جهاديات (7)

 

"جهاديات"11

 

   بين الرضا بالواقع غير الشرعي والتعاملِ معه فرقٌ كبيرٌ وبونٌ شاسع، فإصدارُك لجواز سفرٍ تتميَّزُ فيه هويَّتُك وجنسيتُك وموطنُك والذي يكرِّسُ التجزئةَ والانقسامَ في الدولة الإسلامية الواحدة، لا يعني هذا أنك تقرُّ باتفاقية "سايكس بيكو"، بل أنت تتوصلُ بهذه الوثيقة إلى مصالحَ لا يسعُكَ الاستغناءُ عنها، كأداءِ فريضةِ الحجِّ مثلا، أونصرةِ المستضعفين بالسفر إليهم والجهادِ معهم !!

وقيامُك برفعِ دعوى قضائيةٍ ضدَّ مجرمٍ اعتدى على مالِكَ أو عِرضِك في محكمةٍ مدَنيةٍ تطالِبُ فيها برفع العدوان عنك،لا يلزمُ منه بالضرورةِ أنك راضٍ عن تلك المحكمةِ التي تقضي بالشرعِ المُبدَّل.. والأمثلةُ في ذلك لا حصرَ لها.

وإذا علمنا أنَّ أكثرَ مسائلِ التكفير اليومَ واستحلالِ الدماء هي من قبيل الإلزام بما لا يلزم، أدركنا أنَّ في تصحيح هذا المفهومَ لدى الدعاةِ والمجاهدين خصوصًا حلاًً لمعضلةٍ كبرى في الميدان.. وعلى الله التُكلان.

 

جهاديات" 12

 

 "بين الخَطأ الفرديّ والخَطأ المنهجيّ"

 

    الأخطاءُ الفرديةُ التي يرتكبُها آحادُ الناسِ لا يجوزُُ أن تتحمَّلها الجماعةُ التي ينتمي إليها.. هذا حكمُ الشرعِ ومنطقُ العَدل.

فقد أخطأَ بعضُ الصحابةِ الكِرامِ وَسَفَك الدمَ بالتأويل والاجتهاد، ولَقِيَ من توبيخِ النبيّ الكريم له ما ودَّ معه أنه أسلمَ حينئذ.

    فإذا كان مافعلهُ الفردُ من خطأ هو ممارساتٍ يوميةٍ لأفرادِ جماعته، لم يعُد الخطأُ فرديًا بل جماعيــًا !!

فإذا تبنـَّتهُ الجماعةُ ودافَعَتْ عنه واستَدلَّت له صارَ خطأً منهجيًا لا جماعياً فحسب.

 

"جهاديات"13

 

"جئتكم بالذبح"...

عبارةٌ كثيرًا ما تتردَّدُ على ألسنَةِ بعضِ الشباب المتحمّسين الذين لم يعرفوا من عظمةِ دينِهم ومحاسنِ شريعتهم إلا أنّه جاءَ بالذبح للكافرين والمرتدين والمخالفين، فاتَّبعوا المتشابهات وأعرَضوا عن المُحكَماتِ كمثلِ قوله تعالى:(وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)!!

 فهل سأل هؤلاء أنفسَهم كم شخصًا ذبَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده؟!

ولماذا لم يُطبِقْ عليهم الأخشَبين عندما عُرِضَ عليه ذلك؟! بل عفى عنهم عندما تمكَّن منهم يومَ الفتح وهم نحو عشرين ألفًا.

كيفَ جاءَهم بالذبح ولم يذبحْ بيده أحدًا قطُّ بل ولم يقتُلْ بيده إلا عدوَّ الله أبيَّ بنَ خلَف، وله قصةٌ معروفة؟!

"جئتكم بالذبح" خطابٌ خاصٌّ لنفرٍ من رؤوس الشرك بأعيانهم بالغوا في عداوته وإيذائه، وقد أطْلَعهُ اللهُ على الغيب وأشهَدهُ مصارعَهم  قبلَ مصرعِهم يومَ بدر، فهو يعلمُ بالوحي ألا ّسبيلَ لهدايتهم وإيمانهم وأنَّهم قتلى لامحالة.

"جئتكم بالذبح" يفهمُ منها الأغرارُ أنَّ اتّباعَ السُنَّة في القتلِ لابدَّ فيه من حزّ الرقاب بالسكاكين وتتشوَّفُ نفوسُهم لفعل ذلك بغضّ النظر عن تبعاته، حرصاً بزعمهم على موافقة السنَّة!!

إشكالياتُ القوم لا يحلُّها وربي إلا التفقُّهُ في الدين على يد العلماء الربانيين..لو كانوا يعلمون.  

 

"جهاديات"14

 

ضوابطُ النقدِ البَنَّاءِ أُلخِّصُه بكلمات:

 

1. أن يتجرَّد عن هوى النفس.

2. أن يكونَ بعلمٍ ودرايةٍ وتثبُّت.

3.أن يُرادَ به الإصلاحُ لا الإفساد.

 

وبعكس ذلك يكونُ النقدُ الهدّام.

 

 هذه الشروطُ يحتاجُ الناقدُ إلى أن يلحظَها في نفسه لكي يكونَ موفَّقًا في نقده، ويحتاجُ المُنتَقَدُ ألا يلحَظَها في الناقِدِ ولا يلتَفِتَ إليها لكي يكونَ موفَّقًا في تقويم نفسِه بنقد الآخرين.

 

"جهاديات"15

 

  من أعظم أسرارِ الهداية إلى الحقّ أن تدعوَ ربَّك بقلبٍ حاضر قائلاً:"اللهمَّ ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السماواتِ والأرضِ، عالمَ الغيب ِوالشهادةِ، أنت تحكمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ".              ?

فيطَّلِعُ اللهُ على قلبك فيجدَ فيه الجاهزيةَ على مخالفةِ كلّ الخلقِ في سبيل موافقةِ ما يرتضيه من الحقّ.

أعتقدُ جازمًا أنَّ مَن فعلَ ذلك لن تتأخَّرَ الهدايةُ عنه طَرفةَ عين.

أيُّها المُخالِفُ المُكرَّمُ أيًا كنتَ.. وكذا أنت أيها الموافق الحريص على موافقة المنهج الحق، هل لديك التجرُّدُ اللازمُ لفعلِ ذلك؟

 

إذن افعلْهُ الآن.

 

"جهاديات"16

 

إذا أردت أن تعرف منهج جماعة ومدى بعدها أوقربها من الحق، فانظر في منهج علمائها الذين تتبعهم وتأخذ عنهم.

فكيف إذا لم يكن لها علماء؟!!

فكيف إذا كانت تحارب العلماء؟!!

فكيف إذا كانت تكفر العلماء؟!!

 

"جهاديات"17

 

قالوا: ? يُفتي قاعدٌ لمجاهد !!!

فلما أفتاهم قادتُهم في الجهاد بفساد رأيهم وض?ل مسلكهم قلبوا لهم ظهرَ المِجَنّ، فلم يبقَ لهم رؤوسً معتبَرة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين