعظم شأناً وأزيد مملكة وأعواناً مما كانت عليه في زمنه. فهذا السلطان محمد الذي ذكرتَه كان سلطاناً عاقلاً عادلا، وملكاً لا نجد له بين الملوك معادلا، قد نال ما ناله بعدالته، وظفَّره الله تعالى بما أراده بعنايته.

 

ثم يتابع الإمبراطور جوابه: وأما طلبك أن نرفع يدنا عن المجر، أي هنغاريا، لأنهم هم السبب في هذه الفتنة، فهذا الكلام غير مفهوم وهل هو إلا أمر بنزع تاجنا عن رأسنا؟! وأما قولك: ويكون ذلك مدار الصلح والصلاح. فهل طلبنا منكم الصلاح والصلح؟! نحن لا نطلب الصلح ولا نترجاه، ولا يخطر على بالنا بعد الفساد الذي شاهدناه! وأما نقض العهد فمن ابتدأ به سيلقى غبه ويتجرع منه ما لا يسيغه إذا كلف شربه، قد راعينا فيما سلف العادة القديمة، ورعينا الذمة المستقيمة… فخرج حاكم بوديم وأغار على بلادنا، وأنزل بها الهوان، فهل يليق هذا التعدي الذي ما وقع في عصر من العصور، ثم بعد ذلك وقع لرسلنا من الإهانة والحبس، ما استدللنا به على النصرة لطرفنا، فإن الله غيور! وقولك: إن سلاطينكم أصحاب مال وعسكر كثير، فنحن نعرف هذا المقدار، ولكن كسر العسكر الكثير، وهلاك من نقض العهد، عادة أزلية لذي الجلال القهار.

 

ولما وصل خبر هذه الهزيمة إلى السلطان محمد الرابع أمر بقتل الصدر قره مصطفى باشا، وعين مكانه إبراهيم باشا وذلك في المحرم من سنة 1095.

 

وكانت لهزيمة فيينا نتائج عسكرية سلبية على الدولة العثمانية، لأنها أظهرت، ولأول مرة في تاريخ المواجهة بين العثمانيين والقوى الأوربية، أن الجيوش الأوروبية كانت تعادل الجيوش العثمانية من حيث مهارتها في المناورة بالقطعات العسكرية والاستعمال المجدي للأسلحة التي بحوزتها، ولكن النتائج السياسية للهزيمة كانت أسوأ بكثير، فقد نتج عن حصار فيينا تشكيل تحالف العصبة المقدسة المؤسس على معاداة الدولة العثمانية والتصدي لها، وانضمت بولندا رسمياً للعصبة في سنة 1084، ثم لحقتها روسيا التي ضربت عرض الحائط بمعاهدة بخشي سراي وانضمت رسمياً إلى العصبة في سنة 1686.

 

وواجهت الدولة العثمانية هجمات منسقة من شركاء التحالف على أربع جبهات، فقد حاربت النمسا لتستعيد هنغاريا، وحاربت البندقية لتستعيد سواحل المورة وبعض دالماتيا في بحر إيجة، واستردت بولندا مقاطعة بودوليا، أما روسيا فأخذت أزوف على ساحل البحر الأسود، وبحلول سنة 1686 كانت أغلب هنغاريا قد خرجت من يد العثمانيين، وصارت عاصمتها بودا في يد النمسا بعد 140 من انتزاع سليمان القانوني لها، وذهبت أدراج الرياح الانتصارات القريبة مثل قلعة نيوهاوزِل التي استولى عليها الوزير كوبريلي في سنة 1074=1663.

 

وزاد الطين بُلة أن فرنسا التي لم تنضم للعصبة المقدسة  بسبب علاقاتها الحسنة ظاهرياً مع الدولة العثمانية، وعدائها للنمسا، قام أسطولها بالهجوم على طرابلس الغرب ودكها بالقنابل، بسبب هجوم القراصنة المجاهدين على السفن الفرنسية في البحر المتوسط،  وأدى هذا لتوتر العلاقات بين فرنسا والعثمانيين.  

 

وقام السلطان محمد الرابع بمحاولة لقلب هذا المد الغامر، ولكنه مني بهزيمة من أسوأ الهزائم في التاريخ العثماني، وهي هزيمته في معركة ناجيهارساني في 3 شوال من سنة 1098= 1687، وزاد في مرارة الهزيمة أنها كانت قريبة جداً من موقع معركة موهاكس التي انتصر فيها السلطان سليمان القانوني أعظم انتصار على هنغاريا في سنة 93=1526، وبعد هذه الهزيمة سقطت كل هنغاريا في يد النمسا، واستسلمت قوات عثمانية كثيرة واحدة تلو الأخرى، ومن جراء ذلك قام رجال البلاط السلطاني في سنة 1687 بخلع السلطان محمد الرابع ووضعوا محله أخاه غير الشقيق سليمان، وكان عمره 35 سنة، ولم يقم سليمان الثاني بقتل أخيه كما جرت العادة من قبل، فعاش محمد في أدرنة حتى أدركه فيها الموت في سنة 1693، ونقل جثمانه إلى استانبول ليدفن جانب والدته في يني جامع.

 

وأجرت حكومة السلطان سليمان الثاني في أوائل سنة 1689 مفاوضات مع النمسا زعيمة الدول المتحالفة بواسطة بريطانية وهولندية، ثم انتهزت فرصة اندلاع الحرب بين الإمبراطورية النمساوية وبين فرنسا، وهي الحرب المسماة عرب عصبة الأُجسبرج، والتي امتدت حوالي 8 سنوات من سنة 1689 إلى 1697، فهاجمتها    في أوكرانيا وحققت بعض الانتصارات التي جعلتها تتوقف عن التفاوض.

 

وتوفي سليمان الثاني في سنة 1102=1691 وتولى بعده أخوه أحمد الثاني، الذي حكم 4 سنوات استمرت فيها الحرب على وتيرة هادئة، وتوفي أحمد الثاني في سنة 1106=1695 وتولى بعده ابن أخيه السلطان مصطفى الثاني ابن السلطان محمد الرابع، وكان عمره 32 سنة، وكان متصفاً بالشجاعة والإقدام، فأعلن أنه هو من سيقود الجيش رغم معارضة الديوان السلطاني، وخاض أول معاركه في سنة 1107=1695 وحقق انتصارات رفعت الروح المعنوية لدى الأتراك، فقد استرجع ليبّا من بولندا، ثم هزم جيش النمسا هزيمة منكرة وقتل قائده، وبعد ذلك استولى على كارانسيبش في رومانيا، وعاد إلى استانبول ليدخلها مع 300 أسير في استقبال يليق بانتصاراته.

 

ولكن حملاته في السنوات المقبلة لم تكن ناجحة، ففي سنة 1108= آخر سنة 1696 استولى القيصر الروسي بطرس الأكبر على أزوف وحقق حلم روسيا في أن يكون لها ميناء على البحر الأسود، وفي أول سنة 1109= 11 أيلول/سبتمبر 1697، لقي مصطفى الثاني هزيمة ساحقة في زِنتا، وهي اليوم سنتا في شمال صربيا، فقد انقض الجيش النمساوي يقوده الأمير يوجين السافوي على الجيش العثماني أثناء عبوره نهر زنتا، وأمطره بوابل كثيف من مدفعيته ثم هجم عليه، فأوقع فيه خسائر فادحة تقرب من 25.000 قتيل هم نصف الجيش العثماني، ودبت الفوضى في صفوف العثمانيين وهربوا على وجوهم تاركين أسلحتهم وذخائرهم بما في ذلك صندوق يحتوي على مجوهرات السلطان، واستطاع الأمير يوجين بعد ذلك الاستيلاء على بلاد البوسنة.

 

وأجبرت الهزيمة السلطان على التفاوض بجدية مع النمسا، وبخاصة لأن فرنسا كانت في طريقها لتتخلى عنه وتوقع اتفاقاً منفصلاً مع النمسا، وذلك من شأنه أن يمكن الإمبراطورية النمساوية من تحويل قواتها من الجبهة الفرنسية ليقاتلوا العثمانيين، وتمخضت المفاوضات في 24 رجب سنة 1110=26 كانون الثاني/يناير 1699 عن معاهدة صلح حملت اسم القرية التي جرت فيها: معاهدة كارلويتز، وهي اليوم كارلوفجي في صربيا قرب بلغراد.

 

ودامت المفاوضات 72 يوماً، ومثل فيها الجانب العثماني وفد ترأسه رئيس الديوان السلطاني وتضمن القائم على العلاقات الخارجية ومعهما كبير الحجاب اليوناني الأصل اسكندر مافراكورداتو فناري، وحقق هؤلاء نتائج جيدة نظراً لموقف الدولة الضعيف، فلم تتضمن المعاهدة أي تنازلات عن أراض جديدة فوق ما خسرته الدولة العثمانية، فقد كانت الإمبراطورية النمساوية حريصة على أن تأمن جانب العثمانيين لأنها اعتبرت الخطر الأكبر عليها يأتي من فرنسا الدولة الكاثوليكية القوية والتي لم تخض الحرب، وبخاصة بعد بروز قضية وراثة العرش الأسباني، واختلافهما المحتم حوله.

 

وتضمنت المعاهدة اتفاقاً على هدنة مدتها سنتان بين روسيا وبين العثمانيين تحولت فيما بعد إلى اتفاقية استانبول التي وقعها البلدان في سنة 1700.

 

ومن ناحية أخرى يرى المؤرخون أن معاهدة كارلويتز كانت نقطة تحول في تاريخ الدولة العثمانية، فقد كانت الدولة في السابق توقع اتفاقات هدنة قصيرة الأمد، ولكن هذه المعاهدة تضمنت لأول مرة اتفاق سلام دائم مع بولندا والبندقية، واتفاقاً مدته 25 عاماً مع النمسا، كذلك تضمنت الاتفاقية لأول مرة اعترافاً صريحاً من الدولة العثمانية بحدود محددة ومعترف بها بينها وبين جيرانها.

 

أما معاهدة استانبول التي وقعتها الدولة العثمانية مع روسيا في سنة 1700، فقد حققت فيها روسيا كافة أهدافها الاستراتيجية، فقد أنهت المبالغ السنوية التي كانت روسيا تدفعها لخانات القِرِم، وألزمت الباب العالي بمنعهم من التعدي على الأراضي الروسية، كما حصلت روسيا على اتفاق إنشاء سفارة لها في استانبول، ولكن المكسب الأكبر كان تنازل الدولة العثمانية لروسيا عن ميناء أزوف.

 

فقد وضع بطرس الأكبر الخطوط العامة للسياسة الروسية مع تركيا والتي لا تزال متبعة حتى يومنا هذا، وهي أن تكون روسيا القوة الأكبر بين دول البحر الأسود، وأن لا تستطيع تركيا حرمانها من حقها في عبور المضائق والوصول إلى مياه البحر المتوسط.

 

ونختم بأن نشير أن بطرس الأكبر، الذي حكم روسيا من سنة 1682 إلى سنة 1725، أراد أن يضع هذه الخطة موضع التنفيذ في حرب أخرى شنها في مولدافيا في سنة 1700، وعقد فيها أمله على وهم أن يآزره رعايا الدولة العثمانية من الأرثوذكس فيثوروا عليها، وهو أمر لم يتحقق بالطبع، ولم يكن القوزاق معه هذه المرة، واستطاع الجيش العثماني ومحاربو القِرِم تطويقه، فاضطر مجبراً للموافقة على التراجع، ودفع ثمن ذلك أن انسحب من بولندا وأعاد أزوف للعثمانيين، ولكن ذلك الانتصار كان آخر انتصار عثماني في وجه العدوان الروسي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين