حتى لا تقول شعوب الجوار العربي: أكلنا يوم أكل الشعب السوري

في كلمته التي ألقاها بمناسبة يوم عاشوراء يوم الخميس 14 نوفمبر قال حسن نصر الله: (إن وجود مقاتلينا على الأرض السورية، هو للدفاع عن لبنان والقضية الفلسطينية، وعن سوريا، في مواجهة كل الأخطار التي تشكلها هذه الهجمة الدولية الاقليمية التكفيرية على هذا البلد). كلام حسن نصر الله هو فقط برسم الضحك على ذقون أنصاره الذين يحشرون في قاعة واسعة للهتاف والتصفيق ينظمهم المثل القائل: "حاضري الأجساد غائبي العقول". 

 

نحن السوريين مثلنا مثل اللبنانيين لا يخفى علينا ما يختبئ وراء كلمات نصر الله التي يوجهها في خطاباته.للأمانة لم يخفِ نصر الله في أي وقت من الأوقات جلوسه تحت عباءة ولي الفقيه. كما نعتقد أنه لا فرق بين ما يبطنه نصر الله ومايعلنه ولي الفقيه حتى في لبنان. ما زعمه نصر الله حين دفع مقاتليه داخل سورية بأن ذلك "للدفاع عن لبنان والقضية الفلسطينية، وسوريا". فكيف يستقيم هذا الكلام ومقاتلوه يقتلون السوريين ويقتلون الفلسطينيين بمخيم اليرموك، وقتلوا اللبنانيين في غزوة بيروت في أيار عام 2008. بل يسعى ليسود المذهب الشيعي على حساب المذهب السني الذي يدين به أكثر من 90% من سكان الدول الإسلامية في قارة آسيا لوحدها. وكيف يتهم حسن نصر الله مقاتلي الجيش الحر أنهم تكفيريون، وهم يدافعون ضد مقاتليه الذين استحلوا دماء الأطفال والنساء في سورية، بل التكفيريون هو نصر الله ومقاتلوه. 

 

لكن يظهر أن نصر الله الذي يقبع داخل محبسه، نسي أو تناسى، أن فصائل الجيش الحر عندما بدأت القتال لم يكن تسليحها إلا بنادق كلاشنكوف، قاتلوا بها جيش بشار أسد المجهز بالأسلحة الفتاكة بما فيها الطيران والسلاح الكيماوي، ويومها كان الجيش النظامي بأعتى قوته. وقداستطاعت تلك الفصائل أن تبسط  سيطرتها على أكثر من 70% من مناطق سورية. وكل ما تملكه الفصائل الآن من الأسلحة الثقيلة ( دبابات مدافع ميدان راجمات صواريخ)، كسبتها من الجيش الممانع الذي يقوده بشار أسد هو وأخوه ماهر.

 

وإذا كان هناك ضعف في فاعلية الجيش الحر عن ذي قبل، فهو بسبب خذلان المجتمع الدولي، خصوصا أصدقاء الشعب السوري في أوروبا وأمريكا، الذين وعدوه أكثر من مرة أن يسلحوه بسلاح دفاعي يحمي الشعب السوري من براميل النظام وكيميائه. وحتى ما وعدت به واشنطن من أجهزة اتصالات غير مميتة لم ترسل منها إلا النذر اليسير, ما سبب عدم تواصل الوحدات بين شمال سورية وبين جنوبها.

 

على أن ما حصل من تقدم لما تبقى من جيش بشار أسد المتعب مدعما بمقاتلي الحزب ومقاتلي أبو الفضل العباس في مدينة السفيرة شرق حلب، التي لم تكن كلها بيد فصائل الجيش الحر، بل كانت معامل الدفاع في غرب السفيرة باقية في يد النظام، هذا كان بخذلان العالم للسوريين. إن هذا المد الذي يصوره نصر الله على أنه اجتياح مظفر، إنما هو غوص في رمال متحركة في السفيرة وما حولها، سوف يحتاج إلى شبه معجزة كي يخلص مقاتليه من تلك الرمال.

 

نحن نرى سكاكين طهران والميليشيا التي تأتمر بأوامرها فوق رقاب السوريين،اسمحوا لنا أن نضع النقط على حروف الحاضنة العربية في دول الجوار، التي لم تبخل بالتعاطف والتشجيع وبعض الإغاثة، وخصوصا تيار المستقبل في لبنان الذين توقفوا عند حدود التأييد، وهم يرون حسن نصر الله لم يقصر في حربه الأهلية التي يشنها على أهل سورية، ليس في القصير وما جاورها فحسب، بل انداحوا بعيدا حتى وصلوا شمال شرق حلب. وإذا قدر لمقاتلي "الترويكا" (حزب الله، أبو الفضل العباس، طهران) أن يكسروا صمود أهل حلب لا سمح الله، فإن نصر الله سيرتد بمقاتليه إلى لبنان ليؤدبوا كل من وقف ضدهم ولو إعلاميا. عند ذلك فإن زعماء تيار المستقبل سيصبح كل واحد منهم "باش كاتب" في "سراي" نصر الله.

 

ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن على تيار المستقبل والجماعة الإسلامية في لبنان أن يفعلوا مثل ما فعل حسن نصر الله يوم دفع مقاتليه داخل سورية،فيهبوا لمؤازرة الشعب السوري "والرطل بدو رطلين". ونصر الله عندما فعل ما فعل فقد كسر سلام العيش المشترك اللبناني، هذا السلام الهش الذي كسره نصر الله ليحتل بيروت في يومي 7و8 أيار عام 2008. وإذا استطاع نصر الله الوصول إلى ما يريد في سورية، ونرجو الله ألا يتم له ذلك، فإن رجال أهل السنة في لبنان وفي العراق وفي دول الجوار العربي سيقولون: أكلنا يوم أكل إخواننا في سورية.

 

ونفس الكلام نقوله لرجال الأنبار في العراق وقد رأوا ميليشيات أبو الفضل العباس تقاتل ضد أهل السنة في دمشق وحلب. فأين كان شباب الأنبار عندما عبرت ميليشيا أبو الفضل العباس، حدود العراق ودخلت لتقتل المسلمين في سورية.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين