جامع الزكي ... من آثار المماليك في حلب

 نضال يوسف

 

"جامع الزكي" هو من الجوامع الإسلامية القديمة في مدينة "حلب" وعلى الرغم من أنّ تاريخ بنائه قد تجاوز 700 سنة إلا أنّ أهل "حلب" مازالوا يؤمونه لأداء صلواتهم فيه، وإضافةً إلى ذلك فهو يعد من الأماكن الأثرية المستقطبة للزوّار سواء من داخل القطر أو من السياح العرب والأجانب.
 
حول موقع الجامع وتاريخه يقول الباحث الأثري "عبد الله حجار": «يقع "جامع الزكي" على بعد مئة متر إلى الشمال من "باب النصر" وقد كان مسجداً عمرياً /أي كان يحوي مأوى للإقامة فيه/ ثم قام بتجديده "محمد الزكي" أحد أجناد الحلقة وينتهي نسبه إلى "الحسين بن علي" كرّم الله وجهه، ثم وسعه "ناصر الدين الحجيج" الأستادار بحلب في العام 829 هجرية/ 1426 ميلادية.
هناك كتابة موجودة على نجفة فوق مدخله أبعادها متر وثلاثين سم x 60 سم وتحوي خمسة أسطر هذه نصها: "بسم الله الرحمن الرحيم، سيماه حسبما رسمه المقر العالي المولوي السيفي قنباي أعز نصره الحمزاوي الملكي الظاهري كافل المملكة الحلبية المحروسة أن لا يأخذ درهماً على جامع الزكي رحمه الله تعالى بتاريخ سنة ثلاث وأربعون وثمانمئة وملعون ابن ملعون من يأخذ من درهم فرد 843 هجرية"/ 1439 ميلادية».
وحول "قنباي" الذي ذُكر في الكتابة يقول: «"قنباي" أو "قانباي" هو مملوك للأمير "سودون الحمزاوي" الذي ينسب إليه وكان في  بداية عمله في خدمة الأمير "تغرى بردي" والد الكاتب "أبي المحاسن" وقد تقدم سريعاً بعد موت "المؤيد شيخ" العام 824 هجرية وأصبح نائب الغيبة للسلطان "المظفر أحمد" / أي ينوب عنه عند غيابه/ ما سبب له الخصام مع "جقمق" الذي أصبح فيما بعد سلطاناً في العام 842 -857 هجرية وبعد سجنه المؤقت أيام الظاهر "طاطار" 824 هجرية أرسله السلطان "برسباي" إلى دمشق وأصبح في العام 837 هجرية حاكم حماة ثم حاكم طرابلس في العام 842 هجرية ثم حاكم "حلب" بين عامي 843 -848 هجرية وقد نقله "أشرف أينال" العام 860 هجرية إلى دمشق ليبعده عن "حلب" الذي أصبح له فيها نفوذ كبير، توفي العام 863 هجرية 1459 ميلادية».
وورد في كتاب /تقصي خطى الدولة العثمانية في "حلب"/ -تأليف مجموعة باحثين من سورية وتركية ما يلي حول "جامع الزكي": «هو جامع قديم /عمري/ بناه "علي بن سعيد الزيني" أحد الأمراء في "حلب" أيام دولة الأتراك المماليك في حدود العام 700 هجرية /1300 ميلادية، ووقف عليه أوقافاً جليلة، نُسب هذا الجامع إلى "محمد الزكي" وهو أحد مشايخ الطرق العلية كان يقيم فيه أذكاره، في شرقي الجامع قبلية أخرى واسعة أنشاهأ "حجيج الناصري أمير عرب" في حدود السنة 829 هجرية/ 1425 ميلادية وقد اشترى قطعة ارض من "أوج خان" المجاور في شرقيها وعمّرها ووقف لها أوقافاً جليلة، كما رمم الجامع وزيد فيه النصف الشمالي من الصحن وبُنيت الحجرات التي في شماله من قبل العلائي "علي بن النجمي سعيد بن يمن الملطي" في العام 1516 م».
وحول عمارة الجامع ورد: «للجامع بابان موجهان إلى الغرب بينهما قسطل وفوق الجنوبي منهما منارة، وللجامع قبليتان إحداهما شرقية والأخرى جنوبية متصلتان ببعضهما البعض وفي الشمال غرف وفي الغرب مدخلان بينهما رواق».
وحول الإضافات والترميمات التي جرت في الجامع خلال الفترة العثمانية: «غربي الجامع رواق في صدره محراب وفي هذا الرواق بعض حجرات يسكنها الفقراء وكان مكتوباً على جبهة الرواق: "جدد هذا المكان المبارك الفقير إليه تعالى الحاج محيي الدين بن الحاج عبد القادر محب في غرة شهر رجب الفرد سنة 1124 هجرية"، أي 1724 م ولكن هذا النص زال ولا تزال اللوحة باقية.
كان في وسط القبلية حوض ماء عمّره "أحمد الخوجة" إمام هذا الجامع حوالي 1270 هجرية/ 1853 م وهو غير موجود اليوم وربما كان هو الحوض الموجود شرقي الباحة».
 
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين